في الوقت الذي تتصاعد فيه شكاوى الأسر المصرية من أعباء الدروس الخصوصية، وتزداد الحاجة إلى حلول تعليمية أكثر عدالة ومرونة، طرحت وزارة التربية والتعليم تطبيق «مدرستنا» باعتباره منصة رقمية مجانية تهدف إلى تقديم محتوى دراسي يساعد الطلاب على تحسين مستواهم دون تكلفة إضافية. خطوة تبدو واعدة من حيث المبدأ، لكنها تثير تساؤلات عديدة حول واقعيتها وقدرتها على مواجهة مشكلة متجذّرة في المنظومة التعليمية.
لا شك أن التطبيق يقدّم محتوى متكاملًا للمناهج من الصف الرابع الابتدائي وحتى الصف الثالث الثانوي، عبر فيديوهات مبسطة تضمن وصول المعلومة بسهولة. كما يضم أنشطة إضافية في اللغات والبرمجة والشطرنج والرسم، بالإضافة إلى مواد موجهة للآباء.
لكن يبقى السؤال: هل يكفي المحتوى المسجل لتعويض الطالب عن التفاعل المباشر الذي توفره الدروس الخصوصية أو «السناتر»؟
الفيديوهات تظل أحادية الاتجاه، لا تمنح الطالب فرصة الاستفسار أو التفاعل، ولا تُعالج نقاط ضعفه الفردية، وهي عناصر تُعدّ جوهر الدروس الخصوصية.
واجهة بسيطة.. لكن الوصول ليس متاحًا للجميع تبسيط عملية تسجيل الدخول عبر الاسم ورقم الهاتف خطوة إيجابية، لكنها لا تلغي حقيقة أن: بعض الأسر لا تملك أجهزة مناسبة.
الإنترنت ما زال غير مستقر في مناطق عديدة، والأطفال الأصغر سنًا يحتاجون إشرافًا مستمرًا.
إن الحديث عن «عدالة التعليم» يظل ناقصًا دون رؤية واضحة لتقليص الفجوة الرقمية بين الطلاب.
التطبيق يحفّز التعلم الذاتي.. لكن المدرسة ما زالت الحلقة الأضعف، يشيد التطبيق بثقافة التعلم الذاتي، ويتيح أدوات لتقييم الأداء وتشجيع الإنجاز، وهي جوانب تتماشى مع الاتجاهات الحديثة.
لكن التركيز على الوسيلة الرقمية وحدها يتجاهل: ضعف جودة الشرح داخل العديد من المدارس، وارتفاع الكثافات، نقص التدريب والمعدات.
وبالتالي فإن الاعتماد على تطبيق رقمي دون إصلاح جذري لبيئة التعليم قد يجعل «مدرستنا» مجرد مكمل، لا بديلًا.
تطبيق «مدرستنا» يمثل خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، ويعكس رغبة حقيقية في إدماج التكنولوجيا داخل التعليم. لكن تسويقه كبديل للسناتر يبدو أقرب إلى الطموح منه إلى الواقع.
فالمشكلة أكبر من محتوى إلكتروني جيد؛ إنها أزمة بنية تعليمية تحتاج إلى: تحسين المدرسة لتكون بيئة جاذبة، ومنح المعلمين تدريبًا ودعمًا حقيقيًا، معالجة الأسباب التي تدفع الطلاب أصلًا إلى الدروس الخصوصية.
خلاصة.. «مدرستنا» تطبيق يستحق الإشادة والتطوير، لكنه لا يزال في نطاق الحلول الجزئية. نجاحه لن يتحقق إلا إذا أصبح جزءًا من منظومة متكاملة تُعيد للمدرسة دورها، وتوفر للطالب ما يمكن أن يجده في السناتر: الشرح الجيد، المتابعة الدقيقة، والدعم المستمر.
وبينما تظل المبادرة خطوة واعدة، فإن الطريق نحو بديل فعلي للدروس الخصوصية ما زال طويلًا، ويحتاج إلى ما هو أبعد من تطبيق رقمي.









