نحن نعيش بلا شك حالة من الفخر القومي.. منذ جرى الافتتاح الأسطورى للمتحف المصرى الكبير.. فقد بعث هذا الافتتاح العظيم الروح فى انتمائنا إلى أعرق حضارة.. واعتزازنا بانجازات هذه الحضارة العريقة.. ونحن نرى كيف سادت.. وتسود العالم كله حالة مماثلة من الفرح والفخر أيضا.. مثلنا.. ورأينا كيف جاء ملوك ورؤساء وقادة العالم يشاركون احتفالنا بهذا الصرح الحضارى العظيم عن حب وتقدير عميق لمصر.. وتاريخها.. وقيادتها.. ونتابع كيف تناولت.. وتتناول وسائل الإعلام العالمية هذا الحدث الكبير.. فوصفته بأنه أعظم حدث ثقافى فى القرن.. وانه مهيب وعظيم.. وأنه يعبر عن الدور الحضارى لمصر.. وان مصر أبهرت العالم كله شرقا وغربا بحفلها التاريخى فى افتتاح المتحف.. الذى يعتبر أضخم صرح أثرى فى التاريخ الحديث.. وأنه حدث استثنائى على مستوى العالم كله..
> كل هذا وغيره سمعناه وشهدناه وقرأناه.. وستظل حالة الانبهار بهذا الحدث الكبير متواصلة إلى فترة ممتدة.. وتنعكس آثارها الايجابية على مصر فى كل مجال.. وعلى رأسها السياحة بطبيعة الحال التى بدأت عصرا جديدا.. يمكن أن نسميه أو نؤرخ له بما بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير..
>>>
> وهكذا فانه بقدر ما كان حفل الافتتاح للمتحف المصرى الكبير مبهرا .. فقد كانت ردود الفعل فى أنحاء العالم مبهرة أيضا.. وداعية الى الفخر والاعتزاز بمصريتنا.. وبحضارتنا العريقة.. وقد تابعت كلمات كثيرين ممن حضروا المناسبة التاريخية.. من ملوك ورؤساء ومسئولين.. وأحسست فى كلماتهم صدق المشاعر.. وحبهم وتقديرهم لمصر.. وقد توقفت كثيرا أمام كلمات ملكة الدنمارك.. الملكة ماري.. ولم أجد أصدق منها تعبيرا عن الحب لمصر.. والاعتزاز بمصر وتاريخها وحضارتها.. حتى أنها تمنت لو أنها كانت ابنة لهذا الوطن العزيز.. بل انها قالت انها لا تريد العودة إلى بلادها.. وقالت وددت لو أكملت عمرى إلى جوار توت عنخ آمون..
> هى حالة انبهار عميقة عاشتها الملكة ماري: قالت: «لم أشهد فى حياتى مايشبه هذا اليوم.. كأننى أقف فى قلب الزمن.. فى نقطة يتلاقى عندها الماضى بالحاضر.. والحضارة بالعقل.. والروح بالحلم».. كلمات أشبه بكلمات شاعرة..
– تقول الملكة مارى : « هذا المتحف ليس مجرد مشروع.. انه اعلان رسمى بأن الإنسانية مازالت تمتلك جذورا.. تمتد إلى أرض اسمها مصر.. هنا لا يعرض التاريخ.. بل إنه يستعاد».
قالت الملكة ماري: «رأيت متاحف أوروبا كلها.. لكن لم أر من قبل مكانا يتحدث بهذه الفصاحة.. وكأن كل قطعة تمسك بيدك وتقول لك : «أنا شاهد على بداية الانسان».. هل هناك وصف أروع من هذا للمتحف؟
– تتحدث الملكة مارى عن مصر فتقول: «أدركت الآن لماذا لا تموت هذه البلاد.. لأن روحها لا تقاس بمساحة.. أو باقتصاد.. بل بما تقدمه للعالم من معني.. هذه الأرض لا تعيش فى التاريخ.. بل التاريخ هو الذى يعيش فيها»..
>>>
> وتشيد الملكة مارى بمصر فتقول: «إن العالم كله مدين بالفضل لمصر.. وعليه أن يمد يد العون لها.. كما تفتح أحضانها وتتسع للجميع»..
وتتساءل : «هل استوعب الناس أحدا وقت الحروب كما فعلت مصر؟.. هل هناك بلد ضحت.. وتحملت.. مثل مصر؟».. وتسأل «من الذى أنقذ السوريين.. بينما يخرب البعض سوريا حتى الان.. «من الذى استقبل السودانيين.. بينما يقتلهم البعض ويبيدهم حتى الآن؟.. من الذى حمى فلسطين من البطش والابادة؟.. من الذى أنقذ أوروبا من الموت بردا حين حاصرتنا روسيا ومنعت عنا الغاز؟.. فى كل هذا ستجد مصر.. منقذة البشرية».. وتختم هذه الفقرة من حديثها :» هل أحد قدم.. ويقدم للبشرية ما تقدمه مصر؟..
>>>
> وتطالب الملكة مارى العالم كله بدعم مصر.. وتطالب سياح أوروبا والعالم كله بأن يتوجهوا إلى مصر.. تقول الملكة ماري: «اليوم كلنا مطالبون بدعم اقتصاد مصر.. لأنه اقتصاد الجميع.. ودعم بنيتها.. وفنادقها.. وخططها.. لأنها لنا أيضا.. وندعم صناعتها.. لأنها ملك الكل»..
– وحول السياحة تقول الملكة ماري: «علينا التحرك لدعم سياحة هذه البلاد.. وجلب أوروبا كلها الى هنا.. للتعرف على الجمال.. والذوبان فى تفاصيله.. سأدعو الاتحاد الأوروبى لاعلان مصر وجهة رسمية سياحية له خلال السنوات القادمة.. سأدعو كل دنماركي.. كل أوروبي.. كل مواطن فى العالم.. للمجيء الى هذه البلاد العظيمة»..
> أما ختام كلمات الملكة ماري.. فكان من أورع ما قالته.. قالت: «لو لم أكن ملكة الدنمارك لتمنيت أن أكون ابنة هذه الأرض.. فهنا يبدأ الجمال.. وهنا ينتهى الكبرياء».. ما أروع كلماتك يا صاحبة الجلالة!!..
>>>
> فى 4 نوفمبر.. مع ذكرى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون فتح المتحف المصرى الكبير أبوابه لأول مرة بعد الافتتاح الرسمى لآلاف المتعطشين لزيارته.. وشهدنا لأول مرة طوابير الزوار تمتد مئات الأمتار داخل مساحة المتحف.. وقالت احصاءات المتحف انها اقتربت من عشرين ألف زائر.. وتجاوز ذلك فى الأيام التالية.. ورأينا كيف امتلأت مداخل المتحف بزحام شديد من الزوار.. وأعتقد أن الزحام يلقى بمسئولية اضافية على إدارة المتحف المصرى الكبير فيما يمكن أن نسميه تنظيم الزيارة.. أو إدارة الزيارة.. وهى أقدر على تحديد كيف يمكن اتاحة الفرصة للراغبين فى زيارة المتحف.. وفى نفس الوقت جعل الظروف المحيطة بالزائر مناسبة لاستمتاعه بمشاهدة الأثر.. دون أن يضايقه الشعور بالزحام من حوله.. الزحام علامة نجاح.. ولكن له تبعاته السلبية الأخرى التى علينا أن نتعامل معها..
> هذه الكلمات كتبتها قبل أن تقرر إدارة المتحف المصرى الكبير التوقف عن بيع تذاكر الدخول وإعادة تنظيمها.. وهو ما يؤكد أن الإدارة قد استشعرت عدم امكانية الاستمرار فى استقبال هذه الحشود الكبيرة التى تؤثر بلاشك على جودة التجربة السياحية.. واستمتاع الزائر للمتحف بزيارته.. ومن هنا نحى هذه الإدارة على سرعة مواجهة الموقف.









