تأتى استعدادات مصر لاستضافة المؤتمر الدولى للتعافى المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، المقرر عقده بنهاية شهر نوفمبر الحالي، لتؤكد مجدداً على الدور التاريخى والثابت الذى تضطلع به القاهرة تجاه القضية الفلسطينية، والمتمثل فى المبادرة والتحرك الشامل الذى لا ينفصل فيه البعد السياسى والدبلوماسى عن الإنسانى والتنموي، فمنذ اللحظات الأولى لتصاعد الأزمة والعدوان الإسرائيلى على القطاع، كانت مصر فى صدارة الدول التى سعت لوقف إطلاق النار، وتعمل مصر على حشد الدعم والتأييد الدولى الواسع للمؤتمر، وتوجيه دعوات لكافة الدول الكبرى والجهات المانحة والمؤسسات الدولية والإقليمية للمشاركة الفاعلة، مؤكدة أن مسئولية إعادة الإعمار هى مسئولية أخلاقية ودولية مشتركة تتجاوز الأبعاد الإقليمية. وتسعى القاهرة إلى تنسيق المواقف وتذليل العقبات السياسية، ودمج خطة الإعمار ضمن مسار سياسى واضح يضمن التوصل إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو ما تضمنته مقترحات مصرية سابقة تبنتها القمة العربية الطارئة، وتطالب بضمانات دولية لعدم تكرار سيناريوهات الدمار، والعمل على تأمين تدفق مواد البناء والمساعدات عبر المعابر. ويتمثل المحور اللوجستى والإجرائى فى الترتيبات العملية لاستضافة هذا الحدث الدولى الضخم، من حيث توفير كافة التسهيلات للمشاركين، وتنظيم اللجان الفنية لوضع آليات واضحة وشفافة لتمويل وتنفيذ مشروعات إعادة الإعمار، بالتعاون والتنسيق الكامل مع السلطة الفلسطينية، حيث تشير الخطط المصرية إلى ضرورة البدء بمرحلة التعافى المبكر خلال فترة تتراوح بين 6 أشهر وسنة، وتشمل إزالة الركام، وتوفير الإيواء العاجل من خلال إنشاء بيوت ووحدات سكنية متنقلة مزودة بالخدمات الأساسية «الكهرباء، الماء، الصرف الصحي»، وترميم شبكات الطرق والكهرباء والمياه المتضررة، وتوفير مبانٍ متنقلة للمدارس والعيادات والمراكز الحيوية التى دُمرت، مع تحديد الأولويات لضمان عودة الحياة الأساسية للمواطنين، وصولاً إلى مرحلة إعادة الإعمار الشامل التى قد تستغرق عدة سنوات. أما المحور التنفيذى الاقتصادى فيظهر فى حرص مصر على الاستفادة من خبرات وقدرات شركات المقاولات المصرية، سواء التابعة للدولة أو للقطاع الخاص، التى أبدت استعدادها الكامل للمشاركة بكفاءة وتكلفة تنافسية فى عملية الإعمار، إلى جانب دور «اللجنة المصرية لإعادة إعمار غزة» التى تواصل عملها ميدانياً، وتساهم فى تأهيل الأراضى وتوفير الدعم اللازم لإعادة الحياة فى مناطق الدمار، واستقبال الجرحى الفلسطينيين وعلاجهم فى المستشفيات المصرية، وتنفيذ قوافل المساعدات الإنسانية والطبية التى لم تنقطع يوماً عبر معبر رفح، كما كلف الرئيس عبد الفتاح السيسى بدراسة إنشاء آلية وطنية لجمع تبرعات المصريين لإعمار غزة، ما يعكس البعد الشعبى والقومى للمبادرة، وتأكيداً على أن مصر لا تكتفى بدور المضيف للمؤتمر، بل تقود مسار التعافى وإعادة الإعمار بروح المسئولية، لإعادة الروح لقلب فلسطين النابض، وتجسيداً لجوهر العروبة والالتزام الثابت تجاه الشعب الفلسطينى وقضيته المشروعة.
والحقيقة أن مصر تلعب دوراً حيوياً ومحورياً فى جهود إعمار غزة، بوصفها البوابة الرئيسية لدخول المساعدات ومواد البناء، والمحرك الدبلوماسى الأهم لتأمين التمويل الدولى اللازم. كما أن خبرة شركات المقاولات المصرية وسرعة استجابتها تضعها فى طليعة المشاركين، مؤكدةً بذلك مسئوليتها التاريخية والوطنية تجاه الشعب الفلسطينى.









