ما الذى يجعل صديقى رجل الأعمال المتميز المجتهد الناجح.. يتحمل حالة النكد الدائم والإرهاب المستمر والحصار الخانق التى فرضته عليه زوجته؟.. لماذا كل هذا الخوف منها والذى يصل إلى حد الرعب إذا علم أنها طلبته هاتفيا ولم تجده؟.. كانت لدى صديقى أسباب منطقية تستحق التأمل.
فى أحد الأيام شعر بالإجهاد وتكاسل عن التوجه بسيارته لإحضار طفله الوحيد من المدرسة.. طلب من زوجته أن تقوم بهذه المهمة ولكنها رفضت بإصرار لأنها ليست فى يوم حظها.. قرأت ذلك فى باب الأبراج المنشور فى صحيفة يومية مع نصيحة بعدم الخروج من البيت قبل حلول المساء.. فثار عليها وأصر على أن تتولى مهمة إحضار الطقل.. يومها قال لها إنه لو كل مواليد برجها جلسوا فى بيوتهم بناء على نصيحة من «العبقري» الفلكى لتوقفت الحياة وانهارت الدنيا.. لم تشفع لها عنده نظرتها الحزينة وهى تقول له: لو كان معتوها فلماذا يسمحون بنشر خرافاته.. انصرفت مجبرة لإحضار الطفل فيما استسلم هو للنوم.
استيقظ صديقى على رنين الهاتف.. فوجئ باتصال من المدرسة يستفسر عن سبب عدم الحضور لاصطحاب الطفل.. انتابته حالة فزع، فقد مرت ساعة على خروج زوجته والمسافة إلى المدرسة لا تستغرق أكثر من عشرين دقيقة.. وتوالت الأحداث المفزعة: تعرضت زوجته لحادث مروع ونقلت إلى المستشفى لتبقى فى العناية المركزة أكثر من عشرين يوما تصارع الموت.. وأدى الحادث إلى إصابات مضاعفة فى عظام الساقين وشبه ارتجاج فى المخ ومضاعفات أخرى.. أحس صديقى بالذنب.. هو بالطبع لم يصدق أن ما حدث لها كان بسبب مخالفة نصيحة العبقرى الفلكي، ولكن يكفى أنها صدقته وليس مستبعدا أن يكون خوفها هو سبب الحادث الذى تعرضت له.. وأيا كان السبب فقد شعر بأن إصراره على خروجها بغير رغبتها هو السبب.. فتحمل النتائج بصبر وأصبح حريصا على ألا يغضبها ربما بسبب الآثار التى تركها الحادث على جسمها وحالتها النفسية.
تذكرت قصة صديقى وأنا استعد قبل سنوات.. لممارسة عبقريتى التنبؤية الفلكية بغير تخطيط بعد اعتذار محرر باب الحظ عن الكتابة لظرف طارئ.. فكرت فى استثمار لإنقاذ صديقى.. اتصلت به هاتفيا.. سألته بدون مقدمات عن برج زوجته وقبل أن يفرغ غضبه عليَّ.. أكدت له انه لن يندم كتبت: لا تستسلمى لهواجسك ولا تجعلى شكوكك تعكر حياتك.. زوجك يحبك فلا تخنقيه بغيرتك.. مفاجأة سارة تنتظرك.. أخبرته بما كتبته فى برج زوجته.. وطلبت منه أن يجهز مفاجأة سارة لها.. وكانت المفاجأة حاضرة فى ذهنه.. قضاء أيام فى المصيف الذى تحبه.
على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على هذه الواقعة لا يزال صديقى ينادينى بـ «العبقرى الفلكي».. فكلمات الحظ أعادت له زوجته وخلصته من عذاب الضمير.. هل هذا معقول؟.. معقول جداً.









