تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الشهر الجاري بمناسبة مرور 1700 عام على انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول، الذي شَكَّل حجر الأساس للعقيدة المسيحية الجامعة ورسَّخ قانون الإيمان المتداول في الكنائس حتى اليوم.
وعقد قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اجتماعاً بالمقر البابوي بالقاهرة مع اللجنة العامة المُنظِّمة لاحتفالية مرور 17 قرناً على انعقاد مجمع نيقية المسكوني الأول، والمقرر إقامتها خلال الفترة من 18 إلى 22 نوفمبر الجاري.
وخلال الاجتماع، استمع قداسة البابا إلى عرض شامل من أعضاء اللجنة حول الرؤية العامة لبرنامج الاحتفال، وناقش الترتيبات النهائية، مُوجِّهاً عدداً من الإرشادات لضمان خروج الاحتفالية بالصورة اللائقة بقيمة الحدث التاريخي ودور الكنيسة القبطية فيه.
وجرى الاتفاق على أن تُقام الاحتفالية تحت عنوان “نيقية.. إيماننا الحي”، وتشمل عدداً من الأنشطة والأعمال الإبداعية التي تتناول أحداث المجمع، وأبرز شخصياته، وقراراته، والدروس المستفادة منه، بما يُسهم في رفع الوعي بتاريخ الكنيسة وقضايا الإيمان، خصوصاً لدى الأجيال الجديدة.
ووفقاً للجنة المُنظِّمة، ستُقام خلال الاحتفالية برامج روحية وثقافية لأبناء الكنيسة داخل مصر وخارجها على مدار خمسة أيام.
وتُعدُّ هذه الاحتفالية امتداداً تاريخياً لهذا الحدث المفصلي؛ إذ تأتي بهدف التأكيد على ثبات العقيدة الأرثوذكسية، وتعزيز وعي الأجيال بتاريخ الكنيسة ودورها في صياغة الإيمان المسيحي. وقد نظَّمت الكنيسة فعاليات هذا الحدث على المستويين الإقليمي والدولي، أبرزها احتفالية كبرى في مايو الماضي بحضور بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط، واستضافتها المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي حول مجمع نيقية بحضور 500 شخص من 100 دولة.
كما أُقيمت فعاليات دراسية وفنية متنوعة عن مجمع نيقية طوال العام الجاري في الإيبارشيات والقطاعات الرعوية بمصر والخارج، وآخرها احتفالية اللجنة المجمعية للطفولة في شهر أكتوبر الأخير بمركز لوغوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون. ومن المنتظر أن تشهد فعاليات الاحتفال مشاركة واسعة من الإيبارشيات داخل مصر وخارجها، وسط اهتمام كنسي واسع بالحدث المرتقب.
يأتي مجمع نيقية المسكوني الأول الذي انعقد عام 325م كواحد من أهم المجامع في تاريخ الكنيسة، إذ مَثَّل علامة فاصلة في تثبيت العقيدة المسيحية الجامعة في مواجهة بدعة أريوس التي هددت وحدة الكنيسة.
دعا الإمبراطور قسطنطين إلى المجمع بمدينة نيقية، وحضره 318 أسقفاً من مختلف أنحاء العالم، من بينهم البابا ألكسندروس، بطريرك الإسكندرية، والقديس أثناسيوس الرسولي الذي مَثَّل الكنيسة القبطية بقوة رغم كونه شماساً في ذلك الوقت. وقد لعب أثناسيوس دوراً محورياً في صياغة قانون الإيمان النيقاوي الذي تتلوه الكنائس حتى اليوم. لم يُوقِّع على القرار النهائي سوى أسقفين فقط من أنصار أريوس، ما يعكس قوة الحسم العقائدي التي قدمها آباء الكنيسة.









