لا أدري، لماذا كل هذا التحريض ومحاولة إثارة المصريين وإحباطهم و«تنغيص» حياتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أنه يأتى من بعض من كانوا يطلقون على أنفسهم النخبة أو المعارضة إبان فترة ما قبل 2011، وقبل أن ينضم إليهم هذه المرة جماعة الاخوان الإرهابية التى بينها وبين المصريين ثأر واضح بعد فشلهم فى الحكم وثورة الشعب عليهم فى 2013.
أتصور أن هذا التحريض لا يمكن أن يندرج فى إطار المعارضة والديمقراطية وحرية الرأى والتعبير، لاسيما أن الدولة الآن على أعتاب برلمان جديد بغرفتيه، يمكن أن يسمح بتداول الرأى وتكامل الرؤى مثلما يحدث فى كل الدول المتحضرة التى تنأى ببلادها عن الدخول فى متاهات الفوضى التى تعرضت لها منطقتنا فى الربيع العربى الزائف، وسقطت وضاعت ولم ينج منها سوى مصر بفضل الله وعقلانية شعبها وصلابة قواتها المسلحة.
الأخطر فى هذا التوجه التحريضي، أنه يستند لظروف اقتصادية نالت من دول كبرى فى العالم، ولكن يتجاهلها مثل هؤلاء المعارضين سكان «الفيس بوك» وتأتى المغالطات وعملية خلط الأوراق، وإدخال الأمور الشخصية أحياناً والرغبة فى الظهور على الساحة، ما يعد عملية إرباك للمشهد العام ككل.. ولا أدرى لمصلحة من كل هذا؟!.. فليس هكذا تكون المعارضة الحقيقية التى يمكن أن تقود المجتمع والوطن إلى الخراب، بل والهلاك.. والرجوع به- كما قال الرئيس السيسى فى لقائه مع طلاب أكاديمية الشرطة- مائة سنة إلى الوراء فى عملية هدم وليس إصلاحاً إذا ما افترضنا حُسن النية، لكى نبدأ من جديد.. رغم الشواهد الكثيرة حولنا فى الدول المجاورة التى تعرضت لمثل ما تعرضنا له إبان 2011 فسقطت ولم تقم بعد، فى حين أن الله أنعم علينا بجيش مصر العظيم الذى حماها من أتون المؤامرة والسقوط.
> وإذا كان فى الإعلام من كان شاهداً على المأساة التى تعرضت لها مصر قبل وبعد أحداث يناير، فإنه من الواجب علينا أن نذكر الأجيال الجديدة التى لم تعاصر هذه الأحداث، التى عمرها الآن يتراوح ما بين العشرين والخمسة وعشرين عاماً، حيث كانوا صبية صغاراً وقتها، ربما غير واعين لما كان يجرى حولهم، ومن هذا المنطلق أستعيد مقالاً لى على هذه الصفحة، كتبته فى أغسطس 2011 وكان بعنوان «العبث الداخلي.. وأمن مصر القومي» وجاء فيه: على مر التاريخ الحديث وفى أحلك الظروف والتحديات التى واجهتها مصر، كانت الجبهة الداخلية المصرية هى العون وهى السند لقواتنا المسلحة لكى تؤدى رسالتها ومهامها الوطنية دفاعاً عن أمن مصر وسيادتها وحدودها.
كان عهدنا دائماً بالجبهة الداخلية المصرية، أنها كانت وراء كل النجاحات لقواتنا المسلحة، كانت هى الحصن الحصين، تبادله جهداً بجهد وعطاء بعطاء، فكان النصر حليفاً لمصرنا حتى فى سنوات النكسة والانكسار الأليم فى يونيو 1967.
أسترجع الذكريات العظيمة هذه الأيام، وأتساءل بدهشة وحسرة: ماذا حدث لمصر والمصريين؟!، وماذا حدث فى جبهتنا الداخلية فى أعقاب ثورة يناير؟!، ماذا جرى يا شعبنا الطيب؟!، ما كل هذا الانفلات الأمنى والمظاهرات والاحتجاجات والمطالب الفئوية بحق وبغير حق طيلة شهور السنة الماضية؟!، لماذا نحمل قواتنا المسلحة فوق ما يمكن أن يحتمل بشر؟!..
أتابع الدور العظيم الذى تؤديه قواتنا المسلحة بوطنية وإخلاص وعلى وجه التحديد منذ لحظة استغاثة هذا المخرج السينمائى بالقوات المسلحة لكى تتحرك صوب المتحف المصرى بميدان التحرير لكى تمنع المحاولات الآثمة بالاعتداء على آثار مصر وكنوزها التاريخية وهى ملقاة على الأرض تتعرض للعبث والنهب والسلب، وتكاثرت الأعباء على جيشنا وهو يؤدى دوراً ووظيفة ليست من مهمته وحتى الأيام الثلاثة الماضية وهو يشيد كنائس تعرضت للاعتداء عليها، ويؤمن استغاثات ويواجه اعتداءات على الأراضى الزراعية ويؤمن محاكمات.. وقد زاد العبث والمطالب الفئوية وقطع الطرق وتعطيل السكك الحديدية واحتجاز الوزراء فى مكاتبهم من أجل استحقاقات تحتاج سنوات لتلبيتها وليس أياماً وشهوراً.. هذا ما كتبته فى 2011، والآن أعيد التأكيد على أن مصر تواجه تحديات ضخمة تتطلب منا اليقظة.
>>>
باختصار، أيها المحرضون.. إن مصر الدولة المستقرة الآمنة التى قضت على الفوضى وعلى الإرهاب وبدأت أكبر عملية تنمية وإنجاز، قد عادت.. وإن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء.









