دفعت فتاة حياتها ثمنًا للدفاع عن والدها بكل شجاعة. ارتمت في أحضانه لحمايته من جبروت جيرانه الذين انهالوا عليه بالضرب غدرًا بعد خلاف بينهما، لتصاب بعد الاعتداء عليها “بقاعدة شيشة” زجاجية بالوجه وتسقط غارقة في الدماء وسط الشارع بمشهد بطولي يفوق أي تصور، وينتهي عمرها من أجل بقاء الأب بعد ساعات من وجودها بالمستشفى، لتخرج جنازتها في مشهد مهيب وسط صدمة وأحزان الجميع على فتاة أقل ما يقال عنها “بنت بـ 100 راجل”. تُحُرِّرَ محضر بالواقعة، وأُلْقِيَ القبض على المتهمين، وتباشر النيابة التحقيق.
حكاية نورهان
الضحية نورهان عاطف، 27 عامًا، فتاة جامعية حاصلة على بكالوريوس تجارة. طوال عمرها مكافحة ومجتهدة متفوقة، مطيعة لوالديها ومتحملة للمسؤولية. دومًا مصدر فخر للأهل ومحبوبة من الكل بأدبها وشهامتها. بمجرد الانتهاء من دراستها، خرجت للعمل لتكون سندًا لوالدها “الأرزقي” “أُسْتُورْجِي موبيليا”، وكي توفر احتياجاتها حتى لا تكون عبئًا عليه. هكذا عاشت حياتها بهدوء وكل بساطة، دون أن تدري ما يخفيه لها القدر من مآسٍ على يد جيران لا تعرف الرحمة إلى قلوبهم طريقًا، ويعيش أهلها بحسرتهم على فراقها المفاجئ غدرًا وظلمًا وعدوانًا.
غدر الجناة
وقت الحادث، عادت من عملها بعد يوم عمل شاق، تحاول نيل قسط من الراحة بمسكن الأسرة. وفي تلك الأثناء، سمعت ضجيجًا وصياحًا بالشارع وصرخات لا تنتهي، لِتَنْتَفِضَ فجأة بعد شعورها بوجود مشاجرة مع والدها، وتتأكد بنفسها بعد استطلاع الأمر من الشرفة، وتجده محاطًا بمجموعة من الجيران يعتدون عليه بلا رحمة وبكل قسوة وسط الشارع وأمام كل الناس الذين اكتفوا بالفرجة على المشهد الحزين، مُسْتَغِلِّينَ ضعفه وقلة حيلته، لِتُسْرِعَ دون تردد للحاق به ونجدته مهما كان الثمن، وهي تصرخ بهيستيريا في وجه الجميع، محاولة إنقاذه من جبروت أسرة الجار.
بنت بـ100 رجل
لم يكن أمام الفتاة سوى احتضان والدها لحمايته ممن تَحَجَّرَتْ قلوبهم، وتَلَقِّي الضربات الموجعة بدلاً منه أمام تَبَلُّد مشاعر الكثير من الحاضرين. ورغم رقتها وأنوثتها، فقد قاومت بكل ما تملك للدفاع عن الأب المغلوب على أمره، إلى أن وقعت الكارثة المدمرة لها، عندما قام أحد خصوم والدها بضربها “بزجاجة شيشة”، لتصاب بالوجه والرأس وتسقط غارقة في الدماء فاقدة الوعي في مشهد مُبْكٍ وحزين، تم على أَثَرِهِ نقلها للمستشفى في محاولة لإنقاذ حياتها من نزيف وتشوهات بالوجه، لتفارق الحياة بعد حوالي أسبوع من صراعها مع الموت.
ضبط المتهمين
حشود كبيرة بالمئات من الأهالي والأصدقاء ودعوها بالدموع. فيما تمكنت الأجهزة الأمنية بقيادة اللواء دكتور حسن عبد العزيز، مدير أمن سوهاج، من ملاحقة الجناة الهاربين، وتمكن رجال مباحث قسم ثان سوهاج من القبض عليهم، ليعترف كل منهم بدوره في الجريمة المأساوية التي أنهت حياة فتاة في زهرة شبابها بهذا الشكل الإجرامي المؤسف، نتيجة للبَلْطَجَة. تم إحالتهم للنيابة التي قررت حبسهم على ذمة التحقيقات.









