تواصل العصابة الصهيونية التى تحكم اسرائيل الآن جرائمها غير المسبوقة ضد أهل الارض التى احتلتها وعاثت فيها فسادا برا وبحرا وجوا، حيث بدأت التشريع لقتل الأسرى الفلسطينيين داخل سجونها، وهى الجريمة التى لم ترتكبها فصائل المقاومة الفلسطينية التى تتهمها اسرائيل بالارهاب حيث حافظت على أسرى عدوهم الصهيونى وحموهم من قصف جيش نتنياهو المجرم على مدار عامين كاملين، واطعموهم رغم شح الطعام وانعدامه لأهل غزة المحاصرين على مدى شهور طويلة، وعالجوهم رغم ندرة الدواء والأطباء.. ولذلك خرج معظم أسرى العدو الصهيونى بعد عودتهم الى ديارهم وهم يشيدون بما فعلته المقاومة الفلسطينية معهم من معاملة إنسانية راقية واكرام لم يكن أحد منهم يتوقعه.
لقد برهن نتنياهو وعصابته الاجرامية من جديد بتقديم مشروع قانون للكنيست بإعدام الأسرى الفلسطينيين داخل سجون اسرائيل على أنه يحكم كيانا إرهابيا بحق، وأنه متمرس فى تحدى القوانين والاعراف الدولية، حيث وصف الخبراء وأساتذة القانون الدولى فى العالم مجرد تصويت الكنيست على إعدام الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية بأنه «الإجراء الأخطر فى تاريخ تعامل إسرائيل مع الأسرى، وأنها تشكل انتهاكا صارخا لكل الأعراف والمواثيق الدولية، فضلا عن كونها تعبيرا فجا عن تطرف اليمين الحاكم وسعيه الدائم لتصفية القضية الفلسطينية بكل أبعادها».
ورغم ان هذه الخطوة صادمة للعالم كله بما فيها تلك الدول التى تساند وتدعم الاجرام الصهيونى ضد الفلسطينيين والعرب، إلا أنها حلقة جديدة فى سلسلة جرائم اسرائيل ضد الفلسطينيين فتاريخ التعامل الإسرائيلى مع الأسرى حافل بالانتهاكات، بدءا من الاعتقال الإدارى دون تهم، مرورا بالتعذيب وسوء المعاملة، وانتهاء بالإهمال الطبى المتعمد الذى أودى بحياة المئات منهم.. وقد روى الأسرى الفلسطينيون العائدون من سجون إسرائيل مؤخرا كيف كان التعذيب
لكن الجديد فى هذا القرار أنه يمنح الغطاء القانونى للإعدام المباشر، ويحوّل ما كان يُمارس فى الخفاء إلى سياسة معلنة بقرار من البرلمان نفسه، بما يعنى أن الدولة بكل مؤسساتها قد أصبحت شريكة رسميا فى الجريمة.
هذا القرار غير المسبوق يجسد سياسة التحريض العنصرى الذى تقوده قوى اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية، والتى تسعى إلى تصعيد الموقف داخليا لإرضاء قواعدها الانتخابية، حتى لو كان ذلك على حساب أبسط مبادئ القانون الدولى الإنسانى.. ولذلك نرى اعتداءات المتطرفين الصهاينة على أهلنا فى الضفة الغربية وضربهم وحرق منازلهم وتدمير مزارعهم وسرقة محاصلهم الزراعية وخاصة الزيتون علنا ثم إشعال النيران فى الأشجار .. يحدث كل هذا تحت حماية الشرطة الإسرائيلية يوما ويراه العالم عبر المشاهد المأساوية القادمة من هناك.
تلك بضاعة الصهاينة الإجرامية التى تشجعهم عليها معتقداتهم الدينية المتطرفة البعيدة تماما عن تعاليم التوراة الصحيحة.. ولنتأمل ماذا قدمت شريعتنا الإسلامية لحماية ورعاية أسرى الحرب.
يقول الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف:»القتال وحرب العدو والصراع المسلح له فى شريعة الإسلام قواعد وضوابط وتشريعات شرعها الله، وطبقها رسوله تطبيقا عمليا وهو يقود بنفسه جيوش المسلمين فى المعارك مع الأعداء..وأول ما يلفت النظر من تلك القواعــد قاعــدة العدل، وهى قاعـــدة كليــة، كما جاء بقوله تعالى: «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين».
أما القاعدة الثانية فهى المعاملة بالمثل، والتى تعنى أول ما تعنى حرمة تجاوز حدود العدل إلى حدود الظلم والعدوان على الغير، مستشهدًا بقوله تعالى: «فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين».
ويضيف: المسلم يحرم، عليه إذا بدأت الحرب، قتل طائفة من أعدائه، ويحرم عليه أن يعمد لقتل النساء والأطفال ومجرد ترويعهم وتفزيعهم، كما يحرم على المسلم قتل الشيوخ والرهبان وعدوه الجريح أو الإجهاز عليه، وقتل المرضى والمجانين والمكفوفين والعمال والأجراء.
ويوضح شيخ الأزهر أن تحريم الإسلام قتل تلك الطائفة- رغم كفرهم وتكذيبهم ووجودهم فى معسكر العدو – لأنه لا يتصور منهم مباشرة عدوان أو مشاركة بسلاح فى قتل المسلمين، ولا تتصور منهم المقاتلة التى جعلها الله السبب الأوحد لقتال المسلمين لأعدائهم.
وشدد د.الطيب على أن فقه الأسير فى الإسلام يدور على أمرين لا ثالث لهما، وفقا لقوله تعالى: «فإما منا بعد وإما فداء».. ولذلك فإن قتل المسلمين لأسرى الأعداء محرم بإجماع صحابة رسول الله، مؤكدًا وجوب إطعام الأسير، والإحسان فى معاملته، وحمايته من الحر والبرد، وتوفير ما يكفيه من غطاء وكسوة، وإزالة ما يصيبه من ضرر، واحترام مراكزهم وكرامتهم الشخصية.
هذه بعض بضاعتنا الإنسانية.. وتلك بضاعة الصهاينة الارهابية.









