تتصاعد الأوضاع فى الفاشر بشكل غير مسبوق، وتتزايد جرائم الحرب وسط صمت عالمى لافت، بالأمس ناقشت جلسة خاصة فى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى جنيف، الوضع فى مدينة الفاشر بالسودان، بعد مخاوف شديدة حيال عمليات القتل الجماعى التى وقعت أثناء سقوط المدينة فى أيدى ميليشيا الدعم السريع، وما ارتكتبه من فظائع ضد المدنيين.
دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى مسودة مشروع قرار بشأن حالة حقوق الإنسان فى الفاشر بالسودان، إلى التحقيق العاجل فى الانتهاكات بالمدينة.
تضمنت مسودة القرار «تطلب بعثة تقصى الحقائق، بما يتفق مع ولايتها، إجراء تحقيق عاجل فى الانتهاكات والتجاوزات الأخيرة للقانون الدولى لحقوق الإنسان والقانون الإنسانى الدولى التى يزعم ارتكابها فى الفاشر وحولها من قبل جميع الأطراف المتحاربة».
أدانت المسودة كل الانتهاكات وعمليات القتل بدوافع عرقية والإعدامات والعنف الجنسى فى الفاشر، ومطالبة بوقف فورى وكامل لإطلاق النار، وإنشاء آلية مستقلة لمراقبة تنفيذ وقف النار.
أدان مشروع القرار تصاعد العنف والفظائع التى ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع فى الفاشر ومحيطها، مؤكداً على ضرورة احترام وحدة السودان وسلامته الإقليمية من قبل جميع الأطراف.
دعت المسودة أيضاً إلى التوصل إلى حل سلمى للنزاع عبر حوار شامل يشارك فيه المدنيون، وبدء عملية انتقال سياسى شاملة وذات مصداقية تقود إلى حكومة منتخبة ديمقراطياً بقيادة مدنية بعد فترة انتقالية.
كما نبهت المسودة إلى الهجمات على العاملين فى مجال الإغاثة والصحة، بما فى ذلك المستشفيات والبنية التحتية الصحية، وعبرت عن القلق إزاء الأوضاع الإنسانية المتدهورة، مع تسجيل أكثر من 21.2 مليون شخص يعانون من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائى الحاد فى السودان، وسط تحذيرات من احتمال وجود ظروف مجاعة فى الفاشر وكادقلي.
إلى ذلك أدان مجلس الأمن عرقلة المساعدات الإنسانية الأساسية فى عدة مناطق وأكد على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الفورى والآمن ودون عوائق، والتوسع فى عمليات تسليم المساعدات عبر الحدود، كما دعا كافة الأطراف إلى الالتزام الكامل بإعلان جدة لحماية المدنيين فى السودان.
فى نفس السياق قال مفوض الأمم المتحدة السامى لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن الفظائع فى الفاشر بالسودان هى أخطر الجرائم التى كانت متوقعة وكان يمكن منعها.
أضاف أن هناك تظاهرا مبالغا فيه، والقليل من الفعل من جانب المجتمع الدولى رداً على الفظائع فى الفاشر بالسودان.
وحذر فولكر من تصاعد العنف فى كردفان بالسودان، حيث القصف والحصار واجبار الناس على ترك منازلهم.
دعا المفوض السامى لحقوق الإنسان إلى اتخاذ إجراءات ضد الأفراد والشركات التى تؤجج وتستفيد من الحرب بالسودان.
على صعيد آخر قالت مديرة المنظمة الدولية للهجرة، إيمى بوب، إن نقص التمويل لوكالات الإغاثة يزيد من حدة الأزمة فى السودان، ويجعل منظمات المساعدات عاجزة عن إعانة الفارين من مدينة الفاشر فى دارفور ومناطق أخري، والذين تُقدر أعدادهم بعشرات الألوف.
وجهت المنظمة الدولية للهجرة نداءات هذا العام من أجل توفير تمويل للسودان قدره 229 مليون دولار، لكن وفقاً لبيانات الأمم المتحدة لم يتم توفير سوى أقل من 10 ٪ من هذا المبلغ، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 44 ٪ مقارنةً بالعام الماضى حين تم جمع 212 مليون دولار قبل تخفيضات المساعدات الخارجية من إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترمب ومانحين آخرين.
قالت بوب «شحنا للتو آخر 35 خيمة من المستودع. لدينا فى الوقت الحالى 2000 خيمة فى الجمارك، لكن إذا فكرتم فى حجم الاحتياج.. فهذا أبعد ما يكون عن تلبية الاحتياجات».
خلص تقييم للوضع فى بلدة طويلة، شمالى دارفور، قبل أحدث تدفق للنازحين، إلى أن 10 ٪ فقط ممن هم بالمخيمات هناك لديهم إمكانية الحصول على المياه بشكل موثوق، وأن نسبة أقل من هؤلاء لديهم فرصة استخدام مراحيض.
والمعروف حتى الآن أن ما يقرب من 100 ألف شخص غادروا الفاشر المنكوبة بالمجاعة، منذ اجتياح الدعم السريع لها، غير أن عدداً أكبر لم يعرف مصيرهم. وتظهر بيانات المنظمة الدولية للهجرة أن معظمهم فروا إلى مناطق فى محيط الفاشر لا يمكن لوكالات الإغاثة الوصول إليها، ويرجع ذلك جزئياً إلى مخاوف تتعلق بالسلامة.









