ليس لدينا كمصريين رفاهية العيش بدون مخاوف أو قلق من استهداف مصر أو إلحاق الضرر بها، فى ظل موقع مصر الإستراتيجى المهم، وفى ظل ما تملكه بلادنا من مميزات حباها بها الله: سيناء وقناة السويس والثروات المتعددة، والأرض الغنية والشعب المتجانس والجيش العظيم، فكلها عوامل تزيد الأطماع فى إمكاناتنا وقدراتنا وتجعل بعض القوى تدفع فى اتجاه محاربة مصر وتقزيم دورها رغم ما هو معروف عن أهمية هذا الدور فى مكافحة الإرهاب وإقرار السلام وفى حفط الأمن والسلم الدوليين، وليس سراً أن استهداف مصر رغم ما يسببه من قلق ومخاوف إلا أنه يمنحنا المزيد من الوعى والإدراك لكل ما يدور حولنا، ويجعلنا أكثر تمسكاً بوحدة الصف للدفاع عن بلدنا ومواجهة التحديات الحالية والقادمة.
>>>
نعم هناك تحديات كثيرة تواجه مصر وتضاعف من تكلفة مواجهتها بما فيها التوترات التى تعانى منها المنطقة وأطماع إسرائيل والتى تربطنا بها اتفاقية سلام تم توقيعها عام 1979، ورغـم ذلك فهى – أى إســرائيل- لا تخجل من خرق الاتفاقية باحتلال محور فيلاديفيا قبل شهور، والآن فى إعلان وزير دفاع الكيان «يسرائيل كاتس» باعتبار منطقة الحدود بين مصر وغزة منطقة عسكرية مغلقة تسمح تل أبيب لنفسها بالهجوم وبالتعامل مع أى تحركات قد تشك فيها بحجج واهية تهدد الحدود المصرية وتتعارض مع اتفاقية السلام وقد تؤدى لاشتعال الموقف بين الجانبين لخطأ محدود أو سوء فى التقدير والحسابات الإسرائيلية، والأخطر من ذلك حديث الإسرائيليين الدائم عن الجيش المصرى وما يمتلكه من أسلحة وأنظمة متطورة وحديثة، فى إشارات تحريضية متتالية تستهدف النيل من جيشنا العظيم.
>>>
ليس الوضع فى غزة أو على الحدود المصرية – الإسرائيلية هو ما يشكل فقط تحدياً للأمن القومى المصري، فالوضع المضطرب فى الأراضى المحتلة يثير المخاوف والقلق، فمخطط إسرائيل بالاستيلاء على الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين ما زال قائماً، كما أن التلويح بشن حرب فى الجنوب اللبنانى أو ضد إيران يجعل المنطقة تعود إلى حالة الحرب فى أى وقت، أيضاً فإن الانقسامات الشديدة التى يعانى منها المجتمع الإسرائيلى إلى جانب الاتهامات التى يواجهها بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء والتى قد تعرضه للسجن وتعرض إئتلافه المتطرف للضياع، قد تضطر حكومة الكيان الصهيونى إلى الهروب للإمام بافتعال أزمة جديدة وباشعال حرب إقليمية طويلة ينشغل بها الإسرائيليون وتبقى بسببها حكومة اليمين المتطرف فى كراسى الحكم مهما كانت الخسائر والمتناقضات.
>>>
ولا تعد إسرائيل وحدها التى تشكل تحدياً أمنياً كبيراً لمصر، فهناك الأزمة فى السودان والتى تمثل تهديداً خطيراً للأمن القومى المصرى، ليس فقط لأنها قد تؤدى إلى تغيرات فى البنية الديموغرافية للدولة الشقيقة، ولكن لأن هذه الأزمة ينجم عنها ملايين الضحايا وملايين اللاجئين ممن تقوم مصر بمساعدتهم سواء باستضافتهم فى الأراضى المصرية أو بتقديم المساعدات الإنسانية لهم، أيضاً الوضع فى ليبيا ورغم هدوئه النسبى إلا أن هناك العديد من الخلافات المعقدة والتى قد تؤثر بدورها على مصر وأمنها القومي، ومثل ليبيا هناك الوضع المضطرب فى اليمن والذى يمنع وحدة البلد الشقيق ويؤثر على الملاحة بالبحر الأحمر ويعطى مبرراً لإسرائيل لشن هجمات على مدن ومواقع يمنية بين الحين والآخر، ونصــل فى النهــاية إلى تهديـد جماعــة الإخوان الإرهابيــة والتنظيمــات المتطـرفة المنبثقـــة عنها والتى لا تتوقف عن ممارسة العداء والعنف ضد مصر والمصريين، كذلك الهجرة غير الشرعية ومحاولات توطين آلاف المهاجرين غير الشرعيين داخل مصر والذين يمكن استخدام البعض منهم ضد مصر وقت اللزوم.
>>>
هذه الحقائق يجب أن نتوقف عندها ونفكر فيها دائماً ونحن نتابع جهود القيادة السياسية على المستويين الخارجى والداخلى لأجل توفير متطلبات الأمن القومى بمفهومه الشامل، ولأجل مواصلة الإنجازات التى تحققت وتصب فى مصلحة المواطن المصري، فقد كان للحراك المصرى أثره العميق فى إيقاف الحرب الإسرائيلية فى غزة وفى تعميق علاقات مصر بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وروسيا والصين ومعظم دول العالم وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، كما كان لحرص مصر على دعم علاقتها بالدول العربية الشقيقة دوره فى اتساع رقعة الاستثمارات العربية والتى كان آخرها توقيع صفقة «علم الروم» مع دولة قطر فى الساحل الشمالى والتى جاءت على غرار مدينة «رأس الحكمة» بمشاركة إماراتية، فى خطوات متتالية تستهدف تعمير الصحراء وضخ عشرات المليارات الدولارية فى شرايين الاقتصاد المصري، إلى جانب توفير مئات الآلاف من فرص العمل للشباب المصريين وضمان الحياة الكريمة لهم.
>>>
إننا هنا أمام حالة حراك مصرية استثنائية تكشف إلى حد بعيد نجاح رؤية القيادة السياسية و الإيفاء بوعودها ببناء الدولة العصرية الحديثة التى تملك أحد أقوى الجيوش فى المنطقة والعالم، ولديها من القدرات والإمكانات التى تجعلها تحقق الاكتفاء الذاتى لشعبها وتوفر له الأمن والاستقرار، وتمنحه فى نفس الوقت القدرة على مواجهة كافة الصعاب والتحديات، وكتابة أروع صفحات التاريخ فى السنوات القادمة.









