فى الوقت الذى ضاعفت فيه الدولة 9 مرات من الإنفاق على رعاية صحة المصريين خلال مدة لا تتجاوز 11عامًا والاهتمام بتعزيز الكشف المبكر والتشخيص والرعاية المخصصة للامراض النادرة وتوسيع فرص فحص آلاف الحالات من حديثى الولادة سنويًا ودمجها فى منظومات الإعاقة والتعليم والحماية الاجتماعية وخاصة مع إطلاق الإستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة وما يتطلبه من دفع البحث العلمى عبر المشروع القومى للجينوم المصرى لتحديد الطفرات الجينية ودعم الطب الشخصى أو المشخصن خاصة بعد أن أصبح لدينا مراكز طبية متخصصة ومتقدمة فى تحسين دقة التشخيص لتوجيه القرارات العلاجية.
تظل الحاجة إلى أهمية توفير بنية تحتية متقدمة تتضمن أجهزة التحليل الجينى والتسلسل الجزيئى عالية الجودة مسألة ضرورية لإتاحة إجراء دراسات متخصصة على المستوى الجينى والخلوى مما يساعد فى توسيع قاعدة المعرفة الجينومية لبناء بيانات علمية معتمدة تساعد على فهم الأسباب الجذرية للأمراض ولتطوير علاجات جديدة قائمة على الاساس الجزيئى للمرض.
ونجاح كلياتنا الطبية فى إنشاء المزيد من مراكز الابحاث يعد قيمة مضافة للاستثمار فى صحة المواطنين برعايتها ولدعم مسار مستدام للتطوير الصحى فى مصر والمنطقة وخاصة عند الاعتماد على البحث العلمى الجينومى الذى يمثل حجر الاساس لأى تقدم حقيقى فى الطب الحديث وهو ما يلتزم به مركز مصرى التابع لكلية طب عين شمس لدعم مسار الطب المشخصن والبحث العلمى التطبيقى فى إطار تطوير خدمات التشخيص المتقدم لتعزيز جودة الرعاية الصحية للمواطنين
ولاحظت خلال مشاركتى بالنسخة الثالثة من المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية مدى التوجه الدولى لبحث كيفية دمج الذكاء الاصطناعى فى الرعاية الوقائية بشكل قد يدور فى عقولنا التوصل لتخصيص روبوت لعلاج كل مريض مستقبلاً!!
كما انه فى الوقــت الذى كشف فيه المؤتمـر العالمى عن ان نســبة الإصابة بالأمراض النادرة التى تصيب سكان العالم لم تتخط حاجز الــ6 % مما يدفعنا لمعرفة مدى إمكانية تعامل الروبوت مع مثل هذه الحالات بديلاً عن الاطباء رغم قناعتى بإمكانية حدوث أخطاء أيضًا منه نظرًا لانه لم تدرب عليها الانظمة التكنولوجية للذكاء الاصطناعى وخاصة مع قضايا خصوصية البيانات واحتمال تسرب المعلومات الطبية الحساسة.
لاشك ان الاستعانة بالروبوت فى الرعاية الصحية تمكننا من الحصول على دقة عالية فى تحليل الصور الطبية واكتشاف الامراض مبكرًا وتقليل زمن التشخيص بالقدرة على تحليل كميات ضخمة من البيانات الطبية وبما يؤهلنا لاستخلاص انماط لا يلاحظها الطبيب مع ضمان تقليل الأخطاء البشرية الناتجة عن الارهاق.
أتصور من الاهمية التعاون بين الروبوت والأطباء فى كثير من الحالات الصحية لاتخاذ القرار العلاجى السليم والمناسب عبر تقديم توصيات مبنية على تحليل علمى واسع وبما يضمن أيضًا ارتفاع معدل دقة إجراء العمليات الجراحية من خلال الجراحة الروبوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعى لتخفيض نسبة المضاعفات بعد اجرائها وتقليل فترة التعافى بمتابعة حالة المريض بشكل مستمرعبر خوارزميات تتنبأ بالمضاعفات المحتملة.
ولكن تظل احتمالية حدوث اعطال تقنية قد تؤثر على العملية أو العلاج وفى هذه الحالة يدور التساؤل الحائر حول من يتحمل المسئولية القانونية عند حدوث أخطاء بين الطبيب والروبوت!!.
من المؤكد ان الصحة العامة تعتبر حجر الاساس لأى منظومة قادرة على الصمود أمام الازمات حتى لو كانت التكلفة مرتفعة للحصول على أجهزة وأنظمة الذكاء الاصطناعى المتقدمة طبيًا.. لذلك نجحت مصر مؤخرًا فى التصدى لأمراض الإصابة بالعمى وحصلت على شهادة دولية من منظمة الصحة العالمية بخلوها من التراكوما.









