كان لى شرف حضور المؤتمر الدولى الخامس للطب النفسى وعلم النفس، بدعوة كريمة من الدكتور أحمد هارون مستشار العلاج النفسى والصحة النفسية وما إن دخلت القاعة حتى انتابنى إحساس فريد، فاستقبلنى همسٌ من نوع آخر.. ليس همس كلمات، بل همس أفكار تتقاطع، وهمس تجارب تبحث عن أمل، وهمس آلام تطلب فهماً.. كان هذا هو المؤتمر الدولى الخامس للطب النفسى وعلم النفس، لكنه لم يكن مجرد تجمع علمى جاف، بل كان رحلة إنسانية عميقة داخل عقول بناة الحياة. لوحة بشرية متكاملة استوقفنى ذلك المشهد النادر: أطباء نفسيون وعلماء وباحثون من كل حدب وصوب، يجلسون جنباً إلى جنب مع إعلاميين ومفكرين وعلماء دين.. كان التجسيد الحى لفكرة أن الصحة النفسية قضية مجتمعية لا تُحجز داخل عيادات الأطباء. ذلك التلاقى بين مختلف التخصصات كان الرسالة غير المعلنة الأكثر بلاغة. وحملت النسخة الخامسة من المؤتمر والذى جاءت تحت عنوان «التكامل بين العلوم النفسية والسلوكية لتنمية بشرية حقيقية» وبحضور كبير من العلماء والاعلاميين منهم أ.د. عادل المدنى وأ.د. شعبان رضوان وأ.د. اسماعيل الفقى وأ.د. على والإعلامى محمد شردى والإعلامى جمال عنايت والدكتور محمد حبيب وآخرين من مختلف التخصصات والشخصيات العامة. وقد رسم المؤتمر، عبر جلساته العلمية وورش عمله التفاعلية، خريطة طريق شاملة للتحديات النفسية المعاصرة، حيث ناقش أحدث الاستراتيجيات فى تشخيص وعلاج اضطرابات القلق والاكتئاب، وطرق تعزيز الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، وصولاً إلى استعراض أحدث أساليب العلاج النفسى والتقنيات الرقمية والعلاج عن بعد..كما تم التركيز على محور الابتكار، حيث سلطت الأبحاط الضوء على دور التطبيقات الرقمية والمنصات الذكية فى تعزيز فعالية العلاج وخلق تجربة مريض أكثر إيجابية وكفاءة. ولم يغب البعد المجتمعى عن قلب النقاشات، حيث تم استعراض برامج ناجحة للتوعية والتدخل المبكر، ومناقشة سبل مواجهة وصمة المرض النفسى..وفى ختام أعماله، خلص المؤتمر إلى توصيات تؤكد على ضرورة توطيد التعاون الدولى وتبادل المعرفة العلمية كسبيل لا بديل منه لمواجهة التحديات النفسية المتعاظمة فى عالم سريع التغير.. ويُعد هذا المؤتمر خطوة محورية على طريق رسم سياسات صحية شاملة تضع الصحة النفسية فى صلب أولوياتها، ساعيًا نحو تحقيق الرفاهية للفرد والمجتمع، وتأكيدًا أن العقل السليم فى بيئة داعمة هو اللبنة الأولى لأى تنمية بشرية حقيقية. خارج القاعة: أفكار تتحول إلى التزام غادرت المؤتمر وأنا أحمل أكثر من مجرد شهادة حضور. أحمل قناعة أن الصحة النفسية ليست ترفاً، بل أساس بناء المجتمعات .. وأحمل مسئولية كإعلامى فى نقل هذه الرسالة: طلب المساعدة النفسية علامة قوة، ليس ضعفاً. الرسالة التى أريد أن أبلغكم إياها: عزيزى القارئ، لو رأيت ما رأيت من تعاون عالمى لخدمة النفس البشرية.









