لم أفاجأ بالقرار التنفيذى الذى أصدره الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى يقضى بتصنيف بعض فروع أو تقسيمات جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية أجنبية وفقاً للمادة رقم 219 من قانون الهجرة والجنسية الأمريكى وتصنيفها كذلك كإرهابيين عالميين محددين بصفة خاصة وفى هذا السياق تنخرط فروعها فى لبنان والأردن ومصر فى أعمال العنف أو تسهلها وتدعم حملات لزعزعة الإستقرار فى تلك الدول وبمواطنى ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية بها…. على أن يقدم وزيرا الخارجية والخزانة الأمريكيين مع الإستخبارات والمدعى العام خلال ثلاثين يوماً من تاريخ هذا الأمر (الصادر فى 24 نوفمبر 2025) تقريراً للرئيس يحدد أى فروع الأخوان يجب تصنيفها كمنظمات إرهابية وبعد 45 يوماً يجب إنهاء الإجراءات الرسمية لتصنيف هذه الفروع ضمن قوائم الإرهاب وتطبيق الإجراءات الرسمية عليها.
ويأتى عدم مفاجأتى لهذا التوجه الأمريكى نتيجة العديد من الإرهاصات التى شجعت الرئيس الأمريكى على إصداره… من أهمها.
> أن الجمهوريين بصفة عامة فى أمريكا بخلاف الديمقراطيين لايميلون إلى إعتبار جماعة الإخوان فصيلاً سياسياً يمكن التعامل معه حيث تنطلق رؤية الرئيس الحالى ترامب إلى إعتبارهم خطراً جسيماً على الولايات المتحدة الأمريكية خاصة وأن دولاً عربية حليفة له ترى فى الإخوان خطراً وعدواً وهى دول لها تأثيرها المهم والفارق على ترامب وإدارته.
> إعلان العديد من الدول الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية مثل فرنسا وألمانيا وإيرلندا وإنجلترا وأسبانيا أن جماعة الإخوان تمثل خطراً داهماً عليها وأن تمددها داخل تلك الدول من خلال الجمعيات والمنظمات والمؤسسات المالية أصبح يمثل تأثيراً كبيراً على صناعة القرار فى تلك الدول…. بل إن المجلس الأوروبى للسياسات فى تقرير صدر له مؤخراً يدرس خيارات جديدة لمواجهة نفوذ الإخوان تتراوح بين تشديد الرقابة على التمويلات الخارجية ووضع قوائم مراقبة خاصة بالمنظمات المرتبطة بالحركات الإسلامية السياسية.
> إعلان ولاية تكساس الأمريكية التى تضم واحدة من أكبر الجاليات المسلمة فى الجنوب الأمريكى بقيادة الحاكم الجمهورى جريج أبوت – وهو أحد المقربين من الرئيس الأمريكى – إدراج جماعة الإخوان ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية «كير» ضمن قائمتها الخاصة بالمنظمات الإرهابية الأجنبية والمنظمات الإجرامية العابرة للحدود…. وقد تضمن هذا القرار منع المنظمتين من شراء أو إمتلاك الأراضى داخل الولاية كما يمنح لسلطات إنفاذ القانون هناك صلاحية اتخــاذ إجــراءات تهدف إلى إغلاق فروعها أو وقف أنشطتها.
> إن الزيارات المتعاقبة للعديد من القيادات العربية كما جاءت الإتصالات المصرية مع المسئولين الأمريكيين والتى توجــت بلقــاء الســيد الرئيــس عبد الفتــــاح السـيسى مع الرئيس الأمريكى ترامب فى شرم الشيخ لتؤكد رفضهم الكامل وجود تلك الجماعة الإرهابية لما تمثله من خطورة على بلدان الشرق الأوسط بصفة عامة وعلى الدول العربية التى ترتبط مع الولايات المتحدة بصفة خاصة لما لها من تأثير كبير على الأعمال الإرهابية التى تحدث بالمنطقة وليس أدل على ذلك من محاولة قلب نظام الحكم فى الأردن وإرتباط الجماعة بحركة حماس فى غزة وحزب الله فى لبنان وإيران.
> أيضاً كان من أسباب صدور هذا القرار ذلك التعنت الذى تبديه حركة حماس التى تعتبر الذراع العسكرية لجماعة الإخوان الإرهابية لإستكمال خطوات عملية السلام التى تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية حيث مازالت تماطل فى الإتفاق على تسليم أسلحتها وإنخراطها ضمن منظومة فلسطينية واحدة كى يعود السلام إلى المنطقة وهو الأمر الذى أستشعر معه الرئيس الأمريكى بخطورة تلك الحركة المدعومة عسكرياً وسياسياً من جماعة الإخوان الإرهابية.
كانت تلك بعض الأسباب التى أعتقد إنها كانت وراء صدور الأمر التنفيذى المشار إليه إلا إننا لاحظنا إن هذا القرار لم ينص صراحة على إعتبار جماعة الإخوان ككل منظمة إرهابية بشكل عام ويبدو أن ذلك يعود إلى العديد من الأسباب والإعتبارات التى من أهمها:-
– إن تصنيف الجماعة بوجه عام كمنظمة إرهابية قد يؤدى إلى تأجيج التطرف وإلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط حيث يوجد للجماعة فروع ومصالح ممتدة فى جميع أنحاء العالم العربي.
– وجود أعداد كبيرة من الجاليات والمنظمات الإسلامية فى الولايات المتحدة الامريكية وهو الأمر الذى يترتب على إعلان الجماعة بإنها منظمة إرهابية تزايد شعور تلك الأعداد بالتهميش والإفتئات على حقوقهم المشروعة وهو الأمر الذى سوف يترتب عليه توتر فى العلاقة بين تلك الجاليات والمؤسسات الفيدرالية الامريكية .
– احتمالية الطعن فى قانونية هذا القرار نظراً لتعدد فروع الإخوان وتفاوت طبيعتها بين من يمارس العمل الدعوى والإجتماعى ومن ينخرط فى المجال السياسي… كنوع من تبادل الأدوار وهو ما قد يؤدى إلى زيادة التعاطف والإستقطاب الداخلى هناك.. احتمالية تعاطف الفصائل والأحزاب الإسلامية المعتدلة فى المنطقة العربية مثل حزب العدالة والتنمية فى المغرب وحزب النهضة فى تونس وهذا الخلط قد يؤدى إلى تآكل المسارات السلمية لتلك الأحزاب وزيادة الجذب نحو التطرف العنيف.
ومن هذا المنطلق فإننى لا أعتقد ان يتم تصنيف الجماعة بأكملها كمنظمة إرهابية على الأقل فى الوقت الحالى وعلى الرغم من كل ذلك فإننى أرى أن القرار الأمريكى سوف يترتب عليه عمليات متتالية من تصنيف جماعة الإخوان فى عدد من الدول الغربية سواء تجاه مؤسساتها الفاعلة فى تلك الدول أو على مستوى الأفرع التى تم تصنيفها إنها تمثل كيانات إرهابية مما يضع قيادات التنظيم الدولى للجماعة فى مأزق كبير خاصة بالنسبة لكوادرها الهاربة فى بعض الدول الإقليمية أو حتى فى الدول الغربية مثل كندا وفرنسا وألمانيا والسويد والنمسا وماليزيا… كما يمثل التصنيف الأمريكى فى الحقيقة تحولاً نوعياً فى السياسة الخارجية الأمريكية تجاه تيارات الإسلام الحركى بشكل عام…
وللحديث بقية للوقوف على آثار القرار التنفيذى الأمريكى.









