عندما أراد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يضع شعاراً ملخصا للجمهورية الجديدة وصفها بأنها «ديمقراطية مدنية حديثة»، بما تعنيه الكلمات الثلاثة من أن مصر للمصريين الجميع فيها سواء، لا فضل ولا تمييز لأحد يحصل كل مواطن على حقوقه كاملة وفقا للقانون، جمهورية المواطن فيها هو الأساس، توفر له فيها كافة حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويلتزم بكل واجباته، جمهورية لا تقبل أي خلل يعطل مسارها الديمقراطي، أو يمس مدنيتها.
وعندما يتصدى الرئيس ببيان واضح على صفحته الرسمية ويطالب الهيئة الوطنية للانتخابات بالتدقيق التام في فحص كل ما يتعلق بالأحداث التي وقعت في بعض الدوائر الانتخابية، وأن تكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية، فهذا لا ينفصل عن الشعار الذي رفعه للجمهورية الجديدة التي دشنها ويعمل بكل جهد على استكمال بنائها الرئيس لا يريدها جمهورية مشوهة أو بها ما يمس قوتها واستقرارها، ولذلك لم يتقبل الرئيس أن يمر الحديث عن بعض الوقائع الإنتخابية دون تحقيق دقيق وكشف كامل لكل التفاصيل، وإجلاء للحقيقة أمام الجميع، وإعادة الحق لأصحابه الأصليين وهم الناخبون الرئيس طلب بوضوح من الهيئة الوطنية للانتخابات والمستقلة فى تشكيلها وقراراتها، أن تفحص كل واقعة وأن تعلى من شفافية الإجراءات، ولو تعذر الوصول إلى إرادة الناخبين الحقيقية فلا مانع من أن تلغى المرحلة الأولى للانتخابات بالكامل أو جزئيا في دائرة أو أكثر موقف رئاسي يكشف بصدق إيمان الرئيس السيسي بالديمقراطية الكاملة وأنها ليست مجرد شعار بل واقع يريد الرئيس أن يطبق عمليا على الأرض، كمنهج وطنى وعنوان للجمهورية الجديدة والمرحلة كلها، والأكيد أن لن يحيد عن هذا الطريق ولن يسمح بالتنازل عن هذا الاختيار أو التهاون في تطبيق هذه الثوابت مهما كان الثمن والتكلفة لذلك.
ليس لدى الرئيس مانع من أن تعاد العملية الانتخابية بالكامل، أو أن يتغير كل النواب، لكنه لن يسمح بأى نقطة سوداء يمكن أن تمس سمعة الدولة التي إن تعرضت لسوء أو تشويه فليس من السهل تعويض ذلك.
الرئيس يريد مجلس نواب حقيقيا، ليس فيه تزوير للأصوات أو تزييف الإرادة الناخب، أو فرض المرشح دون حق، مجلس نواب يعبر عن الناخبين وليس عن قلة تجيد ممارسة الاعيب الانتخابات من دعايا خادعة وتدخلات سافرة لذلك وضع الرئيس هذه المسئولية كاملة في يد الهيئة الوطنية للانتخابات لتتخذ قراراتها بكل حرية ووضوح وبما يضمن الحقيقة ويحمى الديمقراطية. هذا التوجيه الرئاسي رسالة لا تخطئها عين بأن مصر – السيسي مختلفة تماما، لا تقبل سوى الطريق الصحيح، ولا ترضى بما لا يرضاه المواطن، ولا تصمت على ظلم أو تجاوز أو خطا مصر – السيسى دولة يطبق فيها القانون على الجميع وليس فيها ما يمنع الإصلاح لأى خطا مهما كان الثمن.
ولهذا كان تدخل الرئيس قبل أسابيع بإعادة مشروع قانون الإجراءات الجنائية لمجلس النواب لإعادة مناقشته لاعتراضه على عدد من مواده التي تحفظ عليها البعض، وقبل ذلك إعادته المشروع قانون الجمعيات الأهلية المراعاة ملاحظات المجتمع المدنى عليه، وهو الآن يتدخل ليضمن للناخب ألا يهدر صوته أو ينجح فى مجلس النواب إلا من اختاره بحرية وشفافية.
هذا هو منهج رئاسي مستمر ومتواصل ويقدم للجميع ضمانة واضحة، بأنه لن يصح إلا الصحيح، ولن يطبق إلا القانون، ولن يكون إلا ما يتفق مع ثوابت الدولة ويحقق الديمقراطية المدنية الحديثة التي يريدها الرئيس ونسعى إليها جميعا. الخلاصة أن هذا الموقف الذي ترجم قناعة وعقيدة راسخة عند الرئيس إذا قدم أربع رسائل مهمة.
- أولها أن الدولة تحترم إرادة الشعب ولا تقبل تجاوزها بأى شكل أو مستوى بل تعتبرها خطا أحمر واجب الاحترام.
- ثانيها أن الرئيس حريص على أن تحظى كافة مؤسسات الدولة الوطنية وفى مقدمتها البرلمان بثقة الناس وهذا لن يتحقق إلا بانتخابات تتسم بالنزاهة والشفافية.
- ثالثها طمأنة المواطن على أن صوته مؤثر ولن يتم المساس به أو إهداره ولذلك فعليه أن يشارك ويقول رأيه بكل حرية ويختار من يراه الأفضل والدولة ستنفذ إرادته.
- الرابع أن الدولة لا يعنيها من ينجح، فليس لديها أفضليات، إنما لديها رغبة في برلمان حقيقى منتخب متنوع يمثل كل أطياف الشعب.








