يعد المتحف المصرى الكبير الذى أقيم بالقرب من أهرامات الجيزة، أكثر من مجرد صرح ثقافى وأثري؛ بل هو مشروع قومى عملاق ورافعة اقتصادية إستراتيجية لمصر فى القرن الحادى والعشرين. صمم هذا المتحف، ليستقبل ملايين الزوار سنوياً، ليكون أكبر متحف فى العالم مخصص لحضارة واحدة، مما يمنحه ثقلاً هائلاً فى صناعة السياحة العالمية. لا يقتصر تأثيره على الإيرادات المباشرة، بل يمتد ليشمل تعزيز الناتج القومي، وخلق فرص العمل، وتحويل خريطة الاستثمار فى المنطقة المحيطة، مما يجعله أشبه بـقناة سويس جديدة للسياحة والثقافة.
تأتى الأهمية الاقتصادية للمتحف الكبير فى صدارتها عبر دوره المحورى فى دفع عجلة القطاع السياحي، الذى يمثل أحد أهم مصادر النقد الأجنبى لمصر.
و يجذب المتحف بفضل عرضه للمجموعة الكاملة لـكنوز الملك الذهبى توت عنخ آمون لأول مرة فى مكان واحد، ما يصل إلى 7 ملايين زائر إضافى سنوياً. هذا التدفق الهائل للزوار يعد حجر الزاوية لتحقيق هدف الحكومة المصرية باستقبال 30 مليون سائح بحلول عام 2030. ويسهم المتحف فى تعزيز نمط السياحة الثقافية التى تتميز بكونها سياحة ذات إنفاق أعلى وإقامات أطول مقارنة بالسياحة الشاطئية. فبدلاً من زيارة عابرة للقاهرة، أصبح بإمكان منظمى الرحلات تصميم برامج سياحية كاملة تمتد لأسبوع تركز على كنوز المتحف والمناطق الأثرية المرتبطة به. وستشكل إيرادات تذاكر الدخول ورسوم الخدمات المرافقة «المطاعم، المحلات التجارية، المراكز الثقافية» مصدراً ضخماً ومستداماً للنقد الأجنبي. وتشير التوقعات إلى إمكانية تجاوز الإيرادات السنوية المباشرة وغير المباشرة المليار دولار. ويمتد تأثير المتحف الكبير إلى خلق حركة تنموية واسعة تشمل سوق العمل والمجتمعات المحلية. وساهم المشروع بالفعل فى توفير عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة أثناء مراحل الإنشاء والتشغيل التجريبي. وبعد الافتتاح سيستمر المتحف فى توفير آلاف الوظائف الدائمة فى مجالات الإدارة، الترميم، والعرض المتحفي، والإرشاد السياحي، والخدمات اللوجستية، والأمن، وقطاع الضيافة المحيط به.
ويعمل المتحف كمنصة عالمية لإحياء وبيع المستنسخات الأثرية والهدايا التذكارية عالية الجودة. هذا النشاط يدعم بشكل مباشر الحرفيين والأسر المنتجة والمشروعات الصغيرة، مما يحافظ على التراث ويخلق قيمة مضافة اقتصادية.
والمتحف لا ينافس المناطق السياحية الأخرى «مثل الأقصر وأسوان»، بل يكملها. فالعرض غير المسبوق لكنوز توت عنخ آمون يشجع السياح على السفر إلى جنوب مصر لزيارة المواقع التى اكتشفت فيها هذه القطع، مما يخلق تدفقاً سياحياً جديداً يربط القاهرة بصعيد مصر وينعش اقتصاده.
إن موقع المتحف الإستراتيجى وقيمته المضافة حوله إلى نقطة جذب للاستثمارات المحلية والأجنبية، مما أحدث تحولاً عمرانياً فى غرب القاهرة.
كما أدى إنشاء المتحف إلى تسريع وتيرة تطوير شامل للبنية التحتية المحيطة، بما فى ذلك شبكات الطرق، والمحاور المرورية الجديدة «مثل طريق الفيوم الصحراوى وطريق الواحات»، ومحطات مترو الأنفاق، لضمان سهولة وصول الزوار. هذا التحسين يخدم سكان المنطقة ويجذب الاستثمارات.
وشهدت مناطق غرب القاهرة «مثل الشيخ زايد و6 أكتوبر» ارتفاعاً ملحوظاً فى الطلب على العقارات السياحية والفندقية. وقد ظهرت بالفعل مشاريع سياحية ضخمة بجوار المتحف، بما فى ذلك وحدات فندقية ومنتجعات بتكاليف استثمارية تقدر بمئات ملايين الدولارات، مما يعكس الثقة فى العوائد الاقتصادية. المتحف ليس مجرد مبنى عرض؛ بل يضم مركزاً عالمياً للترميم، ومتحفاً للأطفال، وقاعات للمؤتمرات، ومناطق تجارية. هذا التكامل يحوّل المنطقة إلى وجهة سياحية متكاملة تجمع بين الثقافة والترفيه والتسوق، مما يزيد من مدة إقامة السائح ويزيد إنفاقه. ويعزز المتحف المصرى الكبير مكانة مصر الاقتصادية والسياحية.
بفضل تصميمه المعمارى الحديث وتقنيات العرض المتحفى المتطورة، أصبح المتحف أداة قوية لرفع القدرة التنافسية لمصر على الخريطة السياحية العالمية، ويؤكد على مكانتها كمركز ثقافى وتاريخى عالمى رائد. و يعمل المتحف كمنصة ترويج إعلامى وثقافى ضخمة للحضارة المصرية.
كما يعزز هذا المشروع الثقة فى الاستقرار السياسى والقدرة التنموية للدولة المصرية، مما ينعكس إيجاباً على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاعات أخرى غير السياحة.
يمثل المتحف المصرى الكبير استثماراً حضارياً واقتصادياً ضخماً، تتجاوز عوائده مجرد بيع التذاكر. إنه مشروع يعيد تشكيل خريطة السياحة، ويولد النقد الأجنبي، ويحفز الاستثمار العقارى والخدمى فى منطقة الأهرامات وغرب القاهرة، مما يجعله محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادى وداعماً قوياً للناتج القومى الإجمالى لمصر.
وللحديث بقية









