فى عصر تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، أصبحت الخدمات الإلكترونية حجر الأساس فى تطوير أداء المؤسسات الحكومية وتعزيز جودة حياة المواطنين، فلم تعد المعاملات اليومية مرتبطة بحدود المكان والزمان، بل باتت متاحة «بضغطة واحدة» وتُنجز بكفاءة أعلي، وتمثل هذه الخدمات نقلة نوعية فى أسلوب تقديم الخدمة العامة، حيث تسهم فى تبسيط الإجراءات، وتقليل الوقت والجهد، وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما يضمن للمواطن تجربة سلسة وآمنة ترتقى إلى أعلى مستويات الجودة.
وبالفعل تحرر المواطن المصرى من طوابير الانتظار المرهقة، وأصبح بإمكانه سداد جميع مستحقات الكهرباء والغاز والمياه، إلى جانب فواتير الهواتف والإنترنت وغيرها، «إلكترونياً» عبر ماكينات الدفع الفورى مثل «فوري» و»أمان»، أو من خلال التطبيقات المعتمدة على الهواتف الذكية، فى خطوات لا تستغرق سوى دقائق معدودة، ومع توفير إمكانية الوصول إلى الجميع وتوافر الأجهزة فى المحالات التجارية أصبح الأمر أكثر سلاسة وراحة بالنسبة للمواطن والمؤسسات الخدمية على حد سواء.
لكن، كما نعلم لكل عملة وجهين، فإن لهذه المزايا وجهاً آخر خفياً لا ينتبه إليه كثيرون، يدعى «الريسيتات» الإيصالات الورقية الصغيرة الصادرة عن ماكينات الدفع، رغم كونها مستندات قانونية ورسمية إلا أنها ليست آمنة بنسبة 100 ٪ على المدى الطويل، لأنها تُطبع على ورق «حراري» سريع التأثر، تتلاشى وتطمس كتابته بمجرد تعرضه للاحتكاك أو الرطوبة أو حتى العَرَق، أو عند طيه مرات عدة، وعندما يحدث ذلك، يضيع الحق بين الطرفين: فالمستهلك يحمل إيصالاً غير مقروء، والتاجر لا يستطيع التحقق من صحته، وبهذا الشكل لا هذا قادر على إثبات حقه، ولا ذاك قادر على قبوله.. وأنا واجهت بنفسى موقف مشابهاً، حين فوجئت بأن إيصال قسط عداد الكهرباء الذى احتفظت به لبضعة أيام، تحول تقريباً إلى ورقة بيضاء شبه فارغة، لم يتبق منها سوى شعار «فوري»، بينما اختفت جميع التفاصيل الأخري، فأصبح الإيصال بلا أى قيمة قانونية ولا يصلح كدليل على الدفع أو الشراء.
باختصار، قد تبدو «الفواتير الورقية» مشكلة بسيطة فى ظاهرها، لكنها تحمل أثراً كبيراً، وقد تسبب نزاعات نحن فى غنى عنها، ولهذا أصبحت من الضرورى إعادة النظر فى جودة الإيصالات الورقية والحبر المستخدم، أو تعزيز البدائل الرقمية الآمنة مثل الإيصال الإلكترونى عبر الهاتف أو البريد، ضماناً لحقوق المواطن والتاجر معاً، والحد من مشاكل التلف وسهولة الضياع وتأثيرها السلبى على البيئة والشكل الحضاري.









