رغم أن 60 ٪ من سكان المجتمع المصرى من الشباب، إلا أن بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد أن نسبة من تجاوزوا الـ 60 عاماً بلغت 9،1 ٪ من السكان بحلول 2025، مع توقع ارتفاعها إلى 15 ٪ بحلول 2030، وارتفاع متوسط العمر المتوقع إلى 69،4 سنة للرجال و74،4 سنة للنساء، وهو ما يؤكد أن السنوات القادمة ستزيد من أعداد كبار السن ممن يحتاجون إلى دعم شامل من كافة مؤسسات الدولة وكل أفراد المجتمع.
هم جيل يختزن التاريخ والخبرة، ويواجه تحديات يومية غير مسبوقة، ساهموا فى تربية المجتمع وأصبحوا أكثر عرضة للانعزال والضغوط وضعف الرعاية الصحية. الحديث عن الكبار ليس مجرد أرقام على ورق، بل دعوة بقدر كونه واقعاً قريباً سنعيشه، إما أن نستعد له من الآن، أو نضيع من لم يضيعنا ونصبح جميعاً عبئاً خلال الأيام القادمة.
تشير البيانات إلى أن معظم كبار السن فى مصر يعملون فى أغلب القطاعات بأجور منخفضة، مع اختلاف المهن. لن أتحدث عن مهنتى، لكن يشكل العاملون منهم فى الزراعة وصيد الأسماك نحو 48 ٪، بينما يعمل 18،5 ٪ فى تجارة الجملة والتجزئة، وفقط حوالى 10،1 ٪ منهم حاصلون على مؤهل جامعى فأعلى، مما يحد من فرصهم فى المشاركة الاقتصادية والاجتماعية الفاعلة، وغالبيتهم ضعفاء اقتصاديا ويعتمدون على الدولة أو الأسرة لدعمهم.
لا توجد إستراتيجية شاملة لحماية ورعاية الكبار والاستفادة من خبراتهم مع توفير احتياجاتهم اللازمة، رغم أن استثمار الدولة والمجتمع فيهم يحولهم إلى قوة اقتصادية واجتماعية فاعـلة وليس عبئاً.
لذا يجب تطوير استراتيجية ذات أبعاد زمنية مختلفة لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية للكبــار، تشمل إقــامة نظــام رعــاية متكـامل يضم مراكز نهارية ورعاية منزلية وتأميناً صحياً شــاملاً يغطــى الأمراض «فلم لا ينضمون جميعا للتأمين الصحى بمجرد بلوغهم سن الـ 65 عاماً».
لابد من العمـل على توفير دعم مالى مباشـر، معاشات أفضل، وبرامج تحــويل نقدى للأســر التى بينها أحد كبار السن ذوى الدخل المحدود، مع العمل على دمجهم فى نشــاط اجتماعى وتعليمى مســتمر، مثل برامج تعليــم مدى الحيــاة وأنشــطة ثقافية وورش عمل جماعية تضمن مشاركة الكبار فى نشاطات الحياة المختلفة.
الذين يرغبون فى العمل جزئيا بحاجة لتسهيلات قانونية وضريبية تشجعهم على العمل، مع ضمان حقوقهم الصحية والاجتماعية. كما يحتاج مجتمعنا لحملات إعلامية مكثفة لتعزيز الاحترام والمشاركة، وبرامج مدرسية تظهر قيمة الكبار كمرجع للخبرة والحكمة، حتى نستعيد مشهد الشاب الذى يترك مقعده فى المواصلات العامة تقديرا وإجلالا لأحدهم، دون انتظار ضغط من الركاب أو طلب من أحد الكبار.
لندرك جميعا من الآن أننا سندفع ثمن تجاهلنا وإهمالنا غدا، ليس فقط بالإنفاق الصحى والاجتماعى، بل بفقدان جزء من هويتنا التى نشأنا عليها.. التحرك الوطنى الآن ضرورة لضمان استمرار تماسك المجتمع، وإلا فسنقف قريبا نبحث عن جرعات لاتكفى لتسكين الألم ولا تعالج الداء، إذا تمكنا من الحصول عليها فى نهاية طابور العلاج.









