تراكمات فوضى الماضى وطبيعة العصر وتداعيات الأزمات الإقليمية والعالمية تحديات خطيرة
بطبيعة الحال تأثر المجتمع المصرى بتحديات كثيرة وتداعيات خطيرة، لم يعدها من قبل، على مدار العقود الماضية، وأخطرها ما حدث فى يناير 2011 من فوضى وانفلات، حتى قال البعض، إن هذه المؤامرات التى زعموا أنها ثورة أخرجت أسوأ ما فى المجتمع، سلوكيات وسلبيات وانتهازية، وإجرام، نتاج تراكمات من العقود الماضية من تسطح، وثقافة الاستهلاك والفساد وتراجع التعليم، وغياب مؤسسات التربية والتنشئة بالقيام بدورها وكذلك غياب النموذج القدوة، وتفشى ظاهرة الانتهازية والأنانية، والاحتكام للمال وليس الأخلاق والمباديء والقيم، وانتشار التدني، والابتذال، وبعد فوضى يناير، تفاقم الأمر بوجود الإخوان المجرمين الذين حاولوا جر مصر إلى الفوضى والانقسام والاقتتال الأهلي، ثم عندما خلعهم وعزلهم الشعب المصرى أطلقوا العنان للإرهاب والعنف والتفجير، والحرق والذبح والقتل على الهواء، وعادت ميليشيات وجماعات الإرهاب والمتاجرة بالدين إلى رحم الإخوان الخبيث فى اتحاد شيطانى يكشف حجم المؤامرة على مصر.
لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل واجه المجتمع المصرى بعد ذلك تحديات خطيرة، ارتبطت بتداعيات ما حدث فى العقود والسنوات بعد عزل الإخوان، ثم انفجرت الكثير من الأزمات الدولية والإقليمية، وعاث الإرهاب، قتلاً وعنفًا وإجرامًا، وملأ منصات السوشيال ميديا بمشاهد القتل والذبح وتصوير الجرائم فى حق الأبرياء، ثم خلقت هذه العقود وما كبدته فوضى يناير 2011 من خسائر اقتصادية فادحة بلغت أكثر من 400 مليار دولار زادت حدة أزمة الدولة المصرية ووطأة معاناتها، وفى ذات الوقت كشفت عن ظواهر وسلوكيات وفئات أكثر خطورة وباتت الحاجة إلى إصلاح اقتصادى شامل ينتشل الدولة من أتون السقوط والفشل الاقتصادى وحدث بالفعل اعتبارًا من 2015 بينما هذا الإصلاح بطعبية الحال كانت له تداعيات على المجتمع لكنه كان مسارًا اجباريًا لابديل غيره لانقاذ الوطن ومع ذلك جاءت أزمات وصراعات دولية، من الحرب الروسية ــ الأوكرانية، والعدوان الصهيونى على قطاع غزة وانفجار الأوضاع فى المنطقة، وارتكاب دولة الاحتلال الإسرائيلى جرائم وانتهاكات ضد الإنسانية من اغتيال وقصف للأطفال والنساء وحصار وتجويع وتنكيل وسحل كانت هذه المشاهد تصل إلى مرأى ومسمع الأطفال والشباب، حتى باتت أمورًا مألوفة تحدث يوميًا يراها العالم وجميع شعوبه.. وأيضا ليس هذا فحسب بل فالعدوان الإسرائيلى واتساع رقعة الصراع تكشف تداعيات اقتصادية صعبة، زادت الطين بلة وبالتالى فإن تداعيات العدوان الصهيونى هى أمتداد لتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية ــ الأوكرانية وقبل كل ذلك تراكمات العقود الماضية.. كل ذلك أدى إلى ما نسمع عنه ونشاهده ونتابعه من جرائم هزت الرأى العام، وهى جرائم شاذة وغريبة على المجتمع المصرى الذى يعرف بالطيبة والسلام والأخلاق والقيم والأصول، فلعل جرائم التحرش والعنف الجسدى ضد الأطفال فى عمر الزهور وهم فى منتهى البراءة، والمفروض معاملتهم بروح الأبوة، نجد أن هناك شخصيات مريضة نفسية ولديها اختلالات عقلية وتوحش وتحجر، وحيوانية تشعر معها بحالة من الغثيان والتقزز، فلا يكفى أن نصفهم بذئاب بشرية، لذلك لابد من التحرك سريعًا، فى ظل نواقيس الخطر التى تدق رءوسنا، من تكرار مثل هذه الجرائم بالإضافة إلى جرائم شديدة القسوة، فيها غل وتجرد من مشاعر الإنسانية، وللأسف وصلت إلى أن يقوم صبى بقتل صديقه ويقطعه بالمنشار بسبب أنه مريض نفسى ومعقد ومدمن مشاهد ألعاب اليكترونية ومنها ما شاهده ونفذه، لكن أيضا فأنى أتصور أن ما حدث من تحرش وانتهاك جسدى للأطفال فى عمر الحضانة فى القاهرة والإسكندرية يكشف أننا أمام بهائم وحيوانات ولا أجد مبررًا أو سببًا طبيعيًا لمثل هذه الجرائم سوى أن هؤلاء بلا قلب أو عقل أو ضمير، أو أخلاق ليسوا من البشر، وهناك جرائم أخرى وقعت فى الفترات الأخيرة لا داعى لتفاصيلها أو ذكرها لكن الخلاصة نحن نحتاج إلى وقفة حاسمة، بكل المقاييس، نحتاج إلى إصلاح مجتمعى شامل.. مشروع قومى كامل تستنفر فيه قوى ومؤسسات الدولة المنوطة لتفسير ما حدث وأسبابه، والعوامل التى أدت إليه ودراسة شاملة نفسية وصحية وسلوكية لهؤلاء المجرمين، ما هى نوع التربية التى تلقوها وماذا عن تاريخهم وماضيهم، وماذا عن طبيعة أسرهم ماذا يجرى بصحيح العبارة، لابد من أن تستفز مؤسسات التربية بكامل قوتها وقدراتها وطاقاتها مراكز الابحاث والعلوم النفسية والسلوكية والجنائية، والخبراء فى علم الاجتماع وعلم النفس الموضوع جد خطير نحن أمام وحوش وذئاب بشرية، ليس فقط فى مدارسنا، ولكن أيضا فى شوارعنا، مجرمون ومسجلون خطر ومرضى نفسيون لابد من اصلاح شامل وحقيقى للمجتمع ومواجهة حقيقية لتراكمات العقود الماضية وميراث ثقيل تصل لتداعيات سنوات الفوضى والإرهاب نتاج جيل منفتح على مدار الساعة على منصات ومواقع السوشيال ميديا المليئة والحافلة بكل ما هو شاذ وغريب وموجه لتدمير الأخلاق والتربية والقيم والسلوك والدين نحن أمام أجيال عاصرت سنوات الفوضى والإرهاب واستباحة العقول والعيون بمشاهد إباحية، وأيضا جرائم قتل وذبح على الهواء، فى ظل مجتمع مستهدف من الخارج من قوى الشر من ألعاب اليكترونية وكرتون يحمل أفكارًا خبيثة وموجهة لتدمير عقول وسلوك أبنائنا وأخلاق وقيم مجتمعاتنا، القضية تحتاج إلى خطة عمل، إلى مواجهة إلى مشروع.
نواقيس الخطر تحذر وتنبه من استمرار هذه التداعيات، لابد من اصلاح مجتمعي، والقضاء على تداعيات الماضي، وأزمات مستوردة من الخارج وتحديات فرضتها عليها التكنولوجيا الحديثة، والانفتاح الاليكتروني، لابد من إعادة تأهيل وفق روشتة علاج بعد تشخيص دقيق، لابد أن تقوم مؤسسات التربية وبناء الأخلاق والقيم والحفاظ على دورها والأسرة تعود من جديد لتتابع الأبناء وتعرف كل تفاصيل حياتهم، ترى ما يشاهدون وما يتعرضون له فى ظل التطور التكنولوجي، نترك أطفالنا مع التليفون والإنترنت دون أن نعرف ماذا يشاهدون ويسمعون ولذلك حتى الفتاة التى تتزوج وتصبح أمًا لابد من تربية صحيحة لها تحفظ للأسر استقرارها وصلاح أبنائها، وأننا أمام جديد يحمل تطلعات أكثر من قدرته وواقعه لا تراها سوى فى الأفلام والدراما، وكأن الحياة عبارة فقط عن رومانسيات وسهرات، وحب وسهر، نريد قصص الكفاح، نريد أن نعلم أبناءنا كيف يتعاملون مع الحياة.
الجميع يجب أن يشارك لكن المهم أن تتحول الخطة والمشروع لتصور ومواجهة إلى واقع فى اصلاح وعلاج الثغرات ومناطق الضعف وأسباب هذه الجرائم والسلوكيات الغريبة وتشكيل خلية عمل تشارك فيها جميع الجهات المعنية فى الدولة.
