منذ بدأت إسرائيل عدوانها على قطاع غزة وحتى اليوم يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من حين لآخر استفزاز مصر سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بالتصريح أوبالتلميح، بشخصه أوعبر أحد مسئولى حكومته أو المحسوبين عليه أومن ائتلافه اليمينى المتطرف.
أول التصريحات المستفزة لنتنياهو كانت فى الأسابيع الأولى من الحرب عندما صرح أنه يتمسك ببقاء جيشه فى محور صلاح الدين «فيلادلفيا» بين مصر وغزة بالمخالفة لاتفاقية السلام المبرمة بين البلدين، وهو محورعازل على الحدود الفلسطينية المصرية بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ويبلغ عرضه 100 متر وطوله 14 كيلومترًا، ثم أعقب ذلك بحديث كاذب و تصريحات مغلوطة حول أن حركة حماس تحصل على السلاح عبر هذا المحور من الأراضى المصرية، وبعد أشهر من الحرب خرج فى حوار بقناة «أبوعلى إكسبريس» الإسرائيلية على التليجرام ليؤكد أنه متمسك بما يسمى «إسرائيل الكبري» والتى بحسب زعمه تلتهم جزءاً كبيراً من الأراضى العربية مؤكدا أنه فى مهمة تاريخية وطنية روحية لتحقيق هذا الهدف وهى رواية مغلوطة حول أرض الميعاد و»إسرائيل من النهرإلى البحر»، وفى نفس الحوار تحدث عن ضرورة أن تفتح مصر معبر رفح قاصدا منح الفلسطينيين تذكرة ذهاب بلا عودة، يعنى تهجيرصريح وكانت مصر قد رسمت خطوطها الحمراء فى ملف التهجير حيث سبق أن أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى بداية العدوان على غزة عقب لقاء مع المستشار الألمانى أولاف شولتز رفض مصر لتصفية القضية الفلسطينية بالأدوات العسكرية وأى محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريًا من أرضهم أوأن يأتى ذلك على حساب دول المنطقة وذلك فى خضم حديث إسرائيلى وقتها عن تهجير الفلسطينيين نحو سيناء المصرية، محذرًا من تدمير السلام بين مصر وإسرائيل.
فى الأيام القليلة الماضية كنا أمام حلقة جديدة من استفزازات نتنياهو أثارتها تصريحات منسوبة لمسئول إسرائيلى فى إدارته نقلها إعلام عبرى محسوب على نتنياهو حيث أعلن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية، الأربعاء الماضى عن فتح معبر رفح فى الأيام المقبلة للمغادرة فقط من قطاع غزة إلى مصر، وأشار إلى أن هذا الترتيب، الحاصل على موافقة أمنية من إسرائيل، سيتم تنسيقه مع مصر تحت إشراف بعثة الاتحاد الأوروبي،على غرار الآلية التى تم تطبيقها فى يناير 2025.. وبعد دقائق خرج مسئول إسرائيلى على القناة 12 العبرية ليقول: «لو مصر لاتريد استقبال سكان غزة فهذه مشكلتها»، وهنا يتأكد أن نتنياهو ينبش فى موضوع التهجير من جديد بعدما دفنته مصر، وعلى الفور خرج رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، ببيان ينفى هذا الكلام ويقول «إذا تم التوافق على فتح المعبر، فسيكون العبور منه فى الاتجاهين للدخول والخروج من القطاع، طبقا لما ورد بخطه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب»، وإسرائيل لن تستطيع فرض أى شروط بالقوة على مصر بشأن المعبر الذى دمرت إسرائيل الجانب الفلسطينى منه و الخلاصة أن مصر متمسكة بموقفها بشأن فتح المعبر من الجانبين.
لو سألتنى عن سبب هذا الاستفزاز الأخير, سأقول لك أنه لم يعد لنتنياهو أى مساحة للمراوغة والمماطلة التى تعطل البدء فى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترامب لغزة ذات العشرين بندا، فبمجرد تسلم إسرائيل جثة الرهينة الوحيدة المتبقية- وأتصور ذلك ربما يحدث خلال ساعات- سيتوجب فورا بدء المرحلة الثانية والى تنهى بالفعل كل خطط نتنياهو واليمين المتطرف للاستيلاء على غزة وتهجير سكانها، ولذلك يحاول نتنياهو الآن عبر إعلامه نقل الساحة إلى مصر واختلاق مشكلة للتحجج بها لعدم إكمال اتفاق غزة.
صحيح أن يفتح معبر رفح منصوص عليه فى خطة ترامب، لكنه منصوص أيضا أنه فتح فى الاتجاهين وليس فى اتجاه واحد فقط مثلما يريد نتنياهو ليكون خروجا بلا عودة «تهجير»، ومصر يقظة لألاعيب نتنياهو ورفضت وحذرت ولم و لن تسمح بالتهجير، لذلك أقول أن الساعات القادمة ربما تشهد تصعيدا، وأتصور أن الولايات المتحدة ينبغى عليها التدخل للجم نتنياهو، وتثبيت اتفاق غزة وتنفيذ مراحله المتبقية، حتى لايحدث تصادم بين مصر وإسرائيل. ومصر دولة كبيرة وقوية ولديها جيش يحميها ويرهب أعداءها.









