>> لماذا يتعجب البعض من الأحداث التى وقعت فى عدة مدارس خلال الأيام الماضية.. فإذا كانت هناك 3 حالات طلاق كل 5 دقائق وأن عام 2024 شهد 273 ألفاً و892 حالة طلاق.. فلابد أن يكون هناك خلل فى المجتمع؟!
فى إحدى المدارس تنمر التلاميذ على المعلمة ونشروا الفيديو لإهانتها وإثبات أنهم أقوى منها.. وفى مدرسة أخرى حدث العكس فقد تم التحرش بأطفال فى «كى جى تو» لم يتجاوزوا 5 سنوات من جانب عدد من العاملين فى المدرسة.. وفى شهر أكتوبر الماضى عانى مدرس من قوص فى قنا من تنمر طلاب مدرسة إعدادية عليه بعد خروجه على المعاش وقاموا بنشر فيديوهات ساخرة على مواقع التواصل ووصل الأمر إلى إلقاء الحجارة عليه داخل ورشة قام بالعمل فيها بعد المعاش.. وذلك بخلاف الطفل الذى اعتدى على زميله وقتله.. أو الأم التى دهست طالبة زميلة ابنها فى الشروق مما أدى لوفاتها!!
ما يحدث فى مدارسنا ما هو إلا مجرد عرض لمرض أصاب المجتمع.. وللأسف فإن الإصابة كانت فى الأخلاق نتيجة للتفكك الأسرى والابتعاد عن العادات والتقاليد.. إضافة إلى انشغال الآباء إذا لم ينفصلوا.. والأهم عدم قيام المؤسسات التربوية بمهامها على أكمل وجه سواء بعض المؤسسات الدينية أو التعليمية أو الإعلام.. مما ترك الأطفال نهباً لمواقع التواصل الاجتماعى وللمربيات وللأصدقاء الذين منهم بالطبع أصدقاء سوء!! لابد من علاج خلل المجتمع.. والاهتمام بالأسرة.
الغريب أن معظم الحوادث التى هزت مشاعر المصريين وقعت فى المدارس الأجنبية أو اللغات وأنها شملت التلاميذ الصغار والطلاب الكبار والعاملين بالمدارس والمعلمين.. مما يعنى أن المدارس الحكومية قد تكون أكثر انضباطاً.. وأن الانهيار الأخلاقى لم يعد يقتصر على الطبقات الدنيا من المجتمع كما كان يظن البعض.. ولكنه وصل إلى الصفوة والطبقات الراقية.
قبل أن نتحدث عن علاج المشكلة الذى يحتاج إلى سرعة وحكمة فى التعامل وإلى تكاتف الجميع لإنقاذ المستقبل.. فهل كان القرار الذى اتخذ ضد طلاب مدرسة الإسكندرية المتهمين بإهانة المعلمة والتنمر عليها بفصلهم لمدة عام مع عدم السماح بقيدهم فى أى مدرسة أخرى هو الحل؟ وهل هؤلاء التلاميذ هم فعلاً المتهم الحقيقى أم أن الأسر مسئولة وكذلك المدرسة؟!
لا أدرى هل مازالت المدارس بها أخصائية اجتماعية مثل زمان.. وهل تقوم بدورها وتبحث حالات التلاميذ وتعالجهم نفسياً أم أن هذا المنصب لم يعد موجوداً؟
أذكر عندما كنا فى المدرسة منذ سنوات بعيدة.. قام أحد التلاميذ بتوجيه كلام جارح للأستاذ فقام الناظر بفصل التلميذ من المدرسة لمدة عام.. وما حدث أن هذا الولد لم يعد للمدرسة أبداً وذهب لورشة نجارة وتغير مستقبله.. ولا أدرى هل أصبح صاحب ورشة أم أنه ظل مجرد «بلية» ولكن كل ما أعرفه أنه لم يعد لأى مدرسة وتسرب من التعليم.. فهل كان فصله هو الحل.. أم أن هناك بالتأكيد أساليب أخرى للعقاب ليس من بينها الحرمان من الدراسة والتربية والتعليم؟!
يقلد الأطفال ما يشاهدونه فى التليفزيون والسينما.. وكما نرى فإن بعض الأعمال الدرامية من أفلام ومسرحيات يشجع على العنف والقتل والاغتصاب.. أو الاستهزاء بالمعلم والسخرية من المعلم.. فكل التلاميذ يريدون أن يتحولوا إلى مشاغبين.
بداية بناء الإنسان تكون فى الأسرة والمجتمع المحيط بها.. ثم المدرسة بجميع العاملين فيها من حارس البوابة والدادة والفراش إلى المدرسين والمديرين والنظار.. وإلى جوار البيت والمدرسة هناك المؤسسات الدينية والاجتماعية.. كل ذلك يؤثر فى تكوين الشخصية منذ الطفولة.. فهل تقوم كل جهة بما عليها؟!
يحتاج بناء الإنسان إلى جهد شاق وإلى وقت.. فلن ينصلح حال المجتمع بين يوم وليلة.. ولكن لابد أن تكون هناك رؤية وفكر وخطة.. وعلينا الاهتمام بالتعليم والثقافة.. ولا نترك مدارسنا فى أيدى الأجانب ليفعلون ما يريدون دون رقابة مشددة فإذا كان من الممكن أن تكون هناك جامعات أمريكية وفرنسية وإنجليزية وروسية وغيرها فلا يمكن أن تكون هناك مدارس غير مصرية دون رقابة.. فلا توجد دولة فى العالم تعطى أطفالها وعقول أجيالها القادمة لتقوم بتشكيلها ثقافة أخرى ويتربون على أخلاقيات وعادات وتقاليد مختلفة ولا تناسب لا ديننــا ولا أخلاقنا!!
للأسف توجد مدارس لغات لا تهتم سوى بتحصيل أكبر قدر من الأموال من جيوب أولياء الأمور عن طريق استنزافهم بمصاريف كتب غير التى تقررها وزارة التعليم أو لشراء لوازم للفصول أو تنظيم رحلات بأسعار خرافية أو تنظيم حفلات وأيام ترفيهية للأطفال برسوم مرتفعة دون مراعاة وسائل الأمان.
لابد من تشديد الرقابة على المدارس والحضانات ومراجعة كافة المناهج التى يتم تعليمها للأطفال.. والأهم حُسن اختيار العاملين فى المدارس والحضانات الذين يتعاملون مع فلذات أكباد المصريين وتدريبهم.. وبالنسبة للأطفال فى القرى والنجوع علينا عدم تركهم ليتسربوا من التعليم بحجة نقص عدد المدارس ولا مانع من فتح مدارس الفصل الواحد حتى لو كانت فى الحقول أو فى المساجد والكنائس ودور المناسبات.. المهم ألا نترك تلميذاً دون تعليم.. ويمكن الاستفادة من قصور الثقافة وبيوت الشباب وإنشاء فصول بها إلى جانب دورها فى الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية للارتقاء بالوجدان وإبراز المواهب وعدم ترك الأطفال والشباب للفراغ أو الانشغال بما لا ينفع أو السقوط فى براثن الإدمان والضياع والتطرف والصفحات السوداء على مواقع التواصل!!









