نشرت لجنة تغير المناخ فى المملكة المتحدة (CCC) تقريرًا يُظهر أن الاحترار العالمى سيتجاوز درجتين مئويتين بحلول عام 2050، وقد يصل إلى 4 درجات مئوية بحلول عام 2100، هذا يتجاوز أهداف اتفاق باريس لعام 2015، الذى حظى بدعم 200 دولة تعهدت بالحد من الاحترار العالمى إلى أقل من درجتين مئويتين، مع السعى لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية. وقد حافظت مؤتمرات المناخ التالية (COP) على الهدف الأصلى المتمثل فى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، وتعزيز التمويل المناخى اللازم.
وتخلص لجنة CCC إلى أن الالتزامات لم تُترجم إلى إجراءات كافية، مما يجعل تحقيق هدف الاحترار العالمى البالغ 1.5 درجة مئوية أمرًا غير مرجح على نحو كبير. وتشير الأدلة المناخية الحالية إلى ضرورة إعادة تقييم جهودنا فى مواجهة تغير المناخ، حيث إن البنى التحتية الوطنية المصممة لبيئات مناخية سابقة لن تصمد أمام ظروف الطقس المتوقعة فى المستقبل.
وبصفتى رئيسًا لاتحاد التوسع العمرانى المستدام، أرى أن التقرير يمثل إستراتيجية شاملة تجمع بين خفض الانبعاثات والتكيف المناخى والتخطيط طويل الأمد، معترفًا بأن كلاً من التكيف وتقليل الانبعاثات لهما أهمية متساوية. وتوصى لجنة CCC ببناء بنية تحتية قادرة على الصمود أمام الارتفاعات المتوقعة فى درجات الحرارة حتى 4 درجات مئوية، وهو ما يشكل نقطة انطلاق مناسبة.
يُعد اتفاق باريس، إلى جانب الأطر الدولية الأخري، أدوات ضرورية تمكّن الدول من العمل المشترك مع الحفاظ على المساءلة. وتحتاج الهيئات الوطنية مثل CCC إلى استخدام اتفاق باريس لتحديث أطرها الحالية من خلال مراجعة أهداف درجات الحرارة، وفترات التقييم، وقدرات امتصاص الصدمات النظامية. ويجب أن تُوجّه نتائج CCC مفاوضات السياسات المناخية المستقبلية بين الدول لإنشاء حوار يجمع بين الواقعية والمشاركة الفاعلة والتفكير المستقبلي.
كما يجب أن تستند المرحلة المقبلة من الحوار بشأن السياسات المناخية إلى الأدلة العلمية، وأن تتشكل من خلال مشاركة شاملة تعكس تفاوت القدرات والهشاشة بين المناطق المختلفة. إن الاعتراف بالمخاطر المرتبطة بتغير المناخ وفهمها ليس نهاية المطاف، بل هو شرط أساسى للتعامل مع حالة عدم اليقين بحكمة ومسئولية.
وفى هذا السياق، أود أن أدعو المجتمع الدولى إلى إعادة النظر فى التقرير الذى قدتُ إنتاجه عام 1999 تحت إشراف الجمعية العربية للمحاسبين القانونيين (ASCA) بالتشاور مع الأمم المتحدة والهيئة الدولية لمعايير المحاسبة والإبلاغ (ISAR)، والذى حمل عنوان «المحاسبة والإبلاغ المالى عن التكاليف والالتزامات البيئية».
لقد قدّم هذا الإطار وسيلة لتمكين الشركات من الإفصاح بشفافية عن أثرها البيئي، ومواءمة عملياتها مع أهداف الاستدامة. واليوم، فإن هذه المبادئ أكثر أهمية من أى وقت مضي. ومن خلال إدماج التكاليف البيئية فى التقارير المالية، أؤمن بأننا نستطيع تعزيز المساءلة وتحفيز ممارسات مسئولة عبر العديد من القطاعات.
إنه لمن المحزن أن نرى أن هذا الموضوع لم يُعطَ الجدية التى يستحقها، فى ظل التغيرات السريعة فى أنماط الطقس، وتزايد وتيرة الفيضانات والحرائق وغيرها من الكوارث الطبيعية فى جميع أنحاء العالم. لقد مضى وقت الشعارات الرنانة والكلمات الفارغة، ويجب علينا الآن أن نُحمّل الملوثين مسئولية أكبر إن كنا نريد أن نمتلك أى فرصة لمواجهة هذا التهديد الوجودى الذى يؤثر علينا جميعًا.
