
نشأ على رائحة الطين ..وتعلم الكلام على أصوات الماكينات البدائية البسيطة وقلاع المشغولات التراثية فتعلم الصبر واكتسب القوة وأصبح رجلا يعتمد عليه منذ أن كان صبيا فمنذ نعومة أظافر د.محمود الحسيني أستاذ التاريخ ابن قرية جريس التابعة لمركز أشمون بالمنوفية قلعة التراث ومملكة جواهرجية الطين لم تكن لديه دقيقة فراغ منذ التحق بكتاب القرية حيث يأتي كل يوم إلى ورشة أسرته التي تذخر بالتحف الفخارية وتشتهر بها منذ عقود طويله وتمضي قدماه الي ورشة والده لمساعدته فى العمل فى صناعة الفخار.
نشأ رجلا صغيرا يعمل ويتعلم ويتحمل المسئولية، وكان يبدأ يومه بالذهاب الي المدرسة بملابس نظيفة، وبعد انتهاء يومه الدراسي يعود إلى والده بمنطقة الفواخرية للعمل معه ويستبدل ملابس المدرسة بثياب العمل والتي تفوح منها رائحة الطين، ويوجهه والده حتى أصبح أصغر «أسطي صنايعي» فى قرية التراث ولم يشغله العمل مع والده عن التفوق الدراسي، وكان متميزا فى دراسته يحصد بصفة مستمرة المراكز الأولى.. وفى الصف الأول الثانوي حفظ القرآن الكريم كاملا بالتجويد وكان يذاكر وهو يعمل حتى حصل على الشهادة الثانوية العامة شعبة أدبي بمجموع 90 ٪.. والتحقق بكلية السياحة والفنادق جامعة السادات، وظل مواظبا على العمل مع الدراسة يستيقظ فى الصباح يتجه إلى الجامعة ويعود على قريته للعمل حتى حصل على البكالوريوس بتقدير جيد جدا عام 2005 وبعدها قام بتكثيف ساعات عمله فى الفخار حتى يستطيع تدبير المال اللازم لتوسعة مكتب تحفيظ القرآن الكريم، وكان يوم عمله شاق يبدأ فى الصباح الباكر للعمل الفواخير إلي منتصف اليوم ثم يعود إلى مكتب تحفىظ القرآن حتي العشاء… وحينما قامت الكلية بفتح باب التقديم للدراسات العليا سارع بالالتحاق وحصل على الماجستير عام 2015 وتم تعيينه عام 2014 من الحاصلين على الماجستير مدرسا للتاريخ الثانوي بإحدى مدارس شبين الكوم ولكن ظل الهدف الأكبر لم يتحقق بعد فى الحصول على الدكتوراة، وحتى حققه بالحصول عليها فى التاريخ والحضارة الاسلامية من جامعة السادات عام 2020 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف والتوصية بطباعة الرسالة وتداولها بين الجامعات، ووسط صعوبات الحياة توفى شقيقه ومرض الوالدان بعد وفاته وظل قائما على رعايتهما ليبقي العشق للفواخير ورائحة الطين هي الرائحة الطيبة التي استنشقها.









