تعد مصر بفضل موقعها الجغرافى الاستراتيجى وتاريخها الممتد لآلاف السنين وتنوعها البيئى الفريد، متحفاً مفتوحاً ووجهة سياحية متكاملة. لا تقتصر السياحة فى مصر على نمط واحد، بل تتشابك فيها أنواع متعددة، تمثل معاً أحد أهم الأعمدة الداعمة للاقتصاد القومى، ومحركاً رئيسياً للتنمية المستدامة فى البلاد. ويمكن تصنيف التجربة السياحية فى مصر إلى محاور رئيسية تعكس هذا التنوع الهائل.
أولاً: السياحة الثقافية والتاريخية
تعد السياحة الثقافية هى العلامة الفارقة والأكثر شهرة لمصر عالمياً. وتستقطب عشاق الحضارات القديمة والآثار، وتتركز فى مناطق محددة:
السياحة الفرعونية: وهى جوهر السياحة المصرية، وتتجسد فى الأهرامات وأبو الهول بالجيزة، والمتحف المصرى الكبير الذى يعد أكبر متحف آثار فى العالم. يضاف إلى ذلك كنوز الأقصر وأسوان، حيث المعابد الشاهقة (الكرنك، الأقصر، أبو سمبل) والمقابر الملكية فى وادى الملوك والملكات، التى تروى قصصاً عن الفراعنة.
السياحة الدينية
وتشمل زيارة المواقع التى تروى تاريخ الأديان السماوية، مثل مجمع الأديان فى القاهرة (الذى يضم الكنيسة المعلقة والمعبد اليهودي)، والأديرة القبطية القديمة فى وادى النطرون، ومسار العائلة المقدسة، بالإضافة إلى المساجد التاريخية العريقة كمسجد عمرو بن العاص ومسجد ابن طولون.
سياحة المتاحف والآثار الإسلامية: وتشمل القاهرة التاريخية، التى أعلنتها اليونسكو موقع تراث عالمى، وبها مئات الآثار الإسلامية والمساجد والقلاع، بالإضافة إلى المتاحف المتخصصة التى توثق الفن والعمارة المصرية عبر العصور.
ثانياً: السياحة الترفيهية والشاطئية:
تتمتع مصر بأكثر من 3000 كم من الشواطئ على البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، مما يغذى قطاع السياحة الترفيهية الذى يستهدف الاسترخاء والمتعة:
البحر الأحمر (سياحة الغوص والأنشطة المائية): وتعد مدن شرم الشيخ، الغردقة، ومرسى علم وجهات عالمية للغوص. مياه البحر الأحمر الدافئة، والشعاب المرجانية البكر، والتنوع البيولوجى البحرى (خاصة أسماك القرش والسلاحف والدلافين) تجعلها قبلة لهواة الغوص والرياضات المائية (كالغوص، السنوركلينج، والويند سيرف).
البحر الأبيض المتوسط: تشتهر مدن الساحل الشمالى (كالعلمين الجديدة ومطروح) بشواطئها الرملية الناعمة ومياهها الهادئة والعميقة، وتستقطب بشكل رئيسى السياحة الداخلية والسياحة العربية بحثاً عن الاستجمام صيفاً.
ثالثاً: السياحة العلاجية
ويشهد هذا القطاع نمواً متزايداً ويعكس توجه مصر نحو السياحة المستدامة والتخصصية:
السياحة البيئية والمحميات: تضم مصر أكثر من 30 محمية طبيعية. محمية رأس محمد (سيناء)، ووادى الحيتان (الفيوم)، والواحات (سيوة، الداخلة، الخارجة). وتهدف هذه السياحة إلى الاستمتاع بجمال الطبيعة وحماية البيئة، وتعد سيوة مثالاً نموذجياً للسياحة البيئية القائمة على منتجات طبيعية (الزيتون والتمور) والمياه الكبريتية.
وتستغل مصر مواردها الطبيعية فى هذا النوع. تشتهر منطقة سفاجا بالبحر الأحمر بوجود رمال سوداء ذات خصائص علاجية فريدة تساعد فى علاج أمراض الروماتيزم والصدفية. كما تُستخدم العيون الكبريتية والرمال الساخنة فى الواحات للعلاج الطبيعى والاستشفاء
رابعاً: سياحات المستقبل والتخصص
وتسعى مصر لتنويع منتجها السياحى باستمرار ليتناسب مع المتطلبات الحديثة للسوق العالمى:
سياحة المؤتمرات والمعارض: مع تطوير البنية التحتية، وخاصة إنشاء قاعات مؤتمرات عالمية فى القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة، أصبحت مصر وجهة جاذبة لاستضافة الأحداث الكبرى والمنتديات الاقتصادية، مما يستقطب سياحاً من رجال الأعمال والخبراء.
السياحة الرياضية: وهى استضافة الأحداث الرياضية الكبرى (مثل بطولات كرة القدم واليد) والفعاليات العالمية (مثل سباق الأهرامات الدولي) يشجع على قدوم الجماهير والفرق، مما ينعش الحركة السياحية.
سياحة اليخوت والسفارى: تنمو هذه السياحة مع تطوير الموانئ والمراسى فى البحرين، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام سياحة الأثرياء والرحلات الاستكشافية فى الصحارى الشرقية والغربية
ويشكل التنوع السياحى الهائل فى مصر مصدر قوة اقتصادية رئيسى: وأهمها
توليد العملة الصعبة: يُعد القطاع السياحى مصدراً تقليدياً ورئيسياً لجذب العملات الأجنبية لدعم ميزان المدفوعات.
وخلق فرص العمل حيث يوفر القطاع ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، من المرشدين السياحيين والعاملين بالفنادق إلى الحرفيين وأصحاب المشروعات الصغيرة.
دعم التنمية الإقليمية: تعمل السياحة على تطوير المناطق النائية والجديدة (كشواطئ البحر الأحمر والواحات)، مما يساهم فى تحسين البنية التحتية والخدمات الاجتماعية بها.
وللحديث بقية









