كل الفنون والإبداعات الثقافية قائمة على خاصية الاختيار، فالمبدع له كامل الحرية فى اختيار إبداعه وعمله الفنى المنوط به تقديمه للجمهور.
فمثلاً المؤلف والكاتب يختار مؤلفه وثيماته وأفكاره ومعالجاته وماهية طرحها، وكذلك المخرج يختار العمل الذى يضطلع بإخراجه وتقديمه للجمهور، كما يختار عناصره من ممثلين ومهندسى مناظر وغيرهم.
وكذلك للممثل أو الممثلة الحق فى القبول أو الرفض فى المشاركة فى عمل ما.
ومن هذا المنظور، فالفن والإبداع اختيار، وهذا الاختيار يسبقه الحرية، أى حرية الاختيار. وهذا المفهوم ليس بعيداً عن الفكر البرلمانى القائم مسبقاً على الترشيح والمنافسة والترشح.
ومن هذا المنطلق يأخذنا الواقع الفنى والثقافى إلى الإدارة، أى إدارة شئون الفنون والثقافة، وطرح السؤال:
لماذا لا نفكر فى الماهية والمفهوم البرلمانى فى العملية الإدارية؟
وهنا أطرح تساؤلاً واقتراحاً:
لماذا لا تكون المناصب، بداية من درجة المدير العام إلى رؤساء الإدارات المركزية، بالانتخاب؟
أى يُفتح باب الترشح لهذه المناصب، ومن يحصل على الأصوات الأعلى يفوز بالمنصب، وتكون مدته دورتين فقط، مدة كل دورة ثلاث سنوات.
هذا النظام فى مجال الفنون والثقافة يخلق نوعاً مهماً من التنافسية على تقديم الأفضل والأجود فى الإبداع الفنى والثقافي، مسرحياً وسينمائياً وسائر الفنون الأخري، مع طرح جائزة أو تقدير لأفضل إدارى ناجح وفاعل، ومنح الفرص الإدارية أمام الجميع، بدلاً من القيادات المستمرة فى أماكنها لسنوات طويلة، مع إلغاء فكرة «التدوير الإداري» أى النقل من مكان لآخر بنفس الدرجة، مما يحرم الجميع من فرص مناسبة ومتاحة فى مجالات الإدارة المتعددة.
إذا كان الفن والإبداع اختياراً، فلابد – بل وحتمي- أن تكون العملية الإدارية أيضاً اختياراً، لأن ذلك يحقق مفهوم العدالة، كما يحقق انتعاشة حقيقية فى العملية الإبداعية.
فكل ما يقوم على الاختيار يحقق نسب نجاح عالية وكبيرة، ويصون الفن ذاته من الأهواء.
والفائز الحقيقى هنا هو فنون الدولة والحفاظ على الهوية والريادة، كما يفوز أيضاً الجمهور بمشاهدة الفنون الراقية بعيداً عن السَّفَه والابتذال.
وهى فى النهاية معادلة صعبة ويسيرة وسهلة فى الوقت نفسه، لأن الفنون الراقية والثقافة التعاظمية عنوان أصيل يرسم ملامح الأمم ويكتب حروفها من نور.
خاصة أننا أولاً نملك المجد، ونحن التاريخ وأهله، ونحن أيضاً صُنّاع التفوق وكُتّاب التاريخ، ولنا جغرافيا متميزة حضارياً ووجوداً وتسطيراً وتصديراً.
فنحن التاريخ قبل أن يُولد، وحتى نصل إلى الهدف نؤكد على ماهية الاختيار فى الإبداع، فلابد أيضاً أن نختار من يدير هذا الإبداع.
وعلينا ألا نغفل أو ننسى أن مصر هى الأولى فى التوحيد والفنون والثقافة والعلوم والطب والهندسة، وكلها خرجت من رحم الاختيار، وكان عبر كل الأزمنة الاختيار سليماً وصحيحاً.
علينا أن نختار: أن نكون أو لا نكون، ونحن دائماً كان اختيارنا أن نكون.
ولكم الاختيار، وسنختار الأصلح والأفضل للإبداع وإدارة هذا الإبداع.
نعم، نحن أهل لاختيار الأفضل للإبداع المصري.









