شهد قصر ثقافة بني سويف فعاليات الندوة التثقيفية المركزية تحت عنوان: “اللغة العربية ودورها في الثقافة الإنسانية”، التي نُظمت ضمن أنشطة الإدارة المركزية للشؤون الثقافية برئاسة الشاعر والباحث الدكتور مسعود شومان، وبالتعاون مع الإدارة العامة للثقافة العامة (المحاضرات والندوات) ممثلة في الأستاذة لبنى الطماوي.
أقيمت الندوة برعاية الكاتب المسرحي أحمد حلمي، مدير عام فرع ثقافة بني سويف، وحاضر فيها كل من الدكتور أحمد تمام والدكتور أسامة المطراوي.
اللغة هوية وذاكرة
افتتح الشاعر وليد ثابت الندوة بالترحيب بالحضور والمحاضرين، مشيراً إلى أن عنوان الندوة يفتح أبواباً واسعة على الذاكرة، و”يعيدنا إلى تلك اللحظة التي تحولت فيها العربية من لغةٍ للقبيلة والبادية إلى لغةٍ احتضنت الفلسفة والطب والفلك والمنطق، ونقلت إلى الإنسانية تراثها الأعمق في المعرفة والجمال”.
وأكد ثابت أن اللغة ليست مجرد أصوات أو مفردات، بل هي هوية تُبنى، ووعي يتشكل، ونظام في التفكير. مشيراً إلى أن اللغة العربية، بما فيها من اشتقاق وبيان ومرونة دلالية، ما تزال قادرة على مواكبة العصر وحمل قيمها الحضارية والإنسانية إلى المستقبل. ثم وجه الشكر للمحاضرين بوصفهم “قامات علمية رفيعة حملت همّ الكلمة ووهبت أعمارها للبحث والدرس”.
د. أحمد تمام: العربية لسان الهوية وضرورة تعزيزها
بدوره، أكد الدكتور أحمد تمام أن اللغة العربية هي لسان الهوية القومية، وشدد على وجود مقومات يجب تعزيزها ومعوقات يجب تذليلها. ودعا إلى الاهتمام بشأن اللغة في البيت والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام، خاصة لدى الناشئة.
كما طالب تمام بالعمل على الارتقاء بالفنون المرتبطة بالحرف العربي، مثل الأدب والغناء والرسم، مما يساهم في الارتقاء بالذائقة العربية التي تراجعت مؤخراً بسبب منافسة العامية واستخدام “الفرانكو آراب” في وسائل التواصل الاجتماعي.
وتطرق الدكتور تمام إلى قوة العربية ودورها في التجسير الحضاري عبر حركة الترجمة منها وإليها. وأشار إلى ضرورة استثمار الوسائل التكنولوجية وآفاق الذكاء الاصطناعي في الاعتناء باللغة وتطويرها، مع التأكيد على الحفاظ على الملكية الفكرية. واختتم كلمته بالإشارة إلى الإقبال المتزايد لغير العرب على تعلم اللغة، ودور ذلك في تعزيز الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية للعربية عالمياً.
د. أسامة المطراوي: اللغة جسر يربط الحضارات
تلاه الدكتور أسامة المطراوي الذي أوضح كيف تؤدي اللغة العربية دوراً محورياً في الثقافة الإنسانية بوصفها لغة حضارة وعلم وتراث. وأكد أنها ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي جسر يربط الماضي بالحاضر ويتيح نقل المعرفة بين الشعوب، وركن أساسي من أركان التنوع الثقافي العالمي.
وسلط المطراوي الضوء على المحاور التي تبرز دور اللغة العربية في الثقافة الإنسانية:
- لغة الحضارة والعلم: كانت لغة العلم والمعرفة في العصور الوسطى، واستوعبت علوم الحضارات السابقة، ولا تزال لغة رسمية في الأمم المتحدة.
- الهوية الثقافية: تعكس الهوية الثقافية للمجتمعات الناطقة بها وتحمل تاريخها وتراثها الاجتماعي.
- المساهمة في التنوع: تُعد من اللغات الأكثر انتشاراً عالمياً ويدرسها ملايين الأشخاص، مما يثري التنوع الثقافي.
- أداة للتواصل والتأثير: مثلت قوة ناعمة في التواصل الفكري من خلال الترجمة والتعايش مع الثقافات الأخرى.
- تنوع فني وإبداعي: ارتبطت بالفنون كفن الخط العربي والزخارف الإسلامية، بالإضافة إلى الأدب والفلسفة.
واختتمت الندوة ببعض المداخلات والنقاشات المثمرة من الحضور، والردود الوافية من المحاضرين، مما أضاف بعداً معرفياً أعمق لموضوع الندوة.









