> لابد أن نبدأ هذا المقال بتحية واجبة للمملكة العربية السعودية.. ونحن نتناول هنا موضوع المعارض ودورها فى الاقتصاد.. والمناسبة هى إقدام السعودية على تنظيم مؤتمر ومعرض سياحى دولى فى الرياض فى سبتمبر القادم.. فى الوقت الذى كان لدينا معرض سياحى يتزايد الاقبال عليه عاما بعد عام.. ولكننا استعجلنا النتائج فأغلقناه.. بينما تنتشر المعارض السياحية حولنا وفى اقليمنا غربا وشرقا وشمالا..
>>>
> ففى تسعينيات القرن الماضى وبداية القرن الحالى كان لدينا معرض السفر للبحر المتوسط.. والذى أوقف بعد الدورة السابعة فى عام 2005 التى وصل فيه عدد الدول المشاركة فيه إلى 50 دولة.. وكانت تنظمه الشركة البريطانية ريد المتخصصة فى المعارض والتى تنظم معرض لندن السياحى «WTM».. والتى تنظم الآن معرض دبى سوق السفر العربى والذى وصل الآن إلى دورته الحادية والثلاثين.. ولو أن دبى سلكت نفس نفس مسلكنا مع معرضها لكان المعرض قد أغلق منذ سنوات..
> الغريب فى الأمر أن من عملوا على ايقاف المعرض كانوا من صناع القرار فى صناعة السياحة المصرية.. وبعض الاقلام المغرضة.. وكان مبررهم أن المعرض بلا جدوى للسياحة المصرية وأن ما ينفق علية لا يقابله مردود يكافئ هذا الانفاق..
> بلاشك أن هذه كانت نظرة متعجلة إلى هذا المعرض.. بتعجل المردود الذى يأتى مع تراكم الخبرات.. والوصول إلى العارضين ممن يسمونهم «البائعين».. أى الذين لديهم ما يعرضونه.. وعندهم الرغبة أيضا فى التعاقد مع غيرهم فى مجالهم..
> وأذكر أنى كتبت يومها معارضا لهذا الايقاف.. خاصة وأن الشركة البريطانية المنظمة وعدت بزيادة حملة الترويج لهذا المعرض.. ولكن هذا كله لم يشفع لهذا المعرض فتوقف بعد دورته السابعة..
> ومن اللافت للنظر أن الكثيرين حاولوا تنظيم معارض سياحية عديدة.. ولكنهم لم يصمدوا أكثر من دورة أو دورتين.. وقد حاول البعض تنظيم معرض لسياحة إفريقيا ولكن لم يقدر له النجاح كذلك.. ثم نرى حولنا الآن الأردن تسعى لتنظيم معرض للسياحة الأفريقية..
>>>
> ويأتى الفشل فى تنظيم المعارض السياحية مقابلا للنجاح فى سلسلة معارض مصرية ناجحة يأتى على رأسها معرض ايدكس العسكرى ومعارض عديدة للتكنولوجيا والمعلومات ومعارض طبية ومعارض للعقارات ومعارض لأدوات البناء.. سلسلة طويلة من المعارض الناجحة.. والتى تحقق رواجا مشجعا لمنظميها على الاستمرار.. فلماذا وحدها إذن السياحة التى نعجز عن إقامة معارضها؟..
أعتقد أن السبب الأول هو أن كل هذه المعارض كانت بمبادرات فردية لا تقوى على الاستمرار من ناحية.. وتلقى من ناحية أخرى معارضة وحسد أعداء النجاح.. فى مهنة متعددة الأطراف ومتعددة التداخلات..
> ومن هنا كان علينا إذا أردنا أن يكون لنا معرض سياحي.. مع الحالة المصرية فى مثل هذه المعارض.. أن نبحث عن رأس.. أو مظلة رسمية يقام برعايتها وتنظيمها مثل هذا المعرض.. تضمن له التمويل والاستمرار.. ويمكن هنا أن يكون الاتحاد المصرى للغرف السياحية وغرفة الخمس هى المنظم لمثل هذا المعرض بتنوعها واحتوائها على كل فروع صناعة السياحة من فنادق وشركات سياحية ونقل سياحى وطيران ونقل بحرى ويخوت وسياحة غوص..
> هذا التنوع يتيح لهذا المعرض فرصا عديدة للنمو وتحقيق العائد للمشاركين فيه.. وأعتقد أن مثل هذا المشروع لو تبناه حسام الشاعر رئيس الاتحاد ووضع كل ثقله فى الوسط السياحى وراءه لأمكننا أن نرى هذا المعرض فى سبتمبر 2026 وهناك متسع من الوقت للترويج له..
>>>
> وينبغى هنا أن نشير الى أهمية صناعة المعارض بالنسبة للاقتصاد بشكل عام وبالنسبة للتسويق للمنتج الذى ينظم من أجله المعرض.. وبالنسبة أيضا لصناعة السياحة.. واذا أخذنا مدينة برلين مثالا.. وأهمية المعارض بها فانها تستضيف أكثر من مائة معرض سنويا ويزيد دخلها السنوى على خمسين مليار يورو.. وحقق معرض بورصة برلين الدولية للسياحة هذا العام ايرادا تجاوز سبعة مليارات يورو.. وتعتبر هذه البورصة مجالا واسعا للتسويق السياحى وعقد الصفقات والاتفاقيات بين المشاركين فيها..
> ولا ينبغى النظر إلى دخل هذه البورصة على أنه وحده هو الدخل المحقق منها.. بل كل نواحى الحياة والاقتصاد تنتعش فى برلين مع بورصتها.. على رأسها تأتى الفنادق التى ترفع أسعارها مع هذه البورصة وليصبح الحصول على غرفة فى فندق أمرا صعبا ما لم تكن حاجزا لزيارتك قبلها بفترة طويلة.. والبعض يحجز فى فندقه للعام القادم بمجرد انتهاء اجتماعات البورصة.. كما تنشط أيضا عمليات تأجير الشقق الفندقية.. وتنتعش مع الفنادق أيضا المطاعم والمشتروات التى يقبل على شرائها الجميع وكذلك وسائل المواصلات من سيارات الأجرة أو النقل العام..
>>>
> وهكذا فان إقامة أى معرض لا تقاس نتائجه بما يحقق المعرض نفسه كمعرض.. وإنما تقاس أيضا بمدى انعكاس اقامته على الاقتصاد بأكمله انعاشا ورواجا يشمل كل نواحى الحياة فى المدينة التى يقام بها المعرض..
> ونعود إلى الحديث عن معرض الرياض الذى يقام فى سبتمبر القادم ولاشك سيكون منصة جديدة لالتقاء أصحاب المهن السياحية للتباحث فى مستقبل مهنتهم وعقد الاتفاقات والصفقات بينهم والترويج لمشروعاتهم.. وتنظمه شركة ريد البريطانية وهى نفس الشركة التى كانت تنظم معرض القاهرة السياحى وأوقفناه فى عام 2005..
> العالم يتحرك.. ويتقدم.. وعلينا أن نسارع نحن أيضا بالحركة فى مجال المعارض وابتكار أنواع جديدة من المعارض تجذب الزوار لمصر وأن تقترن هذه المعارض بمناسبات سياحية وفنية ورياضية لنزيد من فعالياتها.. وتجذب المزيد من السياح..









