السودان هذا البلد الذى تتوافر فيه مقومات التقدم الاقتصادى من أراض خصبة بملايين الأفدنة علاوة على مياه مجموعة الأنهار التى تمتد فى أراضى السودان وهو ما يمكن أن يجعل منه سلة لغذاء الوطن العربي.. لكن حين تآمرت القوى الاستعمارية على هذا البلد سلك طريق التراجع الشديد والانهيار للدرجة التى وجدنا فيها الحروب الأهلية تندلع بين كل آونة وأخرى وانتهت إحداها بفصل جزء كبير منها وبمقتضى ذلك أعلنت جمهورية «جنوب السودان».
>>>
الأمر لم ينته عند هذا الحد بل زاد الأمر تعقيداً عندما بدأ المتآمرون من الداخل هذه المرة فى إشعال الخلافات عند مناطق الغرب من البلد الشقيق وتحديداً فى منطقتى ولاية دارفور وولاية كردفان.. وظهرت ميليشيا الدعم السريع لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير وكان التحالف لأول مرة بين الحكومة السودانية والدعم السريع.. وكان التناغم واضحاً بين البرهان وحميدتى فى البداية وكان المأمول أن يسير السودان فى طريق التنمية الاقتصادية ولكن سرعان ما انقلب حميدتى وقواته على الشرعية فى البلاد ومن جديد دخلت السودان دوامة الحروب الأهلية.. بل الأكثر من ذلك المساندة التى يلقاها الدعم السريع إقليمياً ودولياً.. وهو ما أدى إلى سقوط مدينة الفاشر فى أيدى المتمردين وما تبع ذلك من مذابح ترقى إلى جرائم الحرب.. وهو ما دعا بطبيعة الحال المحكمة الجنائية الدولية.. إلى فتح تحقيقات بشأن الجرائم المرتكبة مؤكدة أن أعمال العنف هناك ترقى إلى جرائم حرب طبقاً لما نصت عليه مواد القانون الدولى العام.. وبالتالى وجدنا المنظمات الدولية وكل من يملك معلومات أو أدلة مرتبطة بالأحداث الجارية فى الفاشــر إلى التعــاون معها وتقديم ما لديها لدعم سير العدالة.
ومن هنا فالمدقق لما يجرى على الساحة وفيما ذكرت الجنائية الدولية يجد بما لا يدع مجالاً للشك أن قادة مليشيا الدعم السريع قد اقتربوا بصورة كبيرة من المثول أمام الجنائية بجرائم حرب ضد الإنسانية.. وهو ما يوحى بأن الحرب فى إقليم دارفور تكاد تضع أوزارها مع المعارضة الشديدة التى تلقاها حرب الإبادة من مختلف دول العالم.. وهو ما قد يؤدى إلى اتخاذ مجلس الأمن الدولى قراراً بالتدخل الفاعل من أجل إنهاء هذه الحرب الضروس التى أتت على الأخضر واليابس فى البلد الشقيق.
من جانب آخر فإن القوات المسلحة السودانية استطاعت خلال الأيام الماضية استعادة بعض المدن التى استولى عليها المتمردون وهى فى طريقها الآن لاستعادة الفاشر.. والاقتراب كثيراً من حسم المعارك لصالحها لتكون بذلك قد وجهت صفعة شديدة لعصابات «حميدتى» وشركائها إقليمياً ودولياً.









