بالرغم من أن المدن تشغل حيزًا محدودًا من مساحة الأرض الا أنها تســتحوذ على النصيب الأكبر من استهلاك الموارد وإنتاج الانبعاثات المسببة للتغير المناخى وهذه المعادلة المقلقة تثير تساؤلاً جوهريّا حول كيفية بناء مدن قادرة على استيعاب التوسع السكانى والتنمــوى دون دفــع ثمن بيئــى أواجتماعى باهظ.
ولذلك برز مفهوم المدن المستدامة كمدينة مصممة لتقليل تأثيرها البيئى إلى أدنى حد ممكن مع تحقيق توازن بين تلبية احتياجات السكان الحاليين وضمان حقوق الأجيال القادمة كما تعتمد هذه المدن على أنماط معيشة خضراء تُقلل من التلوث فى الهواء والمياه وتوظف مصادر طاقة نظيفة كالشمس والرياح بالإضافة إلى بعض التقنيات مثل أجهزة الاستشعار التى تراقب استهلاك المياه وتُحسّن إدارة النفايات.
والمدينة المستدامة تُعد نموذجًا حضريًا يهدف إلى ضمان استمرارية الحياة البشرية والبيئية على المدى الطويل من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق التقدم الاقتصادى والاجتماعى دون الإخلال بسلامة البيئة. ويستلزم تحقيق هذا النموذج توافر مجموعة من المقومات الأساسية تشمل الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة والنقل المستدام والمبانى الخضراء والإدارة المتكاملة للنفايات والتعليم البيئي.. أما المدينة الذكية تُعرف بأنها كيان حضرى يستخدم تقنيات الحوسبة المتقدمة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعزيز كفاءة وترابط مكونات البنية التحتية الحيوية وخدمات المدينة المختلفة مثل النقل والمرافق والتعليم والرعاية الصحية وغيرهما.
وتعتبر المدينة الخضراء نمطاً حضرياً وتطوير بنية تحتية خضراء تُسهم فى استعادة النظم البيئية الحضرية وتعزيز قدرتها على التعافى وتوفير مساحات طبيعية مفتوحة تُمكّن السكان من التفاعل مع البيئة بشكل مستدام.
ومن أبرز الآثار الاجتماعية للمدن المستدامة تحسين جودة الحياة حيث تحسن التنمية الحضرية المستدامة جودة الحياة بشكل كبير من خلال توفير وسائل نقل عام فعّالة، ومساحات خضراء وافرة، وتحسين الصحة العامة.. وتقليل المخاطر الصحية حيث يخفف الحد من التلوث من المخاطر الصحية وتُشير منظمة الصحة العالمية إلى أن انخفاض تلوث الهواء فى المدن الأوروبية قد أدى إلى تحسينات صحية كبيرة بما فى ذلك انخفاض معدلات أمراض الجهاز التنفسى والقلب والأوعية الدموية.
وتلعب المدن المستدامة دورًا حيويًا فى تحقيق أهداف التنميــة المستدامة حيث تحتضــن نصف ســكان العالم وتسهم بما يقارب من 70 ٪ من الأنشطة الاقتصادية العالمية وتعكس الأهداف العالمية أهمية التحضر والتركيز على جعل المدن والمستوطنات شاملة وآمنة وقادرة على الصمود.
وقد قامت مصر بتأسيس وحدة المدن المستدامة والطاقة المتجددة لتعزيز دمج مفاهيم الاستدامة البيئية والطاقة النظيفة فى تخطيط وتنفيذ المدن الجديدة سواءً تلك القائمة أو المخطط إنشاؤها وتركز الوحدة على وضع إستراتيجيات وخطط لضمان تطبيق معايير العمران الأخضر خاصة فيما يتعلق بترشيد استهلاك الطاقة وتعزيز استخدام المصادر المتجددة مع مراعاة التنوع المناخى والجغرافى للبلاد.









