اقترب التعداد السكانى لمصر من رقم 110 ملايين نسمة.. وهو رقم لابد ان يدعونا للتفكير والتدقيق فى ابعاد كثيرة نتعرض لها جميعاً.. وأولهم الشباب الذين يصل عددهم إلى نسبة تتجاوز 60 ٪ من إجمالى عدد السكان.. أول هذه الابعاد دون ترتيب لابد ان نسأل أنفسنا كم مدرسة جديدة تحتاجها مصر لاستيعاب الاعداد الإضافية من الطلاب سنوياً.. وهل المشكلة فى بناء المدارس فقط ؟.. أم بتوفير الأطقم التعليمية المؤهلة لتعليم اطفالنا.. لنجد المشكلة كل عام تصبح أكبر وأكثر تعقيداً.. وتستعصى على أى حلول.. وعلى نفس المنوال سنجد الأمر ينطبق على المستشفيات.. وكيف اننا نحتاج إلى بناء مستشفيات جديدة دون توقف حتى تستوعب الاعداد الكبيرة من المرضى لنسبة عدد السكان.. وهى أيضاً عملية صعبة خاصة مع ارتفاع تكلفة بناء وتجهيز المستشفيات..حتى اننا نرى سنويا كم الإعلانات التى تبث عبر الفضئيات المختلفة للمساعدة فى بناء المستشفيات المختلفة فى طول البلاد وعرضها.. والبعد الثالث هو احتياجنا إلى الاستمرار فى بناء مساكن جديدة للأجيال الجديدة وإنشاء مدن جديدة تستوعب الأجيال الجديدة.
وأضف إلى ذلك بعداً آخر هو الزيادة المستمرة فى وسائل المواصلات التى لابد ان توفرها الدولة لاستيعاب الاعداد الجديدة سنوياً.. وأيضاً لابد من الاستمرار فى زيادة وتوسعة مساحات الطرق حتى لا تتسبب الزيادة السكنية فى حالة اختناق مرورى فى كل المحافظات.
أضف إلى كل ماسبق بعداً رابعاً وهو البعد الغذائى الذى يحتاجه كل مليون نسمة جديدة من منتجات البان وخضراوات وبروتين وخلافه.. وهو ما يعنى اننا مطالبون بزيادة الرقعة الزارعية باستمرارفى محاولة لتوفير غذاء يناسب الزيادة السكانية المتواصلة.
أما البعد الأصعب فكما نعلم جميعاً ان كل شاب وفتاة فى مراحل التعليم المختلفة يأملون فى الحصول على وظيفة حتى يبدأ فى تكوين مستقبله.. فأين هى فرص العمل التى تتوفر لكل هذه الملايين سنوياً.. ومن المؤكد أن الزيادة السكانية المستمرة ستساهم فى رفع وزيادة معدلات البطالة.. على الرغم من المشروعات العديدة التى تحاول الدولة ان توفر من خلالها فرص عمل للشباب.
إننى اتوجه لكل الأجيال الجديدة المقبلة على الزواج بضرورة ان يعملوا على تنظيم النسل والاكتفاء بطفلين على الأكثر.. لاننى لا أتصور اننا فى عام 2025 وهناك عائلات كثيرة مكونة من 7أفراد أو 8 فهذه الأعداد لا تحصل على حقها العادل فى العيش الكريم.. نظراً لارتفاع تكاليف الحياة.. وكلنا نعلم ذلك جيداً.. وتكون نتيجة الأعداد الكبيرة فى الأسرة أن يحدث تسرب من التعليم لمعظم أفراد هذه الأسرة.. ومن يتعلم منهم أو يكمل تعليمه لا تجده فى الأغلب على المستوى المطلوب لسوق العمل.. لأنه لم تتح له فرصة التعليم المناسب الذى يتيح لصاحبه الحصول على فرصة عمل مناسبة.
إننا على مدار عقود طويلة مضت ونحن نرى التحذيرات العديدة من الزيادة السكانية.. وعلى الرغم من ذلك ما زالت نسبة كبيرة من أبناء شعبنا لا يهتمون بهذه المشكلة.. واعرف أمثلة كثيرة لأسر تجاوز عدد أفرادها 7 أو 8 أفراد.. والأغلبية العظمى من هذه الأسر ما لم تنجح فى تعليم أبنائها.. ومعظمهم لم يكمل تعليمه.. سواء الذكور أو الإناث.. وما زالت العديد من الأسر فى الريف تحرص على زواج بناتها عند بلغوهن سن 16 سنة بالمخالفة للقانون الذى يحدد سن الزواج من 18 عاماً.. ومعظمهن تم زواجهن عرفياً حتى لا يقع الأهل تحت طائلة القانون.. ولابد ان نسأل فتاة أو طفلة تتزوج فى هذا السن وخلال عام أو عامين تكون اما لطفل أو طفلة وهى ما زالت لم تصل إلى سن 18 عاماً.. فكيف نتوقع ان تنجح هذه الأسرة فى تحديد النسل؟ وكم سيبلغ عدد أفراد هذه الأسرة عندما تصل هذه الطفلة إلى عمر الثلاثين.
إننا أمام تحد كبير يحتاج لحل ينبع من الإيمان بأهمية تحديد النسل لاننا بهذا الوضع سنتجاوز 120 مليون خلال سنوات قليلة ربما تصل إلى خمسة أو ستة أعوام.. وهذا يعنى اننا سنستمر فى استنزاف كل موارد الدولة فى بناء مدارس ومستشفيات ومدن جديدة إلى ما لا نهاية.. وستضيع فرص التنمية.. لأن الزيادة السكانية تلتهم كل شيء أمامها.. علينا ان ننظر إلى مختلف الدول المتحضرة ونرى كيف ان الزيادة السكانية فيها شبه متوقفة.. فاذا اخذنا ألمانيا كمثال فسنجد ان تعداد السكان كان عام 1974 حوالى 82 مليون نسمة.. ووصل الرقم عام 2025 إلى 84 مليون نسمة أى الزيادة التى حققتها المانية فى أكثر من 50 عاماً.. تحققها مصر فى أقل من عام.
إن الثروة البشرية قوة اقتصادية إذا أحسن استغلالها.. ولكن ما نراه عندنا ان هذه الأسر التى تنجب أكثر من 5أطفال لا تهتم بتعليمهم فى الأغلب..ولا تهتم بتغذيتهم التغذية السليمة.. لضعف الامكانيات المادية لهذه الأسر.. اننا أمام مشكلة مزمنة عجزنا حتى الآن عن ايجاد حلول لها.. ولكن حان الوقت لايجاد هذه الحلول والا سنظل ندور فى نفس الفلك وربما نجد تعداد سكان مصر يصل إلى 150 مليون نسمة خلال سنوات معدودة !!.. فهل يفيق الجميع قبل فوات الأوان.. وتحيا مصر.









