عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماعًا مع 40 ممثلًا لكبريات الشركات والمؤسسات البحثية والفكرية في جنوب أفريقيا، بمشاركة الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين في الخارج، وبحضور السفير أحمد علي شريف، سفير مصر في جنوب أفريقيا. جاء ذلك بعد ساعات قليلة من وصوله إلى مدينة جوهانسبرج لترؤس وفد مصر المشارك في قمة مجموعة العشرين لعام 2025، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
وفي بداية الاجتماع الذي عُقد تحت شعار “تعزيز الشراكة الاقتصادية والتكامل بين مصر وجنوب أفريقيا” ونظمته السفارة المصرية، رحب رئيس الوزراء بممثلي مجتمع الأعمال في جنوب أفريقيا، معربًا عن تطلعه لتعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين القاهرة وكيب تاون. وأكد استعداده لتذليل أي تحديات قائمة وتقديم الحوافز اللازمة التي يمكن أن تسهم في تدفق المزيد من الاستثمارات من جنوب أفريقيا إلى مصر.
وقدم الدكتور مصطفى مدبولي عرضًا شاملًا حول مناخ الأعمال وفرص الاستثمار في مصر، مشيرًا إلى أن الحكومة المصرية تولي اهتمامًا كبيرًا بتمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي والشريك الأساسي في جهود تحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف رئيس الوزراء أنه، في هذا الإطار، تواصل الدولة العمل على تحسين بيئة الأعمال، وإقامة بنية تحتية على أعلى مستوى من الكفاءة، وتنفيذ حزمة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية التي تستهدف تعزيز الاستقرار والقدرة على الصمود، وتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري.
وتابع رئيس الوزراء أن الحكومة أطلقت وثيقة “سياسة ملكية الدولة”، التي تحدد بوضوح دور الدولة في الاقتصاد، وتتيح مساحة أوسع لمشاركة القطاع الخاص. وفي هذا الإطار، نجحت الحكومة في تحديد سقف الاستثمارات العامة عند تريليون جنيه، كما استطاعت فتح المجال أمام القطاع الخاص لقيادة الاستثمارات، حيث أسهم بنسبة 60% من إجمالي الاستثمارات الكلية خلال النصف الأول من العام المالي 2024/2025، بزيادة قدرها 80% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأكد أن هذا التطور يعكس التزام الحكومة ببناء اقتصاد أكثر تنافسية وشمولًا، يكون فيه القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للنمو.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر تمضي قدمًا في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، إذ أعلنت الحكومة اعتزامها طرح حصص في عدد من الشركات الوطنية الكبرى، بما يعكس توافر فرص استثمارية واعدة تتسق مع رؤية الدولة لعقد المزيد من الشراكات مع القطاع الخاص، مشيرًا في هذا الإطار إلى الجهود المبذولة لإسناد إدارة وتشغيل عدد من المطارات المصرية إلى القطاع الخاص.
واستطرد رئيس الوزراء قائلًا إن الحكومة المصرية أطلقت مؤخرًا المرحلة الأولى من حزمة إجراءات تيسير المنظومة الضريبية، بما يستهدف تبسيط الخدمات المقدمة لمجتمع الأعمال، وتوسيع القاعدة الضريبية، وجذب شرائح جديدة من الممولين.
وأضاف أنه انطلاقًا من إدراك الدولة للأهمية المحورية لقطاعي المشروعات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة ومبادرات ريادة الأعمال، فقد تم اعتماد إجراءات جديدة تُسهِم في تبسيط الإجراءات الضريبية لهذه الفئات، وتسريع تسوية المنازعات الضريبية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، في كلمته خلال الاجتماع الذي جمع عددًا من أبرز رجال الأعمال والفكر في جنوب أفريقيا، أن مصر تولي اهتمامًا بالغًا بملفات التحول الرقمي وتوطين الصناعة. وفي هذا السياق، توفر الحكومة حزمة واسعة من الحوافز الاستثمارية، خاصة في القطاعات ذات الأولوية، مثل: الطاقة النظيفة، وتصنيع الألواح الشمسية، وصناعة السيارات ومكوناتها (بما في ذلك السيارات الكهربائية)، والصناعات الدوائية، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها.
وأضاف أنه، في هذا السياق، أطلقت الحكومة “برنامج الرخصة الذهبية” الذي يهدف إلى تبسيط وتسريع جميع الموافقات والإجراءات اللازمة لإقامة المشروعات الاستثمارية، بما في ذلك إجراءات تخصيص الأراضي.
وتحدث رئيس الوزراء بعد ذلك عن أن الحكومة تولي اهتمامًا كبيرًا لتعزيز قدرات الدولة المصرية في مجال الطاقة المتجددة، بما يسهم في تحقيق مستهدفاتنا في هذا الإطار، والتي تتمثل في رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42% بحلول عام 2035. كما أصدرت الدولة، مطلع العام الجاري، قانون حوافز الهيدروجين الأخضر، الذي يمنح إعفاءات من ضريبة القيمة المضافة والضريبة العقارية للشركات المنفذة لمشروعات الهيدروجين الأخضر، إلى جانب حزمة من الحوافز غير الضريبية الرامية إلى تبسيط إجراءات الترخيص واستيراد مدخلات الإنتاج.
وحول الفرص الاستثمارية المهمة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن المنطقة تُعَدّ إحدى أبرز الفرص الواعدة للشركات التي تتطلع إلى بيئة عمل تجارية مستقرة وتنافسية من حيث التكلفة، وإلى تعزيز نفاذها إلى الأسواق الإقليمية والدولية.
وأضاف أنه بفضل موقعها الاستراتيجي الفريد عند ملتقى ثلاث قارات، وارتباطها بالممر الملاحي الحيوي لقناة السويس، توفر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خدمات لوجستية مُيسّرة، ونفاذ البضائع إلى عدد من الأسواق بدون رسوم جمركية، بما في ذلك أسواق الشرق الأوسط وأوروبا، فضلًا عن الاستفادة التي يمكن أن تحققها الشركات من اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر وعدد من الدول والتكتلات.
وأضاف أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تُمكّن الشركات العالمية من إقامة منشآت صناعية أو لوجستية قادرة على تقليل الاعتماد على سلاسل الإمداد ذات التكلفة المرتفعة، وتعزيز القدرة على مواجهة المخاطر الجيوسياسية، فضلًا عن الاستفادة من العمالة ذات التكلفة التنافسية، والبنية التحتية المتطورة، ومزايا النفاذ التفضيلي إلى أسواق واسعة.
وأكد أن الحكومة المصرية، في هذا الإطار، مستعدة لتقديم جميع المعلومات التفصيلية المتعلقة بالفرص الاستثمارية المتاحة والحوافز التي تقدمها الدولة للمستثمرين.
واستعرض رئيس الوزراء إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة المصرية منذ مارس 2024 والتي أسهمت في تحقيق استقرار واضح بسوق الصرف الأجنبي، وزيادة الاحتياطي النقدي، ما مكّن الجهاز المصرفي المصري من تلبية جميع الطلبات على العملات الأجنبية دون تأخير.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إنه، في هذا الإطار، تواصل مصر الالتزام بسياسة مرنة لسعر الصرف ترتكز على آليات السوق، ودون أي تدخل من البنك المركزي في سوق الصرف، وهو ما حظي بتقدير واسع من المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني، وأسفر عن رفع التصنيف الائتماني لمصر مؤخرًا. وأضاف أن السياسات الاقتصادية نجحت في كبح معدلات التضخم، ووضعها على مسار تنازلي.









