حلم 60 مليون سائح سنوياً لم يعد بعيد المنال، فالدولة المصرية التى تعمل منذ عشر سنوات بأقصى سرعة فى خطة تنمية كبرى بدأت مرحلتها الأولى بتأسيس بنية تحتية متميزة بداية من منظومة طرق مثالية ومدن سياحية على مستوى عالٍ من الجودة ومطارات تستطيع استيعاب عشرات الملايين القادمين لمصر من الشمال والجنوب ســواء كانوا من الســائحين أو من المصريين المسافرين أو القادمين من شتى بلدان العالم.
ثم اختتمت مرحلتها الثانية بتطوير البنية الأثرية التى كانت آخر حلقاتها افتتاح المتحف المصرى الكبير ذلك الصرح الذى نقل مصر إلى منطقة متميزة عالميا من حيث الحفاظ على التراث والعرض المبهر والتنظيم الرائع لمسألة الزيارات، بالشكل الذى حقق طفرة كبيرة فى الصورة المعروفة عن مصر بامتلاكها ثلثى آثار العالم، سبقها عملية ترميم وتأمين المناطق الأثرية من محاولات العبث والسرقة والتهريب فضلاً عن الإعلان يوماً بعد يوم عن كشوفات أثرية تروى تاريخاً عظيماً لأجدادنا المصريين.
هذه النهضة لم تتوقف فقط عند افتتاح المتحف الكبير أو تطوير منطقة أهرامات الجيزة ولكنها طالت كل المناطق الأثرية حيث مصر الإسلامية التى تمتلك آلاف المساجد والقصور والأسبلة التى تنبئنا عما مر على مصر فى أزمة المماليك والعثمانيين وغيرهم مما لا يمكن عده.
بقيت مرحلة مهمة مازالت غائبة عنا ألا وهى الوعى الأثرى وكيفية التعامل مع الضيوف الذين يأتون لمصر لقضاء أوقاتهم سائحين ومنبهرين للاستمتاع بما تملكه مصر من تنوع فى الآثار والحضارات، وقد هالنى ما تناقلته السوشيال ميديا عن فتاة تضع أحمر شفاه على فم أحد التماثيل فى المتحف المصرى وهى كارثة كبرى أن يصل بطالبة إلى مثل تلك الجريمة وهى ذات دلالة أنها لا تعى حجم الجريمة التى ترتكبها فى غياب تام للثقافة والعلم.
فى الجانب الآخر هناك جحافل من المتسولين الذين يطاردون الضيوف والسائحين فى حى الأزهر وخان الخليلى وشارع المعز لدين الله الفاطمى الذى يرتاده عشرات الآلاف من السائحين ليلا لقضاء بعض الوقت وسط الآثار الإسلامية وعلى المقاهى وفى المطاعم.
تلك الظواهر المرعبة تقتضى تحركًا عاجلاً من المختصين لوضع إستراتيجية جديدة تبحث كيفية التعامل مع السائحين ومواجهة تلك الظواهر المرعبة والتى يمكنها أن تقضى على كل شيء وتفسد الصورة الجميلة التى بذل فيها المصريون كثيرا لكى تكون أفضل لنا وللأجيال القادمة وإن كنت أرى أن تخصيص قطاعاً من رجال الشرطة لمواجهة هذا العبث وتلك الظواهر سيكون البداية للحيلولة دون ارتكاب التجاوزات.









