ألقت الأفلام العربية والأوروبية المشاركة فى المسابقة الدولية الرسمية للمهرجان الضوء على قضايا عالمية هامة، أبرزها قضية المخدرات ومن خلال الفيلم الفلسطينى «كان ياما كان فى غزة» إخراج الأخوان طرزان وعرب ناصر، بينما تناول الفيلم البلجيكى «الركض الصامت» إخراج مارتا بيرجمان قضية المهاجرين والذين يزحفون للدول الأوروبية غير عابئين باللوائح مما يضعهم فى بؤرة المطاردة من سلطات البلاد .
يعتبر الفيلم الفلسطينى «كان ياما كان فى غزة» بمثابة المفاجأة بالنسبة للجمهور الذى شاهد العرض بالمسرح الكبير بدارالأوبرا، واعتقد أنه سيشاهد جزءاً من القضية الفلسطينية كعادة الافلام التى تعرض فى مصر، ولكن الفيلم تناول قضايا داخلية تتعلق بالإنسان وسلوكه فى المجتمع من خلال تناول المخدرات، ثم كشف هوية أحد رجال الشرطة الفاسدين فى عملهم وكيفية استغلال ثغرة المخدرات لمصالحه الشخصية .
الفيلم روائى طويل من إنتاج 6 دول هى فرنسا، فلسطين، ألمانيا، البرتغال، قطر، والأردن، وتبلغ مدته 87 دقيقة، ويعرض لأول مرة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن أفلام المسابقة الدولية، إذ عرض لأول مرة عالميًا فى مايو الماضى بمهرجان كان السينمائى بدورته الــ78 ضمن مسابقة «نظرة ما»، وفاز مخرجاه الأخوان ناصر بجائزة أفضل مخرج فى مسابقة نظرة ما، بعدها عُرض الفيلم فى أكثر من 20 مهرجاناً، من بينها مهرجان وارسو السينمائى الدولي، ومهرجان ساو باولو السينمائى الدولي، كما يشارك فى مهرجان الدوحة السينمائي، والمهرجان الدولى للفيلم بمراكش .
تدورأحداث الفيلم فى مدينة غزة عام 2007 حول شاب يُكوّن صداقة غير متوقعة مع صاحب مطعم يمتلك كاريزما خاصة وطيبة القلب، ويتفقان فى أن يعملا معًا ببيع المخدرات أثناء توصيل ساندويتشات الفلافل، لكن سرعان ما يُجدان أنفسيهما فى مواجهة شرطى فاسد مغرور ومتغطرس، لتتصاعد الضغوط عليهما وتتشابك الاحداث لتكشف قسوة الظروف داخل المجتمع الفلسطينى المثقل بالمشاكل اليومية.
أعرب المخرجان عرب وطرزان ناصر عن سعادتهما بتواجدهما فى مصر وبعرض فيلمهما بمهرجان القاهرة السينمائى أمام الجمهور المصرى أهم جمهور عربي، وأشارا إلى أن كتابة الفيلم استغرقت 8 سنوات حيث بدأت رحلة الكتابة عام 2015 حتى عام 2023، وتأجل تصوير الفيلم عدة مرات منها خمسة أشهر متتالية بسبب القصف المدمر، ولكن الإصرار على الانتهاء منه جعلها أكبر من العدوان مما ساهم فى تقديم مشاهد واقعية ننقلها بلا تزييف أو تجميل،
وأضافا أن الفيلم يقدم صورة واقعية لحياة الفلسطينيين قبل أحداث 7 أكتوبر، وشخصيات تعيش ظروفًا قاسية، من بينها تجار المخدرات، وأكدا أن القصص مستمدة بالكامل من البيئة اليومية فى مدينة غزة، يتناول المقاومة والشعب والإنسان بعيدًا عن ديانته وأفكاره وانتمائه، عن شاب فلسطينى لا يجد طريق العمل إلا مع تاجر مخدرات، الفيلم لا يعنى أننا غير فخورين بالمقاومة، نحن نريد أن نحكى عن حياة الناس اليومية، لا عن كيفية موتهم وقتلهم، لأن العالم كله يرى كيف يُقتل الفلسطيني.
وعن أسباب اختيارهما عام 2007 نقطة انطلاق أحداث الفيلم قالا : إنه العام الذى شهد بدء إسرائيل فرض الجدار العازل على سكان غزة، ومحاصرة مليونى فلسطينى داخل القطاع، مما أدى إلى تقليص حركة المواطنين فى نطاق ضيق، مع انقطاع الكهرباء بصفة مستمرة لساعات طويلة، إلى جانب أزيز أصوات الطائرات والذى أصبح جزءًا من يوميات السكان
ومن ناحية أخرى أبرزت الصفحة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى فيديو من العرض الخاص لفيلم «كان ياما كان فى غزة» ذكرت فيه أن الجمهور تابع مشاهدة الفيلم بتركيز شديد.
بينما يشارك فيلم «الركض الصامت » للمخرجة الرومانية مارتا بيرجمان فى المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائى فى أول عرض عالمى للفيلم، والذى يتناول قضية جوهرية يعيشها العالم الأوروبى حتى الآن وهى الخاصة بالمهاجرين الذين يتنقلون داخل القارة الأوروبية بطريقة غير شرعية من خلال فتاة عربية تونسية وشاب سورى يعيشان معاً وينجبان طفلة بدون زواج شرعى إلا أنهما يعترفان بأنهما الأبوين للطفلة التى بلغت العامين فى أحداث الفيلم.
وبالرغم أن المهاجرين للدول الأوروبية قادمون من دول مختلفة بقارتى آسيا وأفريقيا، إلا أن مخرجة الفيلم مارتا بيرجمان اختارت تقديم الفيلم من خلال شخصيات عربية، فتكشف أنهما وصلا إلى بلجيكا بطريقة غير شرعية ويسعيان إلى تكملة مشوارهما والوصول إلى إنجلترا التى سترحب بهما، فيتفقان مع أحد المهربين لنقلهم فى الليل محشورين مع 20 شخصاً آخرين من مختلف الدول العربية والأفريقية فى سيارة نقل صغيرة، إلا أن أجهزة المراقبة والكاميرات والشاشات ترصد تحرك السيارة المريب فيتم مطاردتها من خلال سيارات الشرطة والكاميرات المرتبطة بالأقمار الصناعية، وتحاول الشرطة إيقاف السيارة التى تزيد من سرعتها مما يجبر شرطى أهوج إلى إطلاق النار على السيارة والتى تصيب الطفلة الصغيرة فى مقتل فيصاب الابوين بالجنون.
«الركض الصامت» من إنتاج بلجيكا وكندا، وناطق باللغتين الفرنسية والعربية وتبلغ مدته 94 دقيقة ،وهو الفيلم الثانى لمارتا بيرجمان والتى تبلغ من العمر 63 عاماً، وبرغم مسيرتها الطويلة فى عالم السينما إلا أنها تأخرت كثيرا فى إخراج الافلام الروائية الطويلة بسبب بدء حياتها العملية كصحفية، ثم انتقلت للسينما من خلال تصوير أفلام وثائقية فى مسقط رأسها بمدينة بوخارست برومانيا، ثم اتجهت للأفلام الروائية الطويلة واول أفلامها فى عام 2018 وعمرها 56 عاماً بعنوان «وحيداً فى حفل زفافي» والذى عرض فى مهرجان كان السينمائى الدولي، وتأمل أن ينال فيلمها الثانى «الركض الصامت» أول جوائزه الدولية فى مهرجان القاهرة السينمائى .
وتقول المخرجة مارتا بيرجمان: الفيلم ناطق باللغتين العربية والفرنسية، فاللغة هنا ليست وسيلة للتواصل بل هى مساحة تتحرك فيها الصراع الداخلى لشخصيات الفيلم، ونحن لا نتعامل مع الهجرة غير الشرعية كقضية سياسية بل ندخلها بإبراز التفاصيل الفردية والمعاناة التى يعيشها هؤلاء فى إصرارهم على النجاة والعبور للمنطقة الآمنة.
وأضافت : هناك خطان تجرى فيهما أحداث الفيلم، أحدهما خط المهاجرين والأخر خط الشرطة التى تسعى للقبض عليهما، فالجميع يركض فى صمت، بعضهم يهرب وبعضهم يطارد الفريسة، وأحداث الفيلم حقيقية قد وقعت بالفعل فى بلجيكا وقد تناولتها الصحف، وحاولت أن أصل لأصحابها الحقيقيين إلا أننى فشلت، فقدمت القصة الحقيقية للأحداث مقترنة بإضافات من عندى للحفاظ على الشكل العام للسيناريو .









