حادث مأساوي مروع هزّ المشاعر وانتفضت له القلوب مرارة وحزناً، عقب اختفاء موظف وأطفاله الأربعة بمحافظة أسيوط فجأة وفي ظروف غامضة، بعد خلاف مع شريكة حياته. وبعد رحلة بحث مضنية، تم العثور على جثث اثنين من الأبناء ووالدهم غرقى في مياه ترعة بمحافظة المنيا، فيما لا يزال البحث جارياً لمعرفة مصير الباقين. تحرر محضر بالواقعة وأُخطر اللواء محمود أبو عمرة، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، وتُباشر النيابة التحقيق.
خلافات مدمرة
هزّ الحادث المروع أرجاء المحافظة حَسرة وألماً على فراق أسرة انتهت حياتها في لمح البصر بسبب خلافات أسرية، قد تبدو بسيطة وتحدث دوماً في كل بيت. لكن التهور وعناد الزوجين وعدم تحمل كل منهما للآخر وقت الغضب، وعدم ضبط النفس في الأزمات مراعاةً للصغار، أدى لتدمير كل شيء وإنهاء حياة أطفال أبرياء في عمر الزهور بلا ذنب، ليدفعوا الثمن ويكونوا هم الضحايا.
تفاصيل المأساة
دارت فصول القصة المأساوية عندما وقع خلاف بين موظف أمن بأحد المستشفيات يدعى محمد رشاد حسن وزوجته، ما أدى لتركها المسكن والعودة لأهلها، تاركة له صغارهما الأربعة ضحايا الصراع الدائر بينهما. أصبح الزوج في حيرة من أمره لا يدري ماذا يفعل وكيف يواجه مصاعب الحياة وتحمل المسؤولية، الأمر الذي زاد الأمور تعقيداً أمام رب الأسرة في تلك “الورطة”. انتابته حالة من الإحباط والشعور بخيبة الأمل، وسادت الدنيا في وجهه، وكأن صغاره الذين هم زينة الحياة الدنيا أصبحوا عبئاً ثقيلاً وهماً عليه.
وساوس شيطانية
في لحظة تهور، ضاقت الدنيا في وجه والد الأطفال الأبرياء، ضحية التفكك الأسري. سارع في حالة تهور باصطحاب الأطفال الأربعة: ريناد (13 سنة)، ومروان (10 سنوات)، وياسين (5 سنوات)، ومكة (3 سنوات). خرج بهم من مسكنه بأحد قرى مركز ديروط بصعيد محافظة أسيوط إلى المجهول، ليختفي بالصغار الذين استسلموا له ببراءة على أنه السند والحضن الدافئ والملاذ الآمن لهم، ودون أن يدرك أي منهم ما يخفيه لهم القدر على يديه بعدما استسلم لوساوس الشيطان، لتكون النهاية مدمرة لحياتهم وطموحهم وأحلامهم.
جنون الأم وبدء البحث
بدأت المأساة تتكشف خيوطها عندما لاحظ الأهل والأقارب الاختفاء بعد ساعات. سارعت الزوجة إلى المسكن في قلق وتوتر بحثاً عن “فلذات كبدها” بعدما انقبض قلبها عليهم، لكنها لم تعثر لهم على أثر. وجدت حالة من السكون والصمت الرهيب والمخيف تسيطر على أركان الشقة التي كانت تضج بضحكاتهم، فشعرت بمرارة الفقد والحرمان من أعز ما لديها في الدنيا، لتخرج مذعورة تنادي عليهم بكل مكان، رافضة الاعتراف بما تشعر به من مكروه نحوهم وأملاً في عودة الدفء الأسري، ولكن بعد فوات الأوان.
ظهور الجثث في المنيا
توجهت الزوجة برفقة الأهل في رحلة بحث مضنية عن أطفالها الأربعة ووالدهم، وطافوا الشوارع والميادين والقرى المجاورة أملاً في بارقة ترشدهم عن طريقهم، لكن دون جدوى. ليتم بعدها الإبلاغ بمركز الشرطة عن الاختفاء الصادم للبلدة التي سيطرت عليها الأحزان. تولى فريق البحث من رجال المباحث عملية الفحص والتحري وعمل نشرة بأوصافهم وتوزيعها على مديريات الأمن من خلال قطاع الأمن العام أملاً في حل اللغز الغامض والمحير.
شاء القدر أن تظهر جثة أحد الأبناء الأربعة في ذلك الوقت، وهي للطفلة “ريناد”، الابنة الكبرى، التي كانت تعاني من مرض التوحد، وتم العثور عليها طافية بترعة الإبراهيمية أمام قرية الشعراوية بمركز سمالوط، وتم انتشال جثمانها في مشهد حزين. وبعدها بساعات قليلة، تجددت المأساة ببلاغ آخر عن وجود جثة طافية في نفس المجرى المائي، لكن هذه المرة في نطاق مركز أبو قرقاص بجنوب المنيا. تمكنت قوات الإنقاذ من انتشال الجثمان الذي تبيّن أنه للأب محمد رشاد حسن. وبمرور الوقت، عُثر على جثة ثالثة لأحد الأطفال وتعرف الأهل عليهم في مشهد مروع.
جهود الإنقاذ والتحقيقات
تم نقل الجثث إلى ثلاجة حفظ الموتى تحت تصرف النيابة التي قررت انتداب الطبيب الشرعي للتشريح قبل تسليمهم للأهل والتصريح بالدفن. وجارٍ البحث عن الباقين، لتتحول بذلك البلدة إلى سرادق عزاء وأحزان لا تنتهي. تقوم فرق الإنقاذ النهري في سباق مع الزمن بعمليات تمشيط واسعة لترعة الإبراهيمية الممتدة بين المحافظتين، بحثاً عن أي أثر للأطفال الضحايا، وتواصل فرق البحث الجنائي عملها بتتبع خط سير الأب محمد رشاد منذ مغادرته ديروط حتى وصوله إلى موقع العثور على جثته في المنيا، وذلك في محاولة لحل طلاسم وملابسات الحادث المأساوي الغريب. وتُباشر النيابة التحقيق.









