يمثل قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى إجراءات تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان مع الإشارة تحديداً إلى الفروع فى مصر ولبنان والأردن كـ«منظمات إرهابية أجنبية» و«كيانات إرهابية عالمية» نقطة تحول لافتة فى المشهدين الإقليمى والدولي.
فعلى الرغم من أن جماعة الإخوان، التى تأسست فى مصر منذ قرابة قرن، محظورة ومصنفة إرهابية فى عدد من الدول العربية وعلى رأسها مصر، فإن دخول الولايات المتحدة على خط هذا التصنيف يفتح مرحلة جديدة توظف فيها أدوات القانون الدولى والعقوبات المالية فى مواجهة التنظيم.
هذا التصنيف فى حال دخوله حيز التنفيذ لا يقتصر على إعلان سياسى أو توصيف نظري، بل ينطوى على تداعيات قانونية واقتصادية مباشرة، أبرزها، تجميد الأصول المالية المرتبطة بالفروع المحددة داخل الولايات المتحدة أو فى نطاق النظام المالى الخاضع لها، مع تجريم تقديم أى تمويل أو دعم لهذه الكيانات، وهو ما سيلحق ضرراً كبيراً بقدرات الجماعة المالية فى ظل هيمنة الدولار على النظام المالى العالمي، تقييد الأنشطة السياسية والمدنية المرتبطة بالفروع المستهدفة، بما يعكس دعم واشنطن لسياسات دول مهمة فى مقدمتها مصر والأردن التى حظرت الجماعة منذ سنوات مضاعفة الضغط الدبلوماسى على الدول التى تستضيف أذرعا أو واجهات للتنظيم، خاصة فى أوروبا، إذ قد تواجه حكومات أو أفرادا عقوبات أمريكية فى حال استمرار توفير ملاذات أو دعم لتلك الشبكات.
وقد ربط البيان الصادر عن البيت الأبيض بشكل واضح بين الفروع المعنية وبين دعم أعمال تضر الأمن الإقليمى والمصالح الأمريكية، مشيراً إلى صلات بين الجماعة فى الأردن وحماس، وتعاملات مع حزب الله فى لبنان، وتحريض قيادات فى فرع مصر على العنف عقب هجوم 7 أكتوبر 3202.
بهذا القرار، تقترب واشنطن أكثر من المقاربة المصرية التى لطالما اعتبرت الجماعة تهديداً للأمن القومى والاستقرار الإقليمي، كما يثبت القرار صحة الموقف المصرى وقراءتها المسبقة لتحركات الجماعة ويعطيها غطاء قانونياً إضافياً على المستوى الدولي، خاصة فيما يتعلق بتعقب التمويلات العابرة للحدود والشبكات الاقتصادية المرتبطة بالتنظيم.
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة، إذ ينتظر أن يرفع وزيرا الخارجية والخزانة تقريراً قبل الانتقال إلى الخطوات التنفيذية، وفى حال إتمام الإجراءات، فإن أثر القرار سيمتد إلى بنية الجماعة الدولة، وقدرتها على الحركة، وتموضعها السياسى داخل المنطقة وخارجها.
إنه قرار طال انتظاره، ليس فقط من جانب الدول التى عانت من ممارسات التنظيم، بل أيضاً من جانب واقع إقليمى يسعى ولو متأخراً إلى رسم حدود واضحة بين العمل السياسى الشرعي، والتنظيمات العابرة للحدود التى تتخفى خلف شعارات دينية بينما تمارس دوراً يهدد الأمن والسلم الدوليين.









