اختُتم مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) في بليم، البرازيل، دون التوصل إلى المخرجات المُلِحَّة التي تحتاجها منطقتنا لمواجهة أزمة المناخ. ورغم ارتفاع سقف التوقعات خلال المفاوضات، فشلت الحكومات في وضع خارطة طريق أو هدف واضح للتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري. كما جاءت المساهمات المحدّدة وطنياً (NDCs) أقل بكثير من المطلوب لسد فجوة الطموح والحفاظ على هدف إبقاء متوسط ارتفاع حرارة الكوكب ضمن حدود 1.5 درجة مئوية.
الإخفاق في التمويل المناخي
بالإضافة إلى عدم إحراز تقدّمٍ ملموس في إجراءات التخفيف، فشل المؤتمر في توفير التمويل المناخي الضروري لدول الجنوب العالمي، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي المنطقة التي تحتاج بشدة إلى هذا التمويل من أجل التكيّف، والتخفيف، والتعويض عن الخسائر والأضرار، وضمان انتقالٍ عادل. وفي هذا السياق، كان القرار المتعلق بتمويل التكيّف مخيباً للآمال.
تعليقاً على نتائج قمة المناخ (COP30)، قالت جوى النكت، المديرة التنفيذية لـ “جرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”: “كان من الممكن أن يُشكّل مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) نقطة تحوّل وفرصةً للحكومات لرفع مستوى طموحها واتخاذ إجراءات حاسمة. لقد دفعنا بقوّة نحو تحقيق العدالة المناخية لمنطقتنا، وكنّا نريد أن نرى تقدماً ملموساً على صعيد التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري وسد فجوة الطموح للوصول إلى هدف 1.5 درجة مئوية”.
“للأسف، أخفقت الحكومات في تقديم الالتزامات اللازمة، ليس فقط لمنع التداعيات الكارثية لأزمة المناخ على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وخارجها، بل أيضاً لدعم المجتمعات في التكيّف مع التداعيات المناخية الحالية والتعافي منها”.
وفي تعليقها حول موضوع التمويل، أضافت النكت: “تُركت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرّة أخرى من دون تمويلٍ مناخي كافٍ. إن غياب الإجراءات الملموسة بشأن التمويل أبقى المجتمعات الأكثر ضعفاً في المنطقة، والتي ساهمت بأقل نسبة في أزمة المناخ، من دون الموارد اللازمة للتكيّف والتعافي من تفاقم ظواهر الطقس المتطرّف وفقدان سبل العيش. ومع استمرار فجوة التمويل دون معالجة، يتم دفع دولنا نحو مزيد من الديون، الأمر الذي يُفاقم هشاشتها ويُضاعف تحدياتها”.
تقدّم في آلية عمل بليم
في المقابل، تم إحراز تقدّمٍ ملموسٍ على صعيد آليّة عمل بليم، في خطوة مهمة نحو تحقيق الانتقال العادل. فقد تمّ الاعتراف رسمياً بحقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية ومعارفها، وهو إنجاز محوري يضع المتضرّرين الأكثر تأثّراً في صميم القرارات المناخية المستقبلية.
التطلع إلى COP31 في تركيا ومسؤولية القادة الإقليميين
لا يزال الطريق مفتوحاً، إذ يمثّل مؤتمر الأطراف الحادي والثلاثون (COP31) في تركيا لحظة محورية لتسريع الزخم العالمي نحو انتقال عادل.
وفي هذا الصدد، قالت النكت: “يجب على COP31 أن يحقّق ما لم يتمكن مؤتمر الأطراف الثلاثون من تحقيقه. نحن ملتزمون بضمان أن تُسمَع أصوات المجتمعات الأكثر تأثّراً بكل وضوح وقوّة في المفاوضات المُقبلة”.
وفي معرض حديثها عن دور قادة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أشارت النكت إلى أن: “يتعيّن على المُلَوِّثين التاريخيين أن يكونوا أول المبادِرين والأسرع في التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري. وفي الوقت نفسه، يجب على منتجي النفط والغاز الأثرياء في منطقتنا، الذين يمتلكون القدرات المالية الأكبر، أن يتحملوا مسؤولياتهم بالكامل، وأن يعملوا على تنويع اقتصاداتهم وأنظمة الطاقة لديهم، ويدعموا انتقالاً واضحاً بعيداً عن الوقود الأحفوري، بما ينسجم مع الإجماع التاريخي الذي تحقّق في الإمارات. وسيكون لدورهم القيادي على المستوى الإقليمي في مؤتمر COP31 أهمية بالغة لضمان التوصل إلى اتفاق عالمي موثوق يحافظ على هدف 1.5 درجة مئوية”.
اختتمت النكت تعليقها: “رغم الإخفاقات التي شهدها مؤتمر COP30، فإننا لن نتراجع أبداً عن المطالبة بالتحرّك العاجل الذي بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. كما أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتمتّع بموقع فريد يمكّنها من الدفع نحو انتقال عادل ومُنصِف. وإلى أن تحصل منطقتنا على آلية تمويلٍ عادلة وشفافة وخالية من الديون، تتحمّل فيها دول الشمال العالمي المسؤولة تاريخياً عن الانبعاثات وشركات الوقود الأحفوري الدولية مسؤولياتها عن الأزمة المناخية، ستظل جرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعمل بلا كلل لرفع أصوات شعوب منطقتنا”.









