ما يصدر عن إسرائيل من تصريحات بشأن فتح معبر رفح فى اتجاه واحد هو أمر مرفوض تماماً لأى محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه وهو ما أكدت عليه مصر، فالسؤال الذى يطرح نفسه الآن لماذا تصدر هذه التصريحات فى هذا التوقيت وأيضاً عقب اتفاق وقف إطلاق النار، الذى تم التوقيع عليه بمدينة شرم الشيخ، وتنفيذ خطة ترامب للسلام ؟ أرى بالفعل انه تم تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، ويتبقى انتظار البدء فى المرحلة الثانية ثم المرحلة الثالثة، ولكن إسرائيل تماطل فهى قد حصلت على الأسرى والجثامين الخاصة بها، فالكل ينتظر أن ندخل فى نطاق المرحلة الثانية دون جدوي، بل تقوم بإطلاق تصريحات تؤكد أنها تسير عكس اتفاق وقف إطلاق النار، فماذا ننتظر منها سوى المماطلة، فهى تفتح جبهات أخرى فى توقيت نسعى فيه لأن يسود الاستقرار والأمن المنطقة، ولكن إسرائيل ما زالت هى العائق الحقيقى من أجل ألا يكون هناك سلام حقيقي، فهى ما زالت تمارس عدوانها فى لبنان وتهدد بالمزيد من التدمير، كما تقوم أيضاً بالتصعيد على سوريا.
الولايات المتحدة جاء دورها الآن لتؤكد أنها بالفعل تسعى لوقف إراقة الدماء فى المنطقة من خلال التصعيد الإسرائيلى غير المبرر فى مناطق عديدة لأنه إذا كان الوقت يمر دون أن يحدث تطور إيجابى من خلال الدخول فى المرحلة الثانية سيؤدى ذلك إلى انتكاسة حقيقية سوف تدفع المنطقة بالكامل إلى حافة الهاوية بل والى عدم الاستقرار الذى سوف يعصف بكل آمال التوصل إلى الأمن والأمان الذى ننشده فى العالم بشكل عام والمنطقة بشكل خاص.
خطة ترامب للسلام أكدت على فتح معبر رفح فى الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم اجبار أيٍ من أبناء قطاع غزة على المغادرة، وتهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم والمشاركة فى بناء وطنهم، فى إطار رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية، لأن سرعة تنفيذ ما ورد فى اتفاق وقف إطلاق النار بكافة استحقاقاته دون إرجاء أو تعطيل، بما يحقق الأمن والسلام، وترسّخ أسس الاستقرار الإقليمي، ومن أجل توفير البيئة المواتية لتحقيق سلام عادل وشامل ومستدام وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين، بما يؤدى إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، بما فى ذلك الأراضى المحتلة فى غزة والضفة الغربية، وعاصمتها القدس الشرقية.
موقف مصر من القضية الفلسطينية واضح وحازم وحاسم، لا لتهجير الفلسطينيين، لا لتصفية القضية، لا للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني، وقد بذلت مصر منذ اندلاع التصعيد فى غزة جهودًا ضخمة لفتح الممرات الإنسانية وإدخال المساعدات، كما قادت مباحثات مكثفة بالتعاون مع الولايات المتحدة وشركاء دوليين للتوصل إلى وقف إطلاق النار، وبالتالى فإن «القاهرة» تتحرك انطلاقًا من مسئوليتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية وحماية المدنيين.
يمكن القول إن ما تثيره إسرائيل من تصريحات يعد أموراً استفزازية، يحاول من خلالها نيتنياهو الهروب من أزماته الداخلية والتزاماته بشأن اتفاق غزة الذى يشترط فتح المعبر من الاتجاهين للدخول والخروج، ولن يكون للإسرائيليين حجة لعدم تنفيذ الاتفاق بعد تسلم آخر جثة.
يجب على الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل من أجل أن تقول لها بضرورة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والضغط عليها لوقف ممارستها تجاه ما تفعله فى غزة والضفة الغربية لأن كل ذلك سيؤدى فى النهاية حتما إلى توتر، وعلى المجتمع الدولى أيضاً العمل بشكل جاد من أجل الضغط على إسرائيل لوقف ممارستها وانتهاكاتها ضد سيادة دول مثل لبنان وسوريا.









