يسعى الاقتصاد المصرى حالياً بعد سيل الأزمات العالمية والإقليمية، إلى ضمان تحقيق عملية التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، والتى يقع فى القلب منها رفع مستوى معيشة المواطن، فما بين جهود الاصلاح ومحاولات استعادة الثقة، يقف الواقع الحياتى للمواطنين كاختبار حقيقى لنجاح السياسات الاقتصادية وانعكاسها على مستوى معيشتهم. ويجب أن نعلم أن مؤشر مستوى المعيشة هو مقياس لتقييم جودة الحياة للمواطنين، بما يتضمنه من مجموعة من العوامل التى يتم أخذها فى الاعتبار منها المؤشرات الاقتصادية كالناتج المحلى الإجمالى للفرد، معدلات التضخم والبطالة، ومؤشرات الصحة والتعليم، والبنية التحتية، وقد كشف مؤشر «نومبيو»، عن ترتيب الدول العربية من حيث تكلفة المعيشة لعام 2025، فالإمارات احتلت أعلى تكلفة معيشة، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة، تتبعها اليمن التى تعانى من الحرب المستمرة منذ عام 2014، فى حين حلت مصر، فى المرتبة الأخيرة، باعتبارها الدولة الأقل تكلفة من حيث المعيشة الشهرية بين الدول العربية ويجب أن ندرك بأن ارتفاع الدخل لا يعنى بالضرورة جودة حياة أفضل اذ تخضع الدول لتقييم شامل يأخذ فى الاعتبار عوامل جوهرية مثل مستوى الرعاية الصحية وجودة التعليم وتكاليف المعيشة، وبالتالى فإن مؤشر نوعية الحياة لعام 2025 يؤكد بأن جودة المعيشة أصبحت نتاج منظومة شاملة تتجاوز معيار الدخل لتشمل عوامل اقتصادية وخدمية متكاملة، وأن الدول التى تجمع بين البنية القوية والرعاية المتطورة وتكاليف المعيشة المتوازنة هى التى تتصدر هذا السباق العالمى نحو أفضل حياة ممكنة لشعوبها.
لذا جاء اهتمام وتأكيد الرئيس السيسى عقب حضوره اختبارات كشف الهيئة للطلبة المتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية المصرية والكليات العسكرية، بأن عملية التطوير فى الدولة مستمرة وأن الدولة لديها برنامج تنمية شامل من أجل تحقيق التقدم والمساهمة فى القضاء على البطالة، وتحقيق عملية الاكتفاء الذاتى بدخول 4,5مليون فدان إلى مجمل مساحة الأراضى المزروعة فى مصر حالياً والتى تبلغ 9 ملايين فدان وهو تأكيد مباشر لتوجيهات الرئيس السيسى السابقة بضرورة تقوية مؤشرات الحرية الاقتصادية كى تلعب دوراً محورياً فى تقييم بيئة الأعمال والاستثمار، لأنها توفر أدوات معيارية لفهم مدى انفتاح الاقتصاد الوطني، كفاءة نظمه المؤسسية، وقدرته على خلق بيئة داعمة للنمو المستدام وذلك عبر أربعة محاور رئيسية، تغطى سيادة القانون، فقراءة النماذج الدولية تبين أن ضعف سيادة القانون يؤدى إلى تضخم البيروقراطية، حيث تزداد الحاجة إلى تسهيلات غير رسمية، والنتيجة هى انخفاض معدلات النمو الاقتصادى كنتيجة تقلص الابتكار وتراجع الإنتاجية، أما عن حجم الحكومة، فهو يتناول عبء الضرائب، والانفاق الحكومي، والصحة المالية، فكلما كانت الضرائب أقل، والانفاق منضبطا، والمالية العامة مستدامة، كلما ارتفعت الحرية الاقتصادية، أما الكفاءة التنظيمية فهى تركز على سهولة ممارسة الأعمال داخل الدولة، من خلال حرية الأعمال، وحرية العمل، والحرية النقدية، وأخيراً يأتى انفتاح الأسواق والمتضمن لحرية التجارة والاستثمار وحرية القطاع المالى ومن ثم فان ما تم من إصلاحات وإنجازات استهدف بالأساس زيادة مؤشرات الحرية الاقتصادية سواء عبر إيقاف استنزاف الدولة فى مختلف القطاعات وتثبيت أركانها، أو وضع الأسس الضرورية لإحداث انطلاقة اقتصادية، واجتماعية وأعتقد أن البرلمان القادم مع الحكومة عليهما التحرك بشكل مدروس دون إبطاء لزيادة وزن مؤشر الحرية الاقتصادية عبر تفعيل تطبيق القوانين، وإيجاد الأطر التشريعية المناسبة، وهو ما سينعكس بالإيجاب على فعالية القضاء،وثقة المستثمرين.
نعم مصر أمام فرصة حقيقية لكتابة فصل اقتصادى جديد، عنوانه تدعيم أواصر الحرية الاقتصادية والتى ازدادت بإصرار القيادة السياسية.









