ســألت مرة أحد عمداء كلية الفنـون الســابقين لماذا لا يوجـد «زى وطني» للمصريين مثل الأشقاء فى السودان والخليج وأهل المغرب والأردن واليمن وفلسطين وحتى مثل أبناء الجنسيات الأخرى كالصين واليابان ونيجيريا والسنغال والمكسيك وغيرها.. فإنك اذا رأيت شخصاً منهم فى أى مكان فى العالم مرتدياً الزى الوطنى لبلده تعرف على الفور جنسيته؟!.
أجابنى بأنه فى الغالب «الجلباب» ولكن لأن مصر أقدم دولة فى العالم وتفاعلت مع العديد من الحضارات فهناك أكثر من شكل للجلباب فهناك ما يرتديه أهلنا فى الصعيد وهو يختلف عن الجلباب فى ريف وجه بحري.. وكذلك أهل النوبة لهم شكل مختلف عن جلباب أهلنا فى سيناء أو مطروح وسيوة.. ولكن هناك أيضا فى القاهرة وعواصم المحافظات من يرتدون القميص والبنطلون أو البدلة اقتداء بالنموذج الغربى منذ أن جاءت الحملة الفرنسية وبعدها الاحتلال البريطاني.. وتوجد قلة من المواطنين فى أماكن السواحل يرتدون زى «البمبوطية».. ولما تعددت الأزياء لم نستطع اختيار ما يمثل الشخصية المصرية منها وأن كان «الجلباب» أهمها وأكثرها شيوعاً!!.
فكرت مرة دعوة بيوت الأزياء المصرية واساتذة كليات الفنون ومن يهتمون بالتراث الشعبى للاجتماع والاتفاق على اختيار «زى وطني».. واستطلعت آراء بعضهم فتوافق أغلبهم على اختيار «الجلباب» واختلفوا على شكله والأهم طرحوا العديد من الاسئلة أهمها: هل يمكن أن يقبل المسئولون ورجال الاعمال والأطباء والمهندسون وطبقة النخبة فى المجتمع ارتداء الجلباب والظهور به فى المحافل الدولية أو حتى الخروج به من منازلهم.. وقال بعضهم هل يعتبر ارتداء الجلباب رده عن التحضر فرد عليهم الآخرون هل عندما يرتدى ملك المغرب الزى الوطنى لبلاده يعتبر تراجعاً عن التقدم وهل عندما يلبس مستثمر خليجى «الدشداشة والعقال» يكون متمسكاً بتراثه وهويته.. وإزاء اختلاف الآراء والتردد تم تأجيل المشروع أو لنقل تم الغاؤه؟!.
لا أدرى لماذا يخجـل البعض من ارتــداء الجلبــاب.. أو كيف تمنع أماكن فى مصــر دخــول من يرتدونها.. أو يعتقــد البعض أنها تعيدنا إلى عصور التخلف.. مع أن أغلبنا أصله من الأرياف وأهالينا وجدودنا كانوا لا يعرفون إلا «الجلباب» فهو رمز للأصالة والهوية.. فلماذا نجد من يتنمر على من يرتديها؟!.
نحتاج بالفعل إلى اختيار زى وطنى يتم الاتفاق عليه من مختلف فئات المجتمع.
كان انتقاد سمر فرج فوده قاسياً وجارحاً وخارجاً عن اللياقة وعن المألوف للحاج رشاد الصعيدى والسيدة زوجته وهما يدخلان المتحف الكبير مرتدياً «الجلابية» أولاً: لأنها ابنة المفكر الليبرالى الذى دفع حياته ثمناً للدفاع عن حقوق الإنسان.. وثانياً: لأن «الجلباب» أن لم يكن كما تقول لم يتم اختياره الزى الوطنى إلا أنه من التراث والهوية ومن يرتديه يمثل مصر.. وثالثاً: والذى غاب عنها أن السائح فى كل مكان فى العالم يريد رؤية ثقافة البلد التى يزورها وفنها الشعبى وتراثها وعاداتها والحرف اليدوية والملابس الوطنية فإذا رأى من يرتدى «الجلابية» أو من يرتدون «التنورة» فهو ينبهر أكثر مما يرى من يرتدى بدلة من «بييركاردان».. وعندما كنا نقف طابوراً أمام متحف الفن الحديث فى نيويورك وجدنا رجلاً بزى «الهنود الحمر» فترك معظم من فى الطابور من مختلف الجنسيات موقعهم وذهبوا ليأخذوا صوراً مع «الهندى الأحمر» ولم يصوره التليفزيون الأمريكى ويقول إنه «رجل متخلف» يريد العودة إلى الوراء ويجـب أن يظهر كملوك انجــلترا أو أن ما يلبسه لا يمثل الزى الوطنى الأمريكي!!.
للأسف.. هناك فئة تنفصل عن المجتمع وتخجل من كل ما هو شعبى بل منهم من لا يتحدث باللغة العربية ويعتبرها تخلفاً ولابد أن يحشر كلمات أجنبية عندما يتكلم فهذا هو التحضر فى نظرهم أن يتشبهوا بالغرب ويبتعدوا عن مصريتهم وأصالتهم.
المسألة ليست «الجلابية» وانما «الهويـة» خاصة للأجيال القادمة التى تحتاج إلى ما يعيد إليها الانتماء وحب الوطن والفخر بكل ما هو مصرى أصيل!!.
زلزال فى «بى.بى.سى».. أضاع الثقة والحياد !!
<< وقعت هيئة الاذاعة البريطانية «بى.بى.سى» فى شر اعمالها.. فهى كثيراً ما لا تتبع المعايير المهنية فى تغطية الأخبار.. ودائماً ما تنحاز إلى وجهة النظر التى تتفق مع سياسات بلادها دون اعتبار للطرف الآخر حتى لو معه الحق.. وأحياناً تقوم بتزييف الحقائق ولا تكون دقيقة فى نقل الأخبار.. ونادراً ما تعتذر عن كل تلك الأخطاء.. لكنها هذه المرة كان الخطأ مع من لا يرحم فقامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن!!.
نشر برنامج «بانوراما» الذى تذيعه «بي.بي.سي» فيلماً وثائقياً تم خلاله «توليف غير دقيق» لخطاب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بدا فيه وكأنه يشجع على اقتحام الكونجرس فى يناير 2021.. ورغم أن الفيلم أذيع العام الماضى وثبت إنه ضلل المشاهدين عن طريق دمج مقطعين فتغير معنى ما قاله ترامب.. إلا أن القناة تكتمت الأمر ولم تقم بعلاجه طوال هذه الفترة حتى نشرت صحيفة «التيلى جراف» الفضيحة فقام الرئيس ترامب بتهديد «بى.بى.سى» بمقاضاتها والمطالبة بتعويض يصل إلى مليار دولار ووصف ما قامت به القناة بأنه أكاذيب وأخبار مضللة ومنحها مهلة حتى غد الجمعة لسحب الفيلم الوثائقى وتقديم اعتذار رسمي!!.
استغلت كافة وسائل الاعلام الدولية والبريطانية الفرصة وهاجمت «بى.بى.سى» التى اعترف رئيسها بوجود أخطاء وقدم اعتذاراً رسمياً وقال انه يتم بحث طلب الرئيس ترامب.









