أثار تصريح الدكتور محمد معيط هذا الأسبوع بصفته المدير التنفيذى وممثل المجموعة العربية وجزر المالديف بصندوق النقد الدولى اهتمامًا واسعًا، بعدما أكد أن مصر أبلغت صندوق النقد رسميًا بعدم الحاجة إلى أى تمويل جديد. هذه العبارة تحمل وزنًا استثنائيًا، لأنها تصدر من شخصية داخل المؤسسة نفسها.
الإبلاغ يشير إلى أن الدولة ترى قدرتها الحالية كافية لتغطية التزاماتها دون قروض إضافية، وأنها بدأت تنتقل من مرحلة سد الفجوات إلى مرحلة تدعيم استقرار الاقتصاد عبر موارد داخلية وتدفقات رأسمالية جديدة. فالأشهر الماضية شهدت تحسنًا واضحًا فى أوضاع السيولة، وعودة نسبية للاستثمار الأجنبي، وتدفقات قوية ساعدت على دعم موقف الدولة المالي.
وفى هذا السياق، برزت صفقة استثمارات علم الروم القطرية بقيمة 29 مليار دولار .. رافق ذلك تحقيق رقم قياسى غير مسبوق فى الصادرات المصرية التى تجاوزت 50 مليار دولار لأول مرة، وهو تطور يعكس توسعًا فى القدرة الإنتاجية وارتفاعًا فى تنافسية المنتجات المصرية فى الأسواق العالمية.
وتتزامن هذه التطورات الاقتصادية مع حدث عالمى كبير هو افتتاح المتحف المصرى الكبير، الذى يُتوقع أن يتحول إلى أحد أهم مصادر العملة الصعبة فى السنوات المقبلة.. وتشير التقديرات إلى أن افتتاحه يمكن أن يدعم زيادة الاحتياطى الأجنبى بشكل مباشر وغير مباشر، خاصة مع توقعات بوصول أعداد السائحين إلى 18 مليون سائح إذا استمر الزخم الحالى فى القطاع.
لكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية، لايعنى قرار عدم طلب التمويل أن الاقتصاد المصرى تجاوز كل تحدياته. فعبء الدين ما زال كبيرًا، وضغوط الأسعار لا تزال مؤثرة فى حياة المواطن. لكن جزءًا من مغزى هذا القرار هو رغبة الدولة فى تجنب شروط جديدة من الصندوق، وإعطاء الاقتصاد فرصة للعودة إلى النمو عبر التدفقات الاستثمارية، والصادرات، والسياحة، بدلًا من الاعتماد على قروض قصيرة الأجل تزيد من الضغط المستقبلى على الموازنة.
أما السؤال المركزى للمواطن ، هل سينعكس ذلك على مستوى المعيشة؟
الإجابة الواقعية .. التحسن محتمل، لكنه تدريجي.
فإذا استمرت الزيادة فى الصادرات، ونجح قطاع السياحة فى استعادة زخمه، واستمرت الاستثمارات الجديدة كالاستثمارات القطرية فى التدفق، فستتوافر سيولة أكبر، وسيقل الضغط على العملة، ما يساعد فى تخفيف التضخم وتحسين القدرة الشرائية بمرور الوقت.
تصريح معيط بأن مصر «أبلغت الصندوق رسميًا بعدم الحاجة للتمويل» هو إعلان عن ثقة فى المسار الاقتصادي، ومحاولة للانتقال إلى نموذج يعتمد على الإنتاج والتصدير والاستثمار الحي، وليس على التمويل الخارجي. وفى ظل ارتفاع الصادرات، وتدفق استثمارات ضخمة، وافتتاح المتحف المصرى الكبير وما يحمله من دعم للسياحة والعملات الأجنبية، تبدو مصر أمام فرصة حقيقية إذا ثبت هذا المسار لتحسين مستوى المعيشة تدريجيًا ووضع الاقتصاد على قاعدة أكثر صلابة واستقلالاً.









