على هامش أعمال الدورة الرابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية حماية بيئة البحر المتوسط من التلوث «اتفاقية برشلونة»، الذي يُقام هذا العام تحت شعار «الاقتصاد الأزرق المستدام من أجل بحر متوسطي مرن وصحي»، وبمشاركة وزراء وممثلي 21 دولة ومنظمات إقليمية ودولية، شهدت الفعاليات نقاشات موسعة ركزت على قضايا الإدارة المستدامة للتراث الثقافي البحري المغمور، ومنع التلوث الناجم عن السفن، وعمليات إيقاف تشغيل منشآت النفط والغاز.
التراث البحري المغمور في صدارة النقاشات
في الجلسة الأولى، تناول المشاركون مستقبل التراث الثقافي البحري المغمور في مصر، عبر دراسة حالة مشروع إنشاء المركز المتكامل للتراث الثقافي البحري والمغمور في قلعة قايتباي. وتم خلال الجلسة عرض التحديات القائمة وسُبل تعظيم الاستفادة من هذا الإرث لتعزيز التنمية المستدامة على المستويات الاقتصادية والثقافية والبيئية والاجتماعية.
- استعرض الدكتور أسامة النحاس، خبير التراث بمنظمة «الإيسيسكو»، تقييماً شاملاً للوضع الحالي وجهود الحماية والإدارة.
- أكد الدكتور سامح رياض، رئيس فرع جهاز شؤون البيئة بالإسكندرية، أهمية المشروعات الحكومية التي نفذتها الدولة لوقف الصرف الصناعي والصحي وتحسين نوعية مياه البحر، مما أسهم في رفع الشفافية المائية اللازمة لإقامة متاحف تحت المياه وإحياء ملف الآثار الغارقة، بما يعزز مكانة الإسكندرية على خريطة السياحة العالمية.
- كما تناولت كل من الدكتورة دينا رمضان، مدير التنمية المستدامة بقطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار، والدكتور أحمد إسماعيل، مدير شركة بيتشر للاستشارات، آفاق تطوير التراث المغمور واستثماره.

التعاون الإقليمي لمنع تلوث السفن
ركزت الجلسة الثانية على التعاون الإقليمي لمنع التلوث الناجم عن السفن في البحر المتوسط، حيث عرض السيد إيفان ساموت، مدير المركز الإقليمي للاستجابة لحالات الطوارئ المتعلقة بالتلوث البحري بإيطاليا، نتائج عدد من الدراسات التي أجرتها بلاده في هذا المجال.
أكد ساموت أن الحكومة الإيطالية تدعم بقوة الجهود المبذولة لتنفيذ اتفاقية برشلونة ومبادرات التعاون الإقليمي الهادفة إلى حماية البيئة البحرية. وأوضح أن بلاده تتبنى إجراءات لتحسين وقود السفن وتقليل الانبعاثات الضارة، إلى جانب تعزيز التعاون مع شركات الشحن لرفع مستوى الالتزام بمعايير السلامة.
كما أشار إلى مبادرات مهمة تشمل تدريب الكوادر الفنية، وتطوير البنية التحتية، ووضع خطط مشتركة بين دول المتوسط لتحسين الرقابة والاستجابة للحوادث البحرية، وتنفيذ الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية «ماربول» الخاصة بمنع التلوث البحري.
آليات مستدامة لإيقاف تشغيل منشآت النفط
خُصصت الجلسة الثالثة لعرض آليات «إيقاف تشغيل منشآت ومنصات النفط والغاز». أوضح كارلوس هينريك فريدريك، مدير الرابطة الدولية لمنتجي النفط والغاز (IOGP)، أن هذه العملية تعد معقدة ومتعددة المراحل، وتتطلب التزاماً صارماً بالأطر التشريعية والاشتراطات البيئية.
وشدد على أهمية تبني الفرص الدائرية التي تتيح إعادة توظيف الأصول البحرية، مما يقلل من الآثار البيئية ويحقق قيمة اقتصادية واجتماعية مضافة. وأكد أن الإرشادات العلمية الحديثة تدعم اتخاذ قرارات مستدامة، بينما يساهم نهج إعادة الاستخدام وإعادة التدوير في إطالة عمر الأصول، وتقليل البصمة الكربونية، ورفع كفاءة استخدام الموارد.
وبذلك، يواصل مؤتمر الأطراف لاتفاقية برشلونة في دورته الرابعة والعشرين تعزيز الحوار الإقليمي والدولي حول حماية البحر المتوسط، ودعم الجهود المشتركة لتحقيق إدارة مستدامة لموارده الطبيعية وتراثه الحضاري والبيئي.









