قبل الخوض فى سلسلة مقالات حول بداية علاقتى المهنية مع دول حوض النيل، والتى بدأت بشكل مباشر عام 1996، وغير مباشر مع بداية التسعينيات لابد من الإشارة إلى العرس الانتخابى الذى شهدته مصر على مدار الأسبوع الماضى، وبغض النظر عن النتائج التى لم تظهر بعد إلا إنها تجربة لابد من الإشارة إليها باعتبارها خطوة بداية نحو مرحلة تشريعية جديدة يحتاجها المواطنون بمختلف أطيافهم لتعبر عن حقيقة الواقع اليومى لهم، أيضا لابد من التنويه إلى استمرار التحديات الصعبة التى تواجهها القيادة المصرية وشعبها فى ظل تحركاتها الواعية والمدروسة، فيما يتعلق بأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، ولنا فى التحرك المصرى بقوة وعزم وحسم نحو «الملف اللبنانى، وحلحلته لإحداث توازن مطلوب يدفع الى مزيد من الاستقرار لدول المنطقة والحد من العربدة الإسرائيلية يعطى إشارة واضحة للدور الإقليمى الذى تلعبه الدولة المصرية، ولا يمكن إنكار ذلك من قبل العدو قبل الصديق»…
نعود لحكايات من دول حوض النيل والبداية كانت فى أوغندا تلك الدولة التى تلعب دورا هاما فى الحفاظ على توازن دول البحيرات الاستوائية فى علاقتها مع الدولة المصرية، وهى البداية لأنها الدولة التى ساهمت مصر فى إنشاء أول سد «اوين» لها على البحيرات لإنتاج الكهرباء، بدأ عام 1949، والذى يُعد نموذجًا للشراكة الدائمة والتضامن الإقليمى، كما شهدت أول بعثة للرى المصرى بدول النيل الجنوبى «أقدم من إنشاء السفارة المصرية بالعاصمة كمبالا «لتراقب تصرفات النيل على بحيرة فيكتوريا، ومن خلال ذلك تقوم مصر بحساب الوارد لها من مياه النيل على مدار العام، ومن ثم تستطيع مصر عن طريقها التعامل مع احتياجاتها المائية السنوية، بالرصد والتوزيع للمياه.
النقطة الثانية أولوية أوغندا فى الحكايات أنها تستضيف المقر الرئيسى لمبادرة حوض النيل (N b I )الذى يشرف على أشكال، ومشروعات التعاون المختلفة بين دول الحوض (الشرقى، والجنوبي) فى إطار دعم دولى من الهيئات والمؤسسات الدولية المانحة، وبالتالى فهى ركن الزاوية فى هذا التعاون، ومن ثم تحتاج المتابعة.
كانت البداية عام 1996حينما قمت بزيارتها لمدة 15يوما مع الزميلة الفاضلة كريمة السروجى من جريدة الأخبار بدعوة مباشرة من الراحل عبدالهادى راضى وزير الرى ليتعرف المصريون من خلال الزيارة (كان الإعلام دائماً يذهب لمتابعة مباريات كرة القدم فقط) على جنود مصرية، وكيفية معيشتهم وحياتهم بعيدا عن أسرهم هم «أبناء الرى « يعملون فى صمت وجدية للحفاظ على أمن مصر المائى، والذى لم، ولن يتوقف !! وكانت أولى المفاجآت اكتشاف أن محطة القطار الرئيسية بكمبالا العاصمة «تربط مقاطعات الدوله الأوغندية التسعة « تحمل اسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، المفاجأة الثانية كانت فى الطريق من عنتيبى حيث «المطار الرسمى» إلى العاصمة فوجدنا نصباً تذكارياً عبارة مدفع حربى منذ أيام محمد على باشا (ابنه إبراهيم باشا قاد حملة لاكتشاف منابع النيل).
نعود للذكريات، ونقول إن مصر قدمت ومازالت تقدم الدعم المادى والفنى للشعب الأوغندى على مدار تاريخ العلاقات بين البلدين ومؤخراً فى تسعينيات القرن الماضى، وحتى الآن حيث أنقذت أوغندا من كارثة عالمية تعرضت لها فى هذه الفترة تسببت فى غرق الكثير من المدن الأوغندية بسبب انتشار الحشائش المائية، وورد النيل فى البحيرات العظمى، والمجارى المائية الأوغندية، وعليه بدأت مصر تنفيذ مشروع المقاومة بمنحه لهذه الحشائش، مما ساهم فى تحسين الملاحة والصيد والبيئة، كما تم تطوير المراسى النهرية وأسواق الأسماك بما ساهم فى تحسين البنية التحتية للصيد وتربية الأسماك للمساهمة فى دعم الأمن الغذائى وسبل العيش للمواطنين، «جزء من الدخل القومى الأوغندى يعتمد على تصدير الأسماك» كما تم إنشاء آبار جوفية وسدود لتجميع مياه الأمطار، بما ساهم فى توفير مياه الشرب النظيفة لآلاف الأوغنديين، وأيضاً تنفيذ مشروع «الحد من الفيضانات فى منطقة كاسيسى» بتنفيذ أعمال حماية على نهر نياموامبا للحد من مخاطر الفيضانات وحماية المجتمعات المحلية والبنية التحتية، وهى كلها مشروعات تخدم الأوغنديين بمختلف المقاطعات – تم نشر العديد من التحقيقات الصحفية حول هذه المشروعات من واقع المعايشة مع أبناء الشركات المصرية العاملة فيها، وكذلك طبيعة عمل مهندسى الرى هناك بما فى ذلك منطقة جنحا حيث يقع «السد اوين» وكذلك تسجيل ورصد انطباعات الأوغنديين حولها وحجم العائد لهم يكفى أن تعلم من معظم العاملين من خارج كمبالا كانوا مجبرين على حملهم أصحاب القوارب فوق رؤوسهم لأن البحيرات معقدة ولا يوجد مرسى يتحركون من خلاله الى الشط .
النص:
هناك تحركات لبعض الدول الكبرى خاصة أمريكا لعودة سيطرتها على الموارد الطبيعية الغنية الأفريقية، وإيجاد ذريعة للتدخل العسكرى والسيطرة على تلك الموارد النادرة، وعلينا الانتباه، حيث بدأ الكلام عن تزايد التهديدات الأمنية على امتداد منطقة الساحل وغرب إفريقيا.









