كتب/ جمال فتحي
في إطار الاستعدادات النهائية لانطلاقها، كشفت قمة “بريدج 2025” -أضخم حدث عالمي في قطاعات الإعلام والمحتوى والترفيه- عن مجموعة جديدة من الفنانين والمبدعين العالميين المشاركين في “مسار الترفيه”، ومن بينهم الثنائي رافاييل وأوريليان فرويسار، وايكليف جان، ميترا داراب، محمد دياب، وأحمد البشير، الذين يقدمون سلسلة من الحوارات حول كيفية صناعة الأعمال الإبداعية ومشاركتها واستدامة نجاحها وتأثيرها.
التحكّم والاقتصاد الإبداعي الجديد
يسلّط “مسار الترفيه” في قمة “بريدج 2025” الضوء على سؤال محوري يشغل المبدعين اليوم: كيف يحافظ الفنانون على ملكيتهم ومساراتهم المهنية في صناعة تغيّرت قواعدها بفعل التكنولوجيا والمنصات وسلوك الجمهور؟ ويُناقش هذا التحوّل عبر ثلاث جلسات رئيسية.
في جلسة “اكتسب ثقة جمهورك واكتب قواعد اللعبة من جديد”، يتناول الفنان والملحن الحائز على جائزة غرامي وايكليف جان، إلى جانب جاسون ما، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة East West Ventures، الطرق الجديدة التي يبني بها الفنانون مسيرات طويلة الأمد خارج الأنظمة التقليدية، عبر نماذج تعتمد على اقتصاديات البث، والتواصل المباشر مع الجمهور، وتطوير علاقة مستدامة معهم.

وفي جلسة “التواصل بين الشعوب بلغة K-POP”، تقدّم ميترا داراب، رئيسة HYBE x Geffen، قراءة معمّقة في واحدة من أهم الشراكات العالمية في صناعة الموسيقى، موضحة كيف ساهم نموذج “هايب” — الذي يُعنى بتطوير الفنانين وصناعة العلامة العالمية والتفاعل مع الجمهور — في إطلاق فرقة KATSEYE، وهي مجموعة فتيات عالمية خضعت لمنظومة تدريب K-POP ، وهي أشبه بمدرسة داخلية صارمة تُنشئ “نجوماً” وفق معايير دقيقة تجمع بين الفن والانضباط ورؤية تجارية طويلة الأمد، وتستند داراب إلى خبرتها الواسعة مع أسماء مثل مادونا وتوم بيتي لتفسير إعادة تعريف مفهوم النجومية في العالم اليوم.

أما جلسة “برمجة الموسيقى لعصر اقتصاد صناعة المحتوى”، فيقودها توبياس هوس، نائب رئيس العمليات في Lunar X، ليستعرض كيف تحوّلت الموسيقى في العصر الرقمي إلى محتوى يمكن تخصيصه وإعادة تشكيله وبرمجته وفق مزاج المستخدم وسياق المنصة، من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الإنتاج الحديثة، وكيف تفتح تقنيات التخصيص بالذكاء الاصطناعي والإنتاج الموجّه للمبدعين آفاقاً جديدة لابتكار موسيقي قابل للتوسّع، يواكب متطلبات اقتصاد المحتوى.
الأداء والسرد في عالم متغيّر
وفي سياق آخر، يطرح “مسار الترفيه” في القمة ثلاثة حوارات تتناول التحدي الأكبر أمام الفنانين اليوم: كيف يحافظون على الحرفية والعمق والتأثير في زمن تتحكم فيه المنصات والخوارزميات وسرعة الاستهلاك في شكل العمل الإبداعي وانتشاره.

في جلسة “تقمّص شخصيات الأعمال المسرحية والسينمائية” يستعرض الممثل السوري سامر إسماعيل الأسس التي يقوم عليها الأداء الحقيقي؛ من الانضباط أمام الكاميرا إلى التحضير العميق للشخصية، مستنداً إلى تجاربه من مسلسل “عمر” وحتى أعماله الأخيرة مثل “العميل” و”تشيللو”. ويوضح إسماعيل لماذا تبقى الحرفة والالتزام الفني جوهر التمثيل، رغم الضغوط التي تفرضها أدوات الذكاء الاصطناعي والفضاء الرقمي.
وفي جلسة “قصص خارج الجغرافيا” ويناقش المخرج المصري محمد دياب كيف يمكن للقصص المتجذّرة في ثقافة محلية أن تصل إلى جمهور عالمي من دون أن تتنازل عن قيمها أو تفقد خصوصيتها. ويتحدث عن الفرص المتاحة أمام صناع السينما العرب لتقديم أعمال تجمع بين الأصالة المحلية والقيمة الإنسانية العالمية.

أما الفنان الكوميدي والصحفي والمخرج العراقي أحمد البشير، فيقدّم في جلسة “دليل صانع المحتوى الساخر” قراءة في دور السخرية السياسية والاجتماعية في تغيير الخطاب العام، مستنداً إلى تجربته التي واجه خلالها محاولات اغتيال وضغوط رقابية قاسية. ويشرح البشير كيف يحافظ صانع المحتوى الساخر على تأثيره، وكيف تتحول الكوميديا إلى أداة مقاومة ومعرفة في البيئات المقيّدة.
الموسيقى العابرة للحدود
يقدّم “مسار الترفيه” في قمة “بريدج 2025” ثلاث جلسات تسلّط الضوء على قدرة الموسيقى على تجاوز اللغات والثقافات، وكيف تصبح جسراً للتواصل الإنساني في عالم تتقاطع فيه التجارب الفنية عبر المنصات الرقمية.
في جلسة “الموسيقى والفن والروابط الأسرية” يشارك العازفان الكلاسيكيان رافاييل وأوريليان فرويسار، اللذان نجحا في إيصال الموسيقى الكلاسيكية إلى ملايين المتابعين حول العالم من خلال محتوى رقمي أعاد تعريف طريقة تفاعل الجمهور مع هذا الفن. وتبحث الجلسة أثر المنصات الاجتماعية في تعزيز القرب العاطفي بين الفنان وجمهوره، مع الحفاظ على الحرفة الفنية وروح الأداء الكلاسيكي.

وفي جلسة “الموسيقى: لغة العالم وأشعاره” يستعرض عماد الدين مسدوا، مدير الشؤون الحكومية في “سبوتيفاي” الشرق الأوسط وإفريقيا، دور البيانات والمنصات والعروض المباشرة في بناء جسور التفاهم بين الثقافات، ودور الموسيقى في تعزيز التعاطف الإنساني عبر الحدود الجغرافية.
أما جلسة “أصوات تنطق بجميع لغات العالم”، فيشارك فيها الفنانان عزيز مرقة وفايا يونان، حيث يناقشان كيف ساعدهما الالتزام باللغة والهوية على الوصول إلى جمهور دولي واسع، ويشرحان كيف يمكن للأصالة الفنية – لا لمجاراة الترند – أن تكون الطريق نحو الانتشار العالمي للتجارب الموسيقية المحلية
صناعة النجاح
يركّز “مسار الترفيه” في قمة “بريدج 2025” على الجوانب العملية التي تمكّن الموهبة من التطوّر والتحوّل إلى مسيرة مهنية مستدامة. وتتناول الجلسات آلية تفكير المنصات في اختيار المواهب التي تستحق الاستثمار والدعم، وكيف تبني الأصوات الصاعدة حضورها في سوق شديد التنافس.
في جلسة “من الصفر إلى مليون مشاهدة.. الانتقال من الظل إلى الأضواء” يناقش كل من جورج كارالكسيس (Ten2 Media)، ودامون بونيتا (Big Family Music)، وغوردان ديلارد (Good Day Management)، المراحل الأساسية التي تمر بها المسيرة الموسيقية الناجحة: من أول خطوة في النشر والترويج، إلى تطوير سردية فنية متماسكة، وصولاً إلى بناء مجتمع من المستمعين يساند الفنان ويمنحه الاستمرارية.

وتقدّم جلسة “استراتيجية يانغو بلاي للتعاون مع المواهب” رؤية عملية حول كيفية عمل المنصات في المنطقة، حيث يكشف جو الخوند، رئيس إنتاج المحتوى في “يانغو بلاي” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عن منهجية المنصة في اختيار الفنانين والشراكة معهم، وكيفية تطوير المشاريع المشتركة مع الاستوديوهات والعلامات التجارية، والعوامل التي تجعل التعاون ناجحاً من منظور فني وتجاري. ويركّز الخوند كذلك على دور الخبرة المحلية في توجيه قرار المنصة وصياغة توجهها الإبداعي.
مستقبل البث والسرد باستخدام الذكاء الاصطناعي
يخصص “مسار الترفيه” في القمة محوراً كاملاً لمستقبل البث وصناعة المحتوى في عصر تتسارع فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، وتعيد رسم طريقة إنتاج الأعمال واستهلاكها على مستوى العالم.
في جلسة “عصر صناعة المحتوى عند الطلب” يناقش كل من سونيل باتيل (الرئيس التنفيذي لشركة Whisper)، ومعاذ شيخ (الرئيس التنفيذي لشركة STARZPLAY)، وكريستي مارشيز (الرئيس التنفيذي لشركة Kinema ونائب الرئيس التنفيذي لشراكات الترفيه في Publicis Media)، التحولات الكبرى التي تدفع منصات البث إلى إعادة صياغة نماذج عملها. وتطرح الجلسة رؤى حول كيفية التعامل مع ارتفاع التكاليف، وتباطؤ النمو العالمي، والانتقال نحو استراتيجيات جديدة، وتنويع مصادر الإيرادات.

أما جلسة “ثورة الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما” فتستضيف أليكس ماش رابوف (الرئيس التنفيذي لشركة Higgsfield AI)، وبيتر هولينز (الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة Powerhouse Partners)، والمخرج العالمي أوزير ميرشانت، لمناقشة التأثير المباشر للذكاء الاصطناعي التوليدي على صناعة الأفلام.
ويعرض المتحدثون كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي مفهوم الإبداع حين تصبح أدوات الإنتاج عالية الجودة متاحة للجميع، وما الذي يعنيه ذلك لمستقبل السينما من حيث الصوت والأصالة والعمق الثقافي، وإلى أين تتجه المعايير الفنية في عصر يستطيع فيه أي مبدع إنتاج محتوى سينمائي متطور بأدوات رقمية فقط.

وتقام قمة “بريدج” 2025 في الفترة من 8-10 ديسمبر المقبل في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك). وبوصفها المنصة الرئيسية لتحالف “بريدج”، تجمع القمة قادة قطاعات الإعلام، التكنولوجيا، الترفيه، الثقافة، التعليم، والأعمال، لبحث تعزيز التواصل بين هذه القطاعات ضمن منظومة المحتوى العالمية. وتستقبل القمة أكثر من 430 متحدثاً من 45 دولة، إلى جانب أكثر من 60 ألف مشارك من 132 دولة في برنامج شامل يتضمن أكثر من 300 جلسة وفعالية.
يشار إلى أن تحالف “بريدج” منظمة عالمية مستقلة غير ربحية تجمع القادة وصناع السياسات والرؤساء التنفيذيين والمستثمرين والمبدعين والمفكرين والإعلاميين على منصة واحدة للتعاون. ويسهم التحالف في ترسيخ أسس منظومة إعلامية عالمية أكثر ترابطاً، من خلال تسهيل تبادل الخبرات، وضمان توافق الأولويات المشتركة، ودعم التعاون الهادف والبنّاء عبر الحدود والقطاعات. ويرتكز التحالف في رؤيته على تعزيز المصداقية والثقة والشفافية بين الفاعلين في القطاع، ورفع معايير العمل الإعلامي عالمياً بما يدعم الابتكار المسؤول ويعزز مكانة الإعلام كقطاع موثوق ومحرك للتنمية.
وانطلق التحالف تماشياً مع رؤية دولة الإمارات الرامية لتعزيز التعاون العالمي والابتكار، إذ يعكس التحالف مكانة الإمارات كمركز للحوار العالمي. كما تسهم رسالة التحالف في تطوير دور الإعلام كمحرك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب دعم مساهمة قطاع الإعلام في الاستراتيجيات الوطنية واقتصاد المعرفة العالمي.









