قدمت محافظات المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصرى 2025 مشهداً انتخابيا يعكس نضج التجربة الديمقراطية المصرية، وما لفت الأنظار منذ اليوم الأول للتصويت هو كثافة الحضور أمام مراكز الاقتراع، وكان الإقبال الكبير بمثابة رسالة صريحة مفادها أن الناخب المصرى بات أكثر وعيا بأهمية صوته، وقيمة المؤسســة التشــريعية التى تمثل ركيزة أساسية من آماله المشروعة فى الحياة الكريمة، وهو ما يمثل امتداداً للحالة الوطنية الملهمة التى تجلت بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير، وتدفق المصريين على مشاهدة آثارهم بصورة أذهلت العالم، ومع مشهد انتخابى يبعث على الفخر والاطمئنان لمستقبل الحياة النيابية فى مصر والتى تمثل جزءاً من تاريخ مصر الحديث، فتاريخ الحياة النيابية فى مصر يعود إلى عام 1824، ولكن البداية الحقيقية كانت عام 1866، وبعد مرور أكثر من قرن ونصف القرن، تسعى مصر صاحبة التاريخ إلى إحداث تحول هيكلى فى بنية الاقتصاد الوطني، قائم على تعزيز الاقتصاد المعرفي، وتوسيع قاعدة النمو الإحتوائي، وتمكين الفئات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، مع مواءمة السياسات الهادفة لزيادة معدلات النمو مع خطط رفع كفاءة سوق العمل، خاصة فى القطاعات كثيفة العمالة مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.. لذا فإننا نعتبر البرلمان القادم هو الأهم فى تاريخ الحياة النيابية المصرية، لأنه سيكون المعنى بإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، وممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك عبر استعراض نتائج رؤية مصر عام 2030 والتى تم وضعها عام 2015 والتى تسعى إلى أن يكون الاقتصاد المصرى من أفضل 30 اقتصاداً على مستوى العالم، مع تحقيق 145 مليار دولار صادرات سلعية غير بترولية، وتوقع وصول عائدات السياحة إلى أكثر من 30 مليار دولار، وبالتالى فقد زادت مسئولية نائب البرلمان القادم والذى يجب أن يكون حلقة الوصل بين التزامات الحكومة فى الدستور، وتأكيد مبدأ الحياة الكريمة للمواطن، وضمان أن يكون الارتقاء بجودة حياة المواطنين فى مقدمة أولويات الحكومة، من خلال آليات فاعلة تستهدف تحسين الخدمات الأساسية، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية، والحد من الفجوات الداخلية بين مختلف شرائح المجتمع.. وبالتالى فإن أولويات البرلمان القادم يجب أن تعزز وضع الخطط العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فمن الناحية الاقتصادية يجب ضمان تحقيق الآتي: أولا، تحقيق معدل نمو مرتفع للناتج المحلى الإجمالى الحقيقــى ليسجل 6 ٪ فى نهاية الخطة متوسطة المدى فى عام 2028/2029، ثانياً، زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بمعدل يقارب 4.5 ٪ فى عام 2028/2029، ثالثا: زيادة القدرة الاستيعابية لسوق العمل بما يسمح بتوفير نحو 900 ألف فرصة عمل جديدة سنويا، مع معدل بطالة لا يتجاوز 6 ٪ بنهاية الخطة متوسطة المدي.
رابعاً: زيادة معدل الإدخــار إلى 15.5 ٪ فى نهاية الخطة عام 2028/ 2029، مع رفع معدل الاستثمار من نحو 15 ٪ من الناتج المحلى الإجمالى إلى 19.3 ٪ فى العام الأخير من الخطة عام 2028/ 2029، والعمل على زيادة صافى الاستثمار الأجنبى المباشر على نحو مطرد ليصل إلى 55 مليار دولار فى عام 2028/ 2029، وهو ما يصب على زيادة الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبى بما لا يقل عن 60 مليار دولار بنهاية الخطة 2028/ 2029، وهو ما يعادل تأمين واردات مصر لمدة 12 شهراً، وأخيراً: زيادة مساهمة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادي، لترتفع نسبة استثمارات القطاع الخاص إلى نحو 70 ٪ من الاستثمارات الكلية الثابتة المستهدفة فى العام الأخير من الخطة متوسطة المدي.. وبما يتيح زيادة نصيب القطاعات ذات الأولوية الزراعة – الصناعة – الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الناتج المحلى الإجمالى لتناهز 50 ٪ فى العام الأخير من الخطة متوسطة المدي.. وأما عن أولويات البرلمان القادم من الناحية الاجتماعية، فسوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.









