عداء إسرائيل هو الأسوأ فى تاريخ البشرية والعالم، فهو عداء تليد قديم عداء اليهود للدين الإسلامي، هو أيضا عداء المحتل الغاشم ضد أصحاب الأرض والحقوق المشروعة، وهو كذلك عداء دائم وغادر لا توقفه معاهدات أو اتفاقات سلام ولا تحد منه تدخلات من هنا وهناك، لذا فليس مستغربا انتهاك إسرائيل لاتفاق وقف اطلاق النار فى غزة، وليس جديدا عدوان جيش الاحتلال على جنوب لبنان، ثم الحديث الآن عن استعداد إسرائيل لشن هجوم شامل على كل من غزة ولبنان وإيران، لقد «ابتليت» المنطقة بوجود إسرائيل ولن تنعم أبدا بالسلام، فعقيدة الكيان الصهيونى هى الحرب والقتل والدمار والتوسع على حساب الدول العربية، ولكن ورغم كل هذا «الإجرام» الإسرائيلى فى المنطقة، يبقى الأمل فى مصر بردع الكيان الصهيونى ومنعه من تنفيذ مخططه التوسعي، والأهم: الحفاظ على ما تبقى من وحدة العرب وإنقاذ القضية الفلسطينية من الضياع.
>>>
وحقيقة فإن ثقة مصر وقدرتها على تحجيم إسرائيل لم تأت من فراغ ولا تدخــل فى نطــاق الدعاية أو المبالغة، ولكن لأن هذه الثقة جاءت بعد حروب طويلة وتجارب عديدة استوعبتها مصر واستفادت من دروسها ونجحت من خلالها فى كشف الحجم الحقيقى لإسرائيل وأنها مجرد كيان صغير يضم مجموعات من اليهود هاجرت إلى فلسطين بوعد بريطانى ونتيجة لهولوكست ألمانى وتعيش حاليا بحماية أمريكية وغربية، الحقيقة الأخرى هى أن اليهود ومنذ ملحمة أكتوبر 1973 يعيشون فى خوف دائم من إنهيار واختفاء دولتهم وان الحرب هى وسيلتهم الوحيدة للبقاء والاستمرار، وهنا نشير إلى ما جاء على ألسنة قادة جيش إسرائيل «آنذاك»: بأنه لولا التدخل الأمريكى فى الأيام الأولى للحرب لتمكنت القوات المصرية من حسم المعارك والوصول إلى تل ابيب، أما الحقيقة الثالثة فهى إدراك اليهود أنهم لن يستطيعوا مجابهة المصريين وأن الجيش المصرى هو الباقى بشهادة التاريخ.
>>>
ما قاله قادة إسرائيل يعبر إلى حد بعيد عن أهم دروس أكتوبر 1973 لجيش الإحتلال الإسرائيلي، وهو بالفعل درس مستمر حتى الآن رغم المرواغات الإسرائيلية ومحاولات انتهاك بنود اتفاقية السلام الموقعة عام 1979 بين الحين والآخر، والدليل على ذلك هذا الاعتراف الأخير لرئيس الموساد الإسرائيلى السابق يوسى كوهين والذى يتكشف منه مدى حرص تل أبيب على عدم دخول فى مواجهة مع القاهرة وعدم إغضاب مصر والقيادة السياسية المصرية، يوسى كوهين قال: إنه صاحب خطة تهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء بشكل مؤقت، رداً على هجوم طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر 2023 وأن الكابنيت الاسرائيلى وافق على الخطة، وأنه تم بالفعل إجراء عدة اتصالات بعواصم عربية وأجنبية من بينها واشنطن ولندن وطوكيو وبكين ونيودلهى، غير أن تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسى – حسم الموقف ورفض الخطة بشكل قاطع، فى إشارة إلى استحالة اتخاذ مواقف تتعارض مع مصالح مصر وأمنها القومي، ومع سيادتها وقرراها السياسى.
>>>
رواية رئيس الموساد الإسرائيلى السابق، كشفت عن أمور عديدة للأسف تعمد تجاهلها محللون سياسيون عرب، هذه الأمور توضح إلى أى مدى بلغت قوة مصر ومكانتها فى المنطقة والعالم والتى تحسبها التقارير الدولية بمقاييس القوى الشاملة للدولة وليس بمقاييس عاطفية أو غير موضوعية، فقد تزايدت قوة مصر خلال السنوات العشر الأخيرة بدرجة ملحوظة فى كافة المجالات وعلى كافة الأصعدة، ويكفى فى هذا الصدد إعادة ما ذكرته بعض التقارير الدولية بأن الاقتصاد المصرى أصبح ثانى اقتصاد على المستويين العربى والإفريقى، وأن مؤشرات النمو تضع مصر ضمن أفضل عشرة اقتصادات فى العالم خلال السنوات المقبلة، أيضا فإن القوات المسلحة المصرية خلال العقد الماضى أصبحت ضمن أفضل الجيوش فى الإقليم والعالم، وأن تسليح الجيش المصرى بامكاناته المتنوعة يمنحه القدرة والسرعة الفائقة على الوصول لأبعد نقطة فى المنطقة، أضف إلى ذلك الثروات الطبيعية والتعداد السكانى والوعاء التجنيدى ووجود ملايين المصريين ممن يستطيعون حمل السلاح، إلى جانب أمور أخرى تتعلق بالأمن الغذائى والخبرات المتراكمة والقدرة على خوض الحروب وكلها تصب فى صالح مصر، وتكشف أن بعض التحليلات السياسية التى يطلقها محللون سياسيون عرب حول موازين القوة فى المنطقة مجرد «حبرعلى ورق» لأنها تفتقد إلى الموضوعية والمصداقية وتكشف فى نفس الوقت عن «غيرة « البعض من مصر ومن صعود مكانتها فى المنطقة والعالم.
>>>
فى الأخير، فإن مصر لا يشغلها كثيراً ما يردده البعض من تصنيفات الغرض منها إثارة الجدل والخلافات، ولكن ما يشغلها حقا هو القراءة الصحيحة للأحداث حفاظاً على وحدة العرب والأمن القومى العربي، فى ظل ما يعلمه الجميع بأن إسرائيل ستظل فى خانة «الأعداء» طالما استمرت فى احتلالها وعدوانها على أراض عربية، وطالما لم يتم الإعلان عن دولة فلسطينية مستقلة، وطالما استمرت فى حرمان المنطقة من نعم الأمن والاستقرار والسلام.









