بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، عقد اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي ندوة تحت عنوان “دور الإعلام في مناهضة العنف ضد النساء”، بحضور نخبة متميزة من الخبراء والقيادات النسائية من ٨ دول عربية، هي فلسطين والسودان وسوريا والجزائر والأردن ومصر واليمن وموريتانيا.
وأكد السفير محمد العرابي، رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية، في افتتاح الندوة، أن المرأة هي من تتحمل ويلات الحروب وقسوتها، وتتحمل عبء أسرتها، وحيّا صمود المرأة الفلسطينية في غزة في وجه الإبادة الجماعية للاحتلال الإسرائيلي، كما أشار إلى الصعوبات التي تعيشها النساء السودانيات في دارفور وغيرها، والمرأة في سائر مناطق الحروب والنزاعات في منطقتنا، وأكد ضرورة الاعتراف بدور المرأة المجيد في كل مناحي الحياة وتقدير دورها كأم، وأهمية مساندة وسائل الإعلام للمرأة وبناء وعي جمعي مساند للمرأة وحقوقها.
ومن جانبه، أكد الدكتور محمد إحسان، الأمين العام لمنظمة التضامن، أهمية تكاتف النساء وعملهن معًا والتشبيك والتنسيق لنصرة قضاياهن.
أدارت الندوة الأستاذة أسماء الحسيني، مدير تحرير الأهرام ونائبة رئيس الاتحاد، التي أكدت أن العنف يتصاعد ضد النساء في المنطقة العربية والقارة الأفريقية والعالم كله بشكل خطير في أوقات السلم والحرب، وأنه لا بد من جهود مكثفة على جميع الأصعدة لمنع إيذاء النساء جسديًا أو نفسيًا أو اقتصاديًا أو سياسيًا أو في الفضاء الإلكتروني، مؤكدة أن الإعلام سلاح مهم من أجل تعزيز مكانة المرأة واحترامها والدفاع عن حقوقها على المستوى الداخلي والدولي وفضح كل الانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحقها.
ركزت المتحدثات في الندوة على دور الإعلام في مناهضة العنف ضد النساء، وتم التطرق في الحديث إلى العنف ضد النساء في أماكن الصراعات والحروب وخاصة في منطقتنا العربية في سوريا وفلسطين والسودان.
وقالت الدكتورة ليلى موسى، الكاتبة وممثلة سوريا الديمقراطية في مصر، والتي تم تكريمها من قبل اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي: “إن العنف ضد النساء ليس مشهدًا عابرًا، وليس خلافًا داخل أسرة يمكن تهدئته بكلمتين، إنه نظام متكامل من السلوكيات والأفكار والقوانين التي ترسَّخت عبر أجيال، حتى أصبحت المرأة – في كثير من البيوت – آخر من يؤخذ رأيها، وأول من يُلام، وأكثر من يُطالَب بالصبر”.
وأضافت: “أن السنوات التي مرت على سوريا منذ عام 2011، لم تكن سهلة على أحد، لكنها كانت أقسى ما تكون على النساء. فالحرب، كما نعرف جميعًا، لا تدمّر البيوت فقط، بل تترك ندوبًا في الروح، وتفتح أبوابًا واسعة للعنف بكل أشكاله، كالزواج المبكر للقاصرات اللاتي لا يعرفن معنى الزواج، والعنف داخل الأسرة، والاستغلال الجنسي، والتهديد بلقمة العيش، بل وحتى الاتجار بالبشر. وفي بعض المناطق السورية، كانت النساء للأسف جزءًا من أدوات الحرب نفسها، فقد خُطفن، أو تعرضن للاغتصاب، أو دُفعن إلى الهرب من مُدُنِهِنَّ تحت التهديد… وفي مناطق أخرى فُرضت عليهن قيود قاسية على اللباس، والحركة، والتعليم، والوظيفة، بحجج مختلفة، وكلها تصب في النهاية في دائرة واحدة، وهي التضييق على المرأة وإقصاؤها”.
وألقت موسى الضوء على التجربة المميزة للنساء الكرديات، حيث تتواجد المرأة في أماكن صنع القرار وفي إقرار تشريعات خاصة لمناهضة العنف ضد المرأة، كما حملت المرأة السلاح للتصدي للجماعات الإرهابية.
وأكدت موسى: “نحتاج من الإعلام أن يكسر الصمت الذي يمنع النساء من الكلام، ويواجه تلك الصورة النمطية التي تجعل المرأة دائمًا الحلقة الأضعف، ويقدّم نماذج لنساء ناجحات وفاعلات، لا كاستثناءات، بل كجزء طبيعي من المجتمع، وأن يشارك في الضغط لتغيير قوانين ما زالت تسمح بالعنف، أو تغضّ الطرف عنه”.
ومن جانبها، قالت الأستاذة سامية الهاشمي، المحامية والخبيرة الحقوقية السودانية: “نجتمع اليوم لنناقش قضية تمس جوهر العدالة والكرامة الإنسانية، وهي قضية العنف ضد المرأة، وهي ليست مجرد انتهاك فردي، بل هي جرح اجتماعي يهدد استقرار المجتمعات ويقوض مسيرة التنمية والديمقراطية”.
وأضافت: “في مواجهة هذا التحدي، يقف الإعلام – التقليدي والرقمي – كأحد أهم أدوات التغيير. الإعلام ليس مجرد ناقل للأخبار، بل هو صوت الضحايا، ومنصة للتوعية، وسلاح لمناهضة الصور النمطية التي تشرعن العنف، وهو قادر على أن يكسر الصمت، ويمنح النساء مساحة للتعبير عن معاناتهن، وأن يضغط على صانعي القرار لتبني سياسات وتشريعات تحمي الحقوق وتضمن المساواة”.
وانتقلت للحديث عن الوضع المأساوي في السودان.
وأشارت الهاشمي إلى القتل والاغتصاب والتهجير القسري للنساء على أساس عرقي في الفاشر، وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في كردفان والجزيرة وغيرها.
ومن جانبها، أشارت الدكتورة رانيا اللوح، الإعلامية الفلسطينية، إلى استخدام سلاح الاغتصاب والاعتقال والتعذيب في فلسطين من جانب العدو الصهيوني، وقالت إن هناك ٣٧ صحفية فلسطينية استُشهِدت بسلاح العدو الصهيوني بجانب ٧٠ ألف شهيد، ٥٠% منهم نساء.
وتناولت الدكتورة نوال العربي، الخبيرة ورئيس اتحاد النساء الجزائريات في مصر، أشكال العنف الأسري والمجتمعي والرقمي ضد المرأة في أفريقيا وفي المنطقة العربية، وألقت الضوء على تجربة أفريقيا الوسطى والعنف ضد النساء في أوقات الحروب، والمبادرات الإيجابية لمناهضة هذا العنف.
وألقت الأستاذة نورا الجروي، رئيسة تحالف المرأة من أجل السلام في اليمن، الضوء على كافة أشكال العنف ضد النساء في اليمن، ومنها الاعتقال واستهداف الناشطات اليمنيات والعنف الرقمي.
وتحدثت من مصر الأستاذة كريمة الحفناوي، القيادية في الحزب الاشتراكي المصري، حول الثقافة المجتمعية الذكورية والعنف القائم على النوع، وتأنيث الفقر، وتحدي زواج القاصرات وتسرب الإناث من التعليم والبطالة في صفوف النساء، وختان الإناث، ودعت لتطوير المناهج التعليمية وتحسين صورة المرأة في الدراما والإعلام، ودعت لشراكات وجهود مشتركة بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني للعمل من أجل مناهضة العنف ضد النساء.
وألقت الأستاذة نادية عز الدين، مسؤولة مكتب المرأة في حزب الوعي، الضوء على تجربة مضيئة، وهي مبادرة “اعرفي حقك” لتوعية النساء بحقوقهن وأهمية الإبلاغ عما يتعرضن له من عنف لفظي أو بدني أو جنسي أو رقمي.
وانتهت الندوة إلى عدد من التوصيات على رأسها أهمية دور الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وأيضًا الدراما التليفزيونية بجانب البرامج الثقافية الخاصة بالمرأة، وأهمية هذا الدور في التوعية ومناهضة الأفكار والعادات المجتمعية التي تقوم على التمييز ضد المرأة، مع الحث على إصدار تشريعات عادلة ومناهضة للعنف ضد المرأة، كما أوصت الحاضرات والحضور بتكوين جبهة للنساء الأفريقيات والآسيويات.
وأوصت الندوة بدمج الإعلام التقليدي والرقمي في حملات مشتركة لمناهضة العنف، وتدريب الصحفيين والناشطين الرقميين على التغطية الحساسة للقضايا النسوية، وإطلاق منصات رقمية لتوثيق الانتهاكات ومشاركة قصص وتجارب النساء، ونشر رسائل الحملات الرقمية على نطاق أوسع.
كما أوصت الندوة بسن تشريعات واضحة لمكافحة العنف الرقمي وحماية النساء من الابتزاز والتحرش الإلكتروني، وتعزيز الشراكات بين الإعلام والمجتمع المدني لتوسيع أثر الحملات وضمان استدامتها، وإقناع صانعي القرار بضرورة التحرك.
وفي تصريح، قال الدكتور نزار الخالد، رئيس اتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي: “إن دور الإعلام في التوعية وكسر الصمت والضغط على صانعي القرار وتغيير الصور النمطية يمكن أن يقود مجتمعاتنا نحو مستقبل أكثر عدالة ومساواة”، مؤكدًا أهمية توحيد الجهود الإعلامية والحقوقية لمناهضة العنف ضد المرأة بكافة أشكاله.










