كتب / جمال فتحي
افتتح الأستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة في الشارقة، مدير مهرجان الفنون الإسلامية، بحضور الأستاذ أحمد عبيد القصير، المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق”، 3 أعمال فنية، هي: “في السكون نور” استيديو ون ثيرد، و”نجمة في المخزن” للفنان الاردني عمر درويش، و”الفضاء الفاصل” للفنانة الإماراتية رُقيّة الهاشمي، ضمن فعاليات الدورة 26 من المهرجان، وذلك في مركز للتصاميم 1971 في جزيرة العلم، وعدد من الفنانين والإعلاميين.
وتجوّل القصير والحضور بين أرجاء المعارض متعرفين على تفاصيل أعمال الفنانين التي تسعى لإظهار روح الابداع في الفنون الاسلامية، والأفكار التي تضيف بعدًا جمالياً، حيث تعكس المعنى الجوهري لشعار المهرجان “سراج”.
“في السكون، نور”
نحيلنا هذه التركيبة الفنية التفاعلية إلى رحلة روحية غامرة، وذلك عبر انتقال جسدي ومعنوي بين خيامٍ متدرجة في الحجم، والضوء، والمادة. بُنيت الهياكل من الفولاذ، وتغلّفها طبقات متغيرة من الخوص (سعف النخيل المنسوج)، تبدأ بخيام داكنة خالية من الخوص، ثم تظهر فيها الزخارف باستخدام تقنية الترصيع، وتصل إلى الخيمة الدائرية الأخيرة المكتملة بالخوص بالكامل.
في البداية، يجد الزائر نفسه داخل خيمة صغيرة ومظلمة، تُعبّر عن حالة الذات حين تكون مثقلة بالغفلة، والانشغال، وضجيج الأنا. الإضاءة الخافتة، والصمت المحيط، يدعوان للتأمل والتوقّف.
ومع التقدم في المسار، تبدأ الخيام في الاتساع والانفتاح، يزداد النور، وتصبح المواد أكثر شفافية وخفة. يتكشف الضوء تدريجيا من داخل الخيام، في إشارة رمزية إلى النور الداخلي الكامن في الإنسان. إنها رحلة لا يُضاء فيها الطريق من الخارج، بل تنكشف أنواره شيئاً فشيئاً من الداخل، تماماً كما ينكشف القلب النقيّ.
“نجمة في المخزن”
يقترح هذا المشروع تأمّلاً بصرياً وفكرياً في رمز خالد: النجمة الثمانية، المولودة من تداخل مربّعين، تجسيد لمحاكاة كونيّة تعبّر عن الاتجاهات الأساسيّة للكون، وتكوينه العنصري الأصيل.
بعد أن كانت عنصراً محورياً في الزخارف المعماريّة، والساحات الرحبة، والقباب المهيبة، ونظم التكوين الحضري، لم يَبقَ من هذه النجمة اليوم سوى صدىً باهت؛ أثر جمالي كأنّه طيف مستتر في كتل خرسانيّة، أو مندمج في بلاط المصاعد، أو ملصق على أبواب المرافق.
ما كان يوماً إطاراً للنظام المقدَّس في التصميم، أضحى الآن تلميحاً صامتاً، يتلألاً بخفوت في خلفيّة المشهد المدينيّ للمدن العربيّة المعاصرة.
يقترح هذا التجهيز الفني كبسولة ضوء – مستودعاً متخيّلاً هو في جزء منه مخزن، وفي جزء آخر صالة عرض، حيث جُمعت آثار ذلك الشكل الكونيّ القديم، وفُهرست، وعُرضت: النجمة الثمانية.
“الفضاء الفاصل”
هو تجهيزٌ فنّي يتأمل في الوجود، والسكون، ولحظات الهدوء. يوحي العمل بانّ ما نبحث عنه – من حقيقة، وسلام، والفة – قد لا يكون بعيداً، بل قد يكون هنا، حاضراً، بانتظار أن نهدأ لنراه.
في قلب هذا العمل، يتجلى جذع نخلة أجوف، لا ينتصب كشجرة، بل يعلو كممرّ، كثغرة في الزمن. أما الفراغ في داخله، فليس خواءً بل دعوةٌ إلى إعادة النظر، إلى اختبار الشعور، وفهم أن الغياب قد يحمل بدوره معنى.
في باطن الجذع، لَبٌّ من زجاجٍ شفاف. يذوب في محيطه عند ضوء النهار، بينما يتوهّج في الليل بنورٍ خافتٍ ينبعث من داخله. هذا الضوء لا يتلوّن ولا يتغير، بل يظلّ ساكناً، كتذكير هادئ بأنّ الحضور المقدّس ثابت؛ لا يستجدي انتباهاً، بل يفيض به. لا يدعو العمل إلى فعل، بل إلى سكون، إلى وقفة، إلى حضورٍ بسيط وشهادة، فأحياناً، حين نكفّ عن البحث، نبدأ في الرؤية، وربّما، ما نتوق إليه لم يكن ناقصاً يوماً، ربّما، كان هنا منذ البدء









