تدور رحى الحروب فى معظم أنحاء المسكونة تقريباً مدفوعة بطموحات الهيمنة من قبل القوى الكبرى ذات الأحلام التوسعية التى تكرس كل ما لديها من أسلحة وهى لا تدرى انها تقتل الحياة نفسها بعدما خربت طبيعة الكوكب التى جبله الله عليها.. وقد أكدت جميع الدراسات التى أجراها المتخصصون فى مجال البيئة.. أن العالم يسير بخطى حثيثة نحو خط النهاية بفعل الوقود الأحفورى (البترول والفحم والغاز) التى لابد أن يتوقف استخدامها واحلالها بمصادر الطاقة المتجددة.. وتعد البيئة إحدى ضحايا الحروب الصامتة وان لم تعد كذلك اذ أنها بدأت تثور وتوجه ضرباتها الشرسة من خلال الفيضانات والأعاصير المدمرة وموجات الحر القاتلة وحرائق الغابات التى تعجز الدول الكبرى عن مواجهتها.. وبالرغم من تحذيرات العلماء بضرورة العمل على وقف ارتفاع درجات الحرارة كثرت الحروب والصراعات كالحرب الروسية – الأوكرانية التى من المتوقع أن تكون لها عواقب كارثية وخيمة على المناخ .. لقد بدأت كل من الولايات المتحدة وأوروبا بتخزين الفحم كاجراء احترازى حال أن رفضت روسيا بيع الغاز الطبيعى وقررت الاعتماد على الفحم مؤقتاً حتى يتم حل الأزمة أو الحصول على مصادر بديلة للغاز الطبيعي.. لقد أدت الحرب فى سوريا إلى تلوث المسطحات المالية المجاورة للمعسكرات من خلال إلقاء النفايات بمختلف أنواعها وعلى رأسها نفايات الوقود والمواد الكيميائية المستخدمة فى صيانة السفن الحربية .. وتؤكد الاحصائيات أن الولايات المتحدة وحلفاءها أطلقت ما يزيد على 337 ألف قنبلة وصاروخ على دول أخرى خلال العشرين عاماً الماضية وأن الطائرات المستخدمة فى نقلها تستهلك حوالى 16 لتراً من البنزين لكل كيلو متر.. ناهيك عن أنه مع انفجار كل قنبلة ترتفع نسبة ثانى أكسيد الكربون فى الغلاف الجوى بالاضافة الى تدمير الوسط والمساحات الخضراء التى تعد من أهم مصادر ثانى أكسيد الكربون فقد أنتجت الحرب الأمريكية على الارهاب 1.2 مليار طن من غازات «الاحتباس الحراري» فى الغلاف الجوى بالإضافة الى الانبعاثات السنوية المتولدة عن257 مليون سيارة.. وتؤكد الدراسات التى اجريت خلال الأشهر الأولى من بدء الصراع انها أنتجت غازات تسبب الاحتباس الحرارى أكثر مما تنتجه 20 دولة معرضة للتغير المناخى فى عام واحد لذلك لا يمكن تجاهل التكاليف المناخية للحروب .. وتؤكد الدراسات أن ما يزيد على 99 ٪ من 281 ألف طن متر من ثانى أكسيد الكربون قد تولدت خلال 60 يوماً بعد هجوم 7 أكتوبر نتيجة القصف الجوى الاسرائيلى والغزو البرى بما يعادل حرق 10 آلاف طن من الفحم على الأقل.. كما أسفرت الصواريخ التى أطلقتها «حماس» على اسرائيل خلال نفس الفترة عن 713 طناً من ثانى أكسيد الكربون أى بما يعادل 300 طن من الفحم وبالرغم من الدعوات للمزيد من المساءلة عن انبعاثات الاحتباس الحرارى العسكرية الا أنها تحفظ سراً ولا يتم درجها فى مفاوضات الأمم المتحدة السنوية المتعلقة بالتغير المناخي.. وقد أكد «بنجامين نيمارك» بجامعة «كوين ماري» بلندن على أن هذه الدراسة ليست سوى مجرد لمحة عن البصمة العسكرية الأكبر للحرب وصورة جزئية لانبعاثات الكربون الهائلة والملوثات السامة الأوسع نطاقاً التى ستستمر لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب.. وقد صرحت «زينة الأغا» محللة السياسات فى الشبكة الفلسطينية والتى تكتب عن أزمة المناخ والاحتلال الاسرائيلى قائلة « لن تتلاشى آثار الهجوم البرى الكارثى على غزة عند وقف اطلاق النار بل ستظل المخلفات العسكرية موجودة فى التربة والبحر وأجساد الفلسطينيين الذين يعيشون فى غزة على غرار وضع ما بعد الحرب فى العراق.









