هل يتحكم الميل والهوى فى أسلوب الإدارة؟ هل يتدخل المزاج فى تقدير رئيس العمل لمرؤسيه؟ هل ينسى أو يتناسى رئيس العمل الكفاءات.. ويفضل عليهم من يجيدون التودد له.. ومسح الجوخ.. وبمعنى أدق نفاقه.. وإجادة الانحناء أمامه.. بداية اعترف بأن هذا المقال جاء نتيجة معايشة للعديد من أوائل الثانوية العامة.. أعضاء رحلة جريدة «الجمهورية» لأوروبا.. الذين امتدت علاقتى بهم ومازالت.. العديد من السنوات.. كمشرف على هذه الرحلة.. فهؤلاء الأوائل.. يعتبرون أفضل ما فى جيلهم.. معظم هؤلاء اجبرتهم الظروف على الخروج إلى العمل فى جامعات أجنبية خارج مصر.. حققوا نجاحات غير عادية.. تفوقوا على أصحاب البلد.. فقط لأنهم وجدوا الفرصة.. والمناخ المناسب لانطلاقهم.. اتصلت بى هذا الأسبوع واحدة من هؤلاء الأوائل دفعة عام 2006.. وهى أستاذة أو بمعنى أدق عالمة فى مجالها.. تنشر المجلات العلمية العالمية أبحاثها.. لا أريد أن أذكر اسمها حتى لا يتسبب ذلك فى مضايقتها.. الحكاية.. أن هذه الدكتورة تعمل فى إحدى الجامعات المصرية.. ونظراً لكفاءتها وشطارتها.. طلبتها إحدى المؤسسات العلمية للعمل لديها.. بالإضافة إلى عملها الأصلى كأستاذة.. من هنا حدثت الطامة الكبرى.. رفضت طبعا رئيستها.. وبدأت تعاملها أسوأ معاملة.. وتتفنن فى تهميشها.. ومازالت.. أما المشكلة الأخرى.. فهى لطالب من هؤلاء الأوائل.. جاء الأول على كليته.. وتم تعيينه معيداً.. ولكنه لم يتحمل الاضطهاد وسوء المعاملة.. وذهب للعمل فى مجال آخر.. وأخرى من الأوائل.. رفضت رئيسة القسم بكليتها العمل فى القسم.. بالرغم من أنها الأولى على الكلية.. وذهبت إلى فرنسا.. وخلال مناقشة رسالتها الماجستير.. قال الأستاذ الفرنسى المشرف على الرسالة.. إن هذه الطالبة اجبرتنى على منحها أعلى درجة للماجستير فى كل تاريخ الجامعة.. وهى حالياً تعمل بواحدة من أكبر جامعات العالم.. واشتكى آخر من أن رئيسه فى العمل.. لم يختاره لحضور حفل التكريم.. بالرغم من حصوله على المركز الأول.. فى أداء العمل.. متفوقاً على جميع أقرانه.. واختار الأقل فى الترتيب.. وآخر.. اشتكى لي.. إن رئيسه فى العمل رفض أن يمنحه امتياز فى تقريره السنوى.. قائلا له: أنت حصلت العام الماضى على امتياز.. كفاية كده.. ومن المعروف.. أن من يحصل على امتياز لسنتين متتاليتين يفوز بترقية استثنائية فى هذه المؤسسة.. مديره استكثر عليه الترقية الاستثنائية.. كل هذه مشاكل يعانى منها الأوائل ولا يزالون.. ولكن نحن أمام مشاكل من نوع آخر.. مشاكل تعامل الموظف مع المواطن صاحب الحق.. نحن أمام موظف يتفنن فى تعقيد وتصعيب الأمور على المواطن.. أمامى قصة تعكس إلى أى مدى هذه المعاناة.. ذهب مواطن لاستخراج معاشه.. طلب منه الموظف.. إحضار خطاب من إدارة المرور.. برقم السيارة والشاسية والموتور.. حاول المواطن تعريف الموظف أنه باع هذه السيارة النصف نقل منذ أكثر من 15 عاماً.. ومن الصعب جدا استخراج شهادة من المرور بعد كل هذه الفترة.. حدث حوار طويل بين الموظف والمواطن.. وفى لحظة جاءت عين المواطن على شاشة كمبيوتر الموظف.. فلمح جميع بيانات السيارة مسجلة أمامه على الكمبيوتر.. وهنا قال له.. جميع البيانات أمامك.. لماذا تطلبها؟ وهنا قامت الدنيا ولم تقعد.. كيف ينظر المواطن إلى شاشة كمبيوتر الموظف.. وتحولت القضية إلى جريمة المواطن الذى تجرأ ونظر إلى كمبيوتر الموظف.. هذه نماذج سيئة.. نعانى منها جميعاً.. من هنا أقول.. إن وضع نظام (سيستم) للإدارة عندنا.. كما هو متبع فى كثير من دول العالم.. والحد من السلطة المطلقة لرئيس العمل.. لن يترك فرصة للمزاج أو الهوي.. أو سداد المعلوم.. أو البحث عن واسطة.. أمام الموظف وايضا رئيس العمل.. وحتى تصبح الكفاءة والاخلاص فى العمل.. هما معيار الترقية.. وحتى لا يهرب النوابغ من أمامنا.. أمثال مجدى يعقوب وفاروق الباز والمرحوم صاحب نوبل أحمد زويل.. وحتى نقضى نهائياً على أسلوب الإدارة بالمزاج عندنا.









