أثبتت السياسة النقدية التى يتبعها البنك المركزى المصرى خلال الفترة الماضية، نجاحها فى تحقيق التوازن بين استقرار الأسعار بالسيطرة على التضخم، ودعم النشاط الاقتصادى من خلال التيسير النقدى المشجع والمحفز للاستثمارات، وتنشيط الطلب الكلى وانعاش الأسواق.
وفى هذا السياق أوضح خبراء الاقتصاد أن سياسات البنك المركزى حققت بالفعل التوازن المطلوب لدعم النمو الاقتصادي، مشيرين إلى أن قرار خفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة منذ بداية العام، والثانية على التوالي، جاء بناء على ما تحقق فى السيطرة على التضخم حتى وصل إلى ٪14 خلال العام، ومن المستهدف وصوله إلى مستوى ٪9 بنهاية 2026، كذلك ما تحقق من استقرار سعر الصرف، وتحسين قيمة الجنيه، مؤكدين أن القرارات الأخيرة بخفض الفائدة تعد من أهم محفزات الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص على ضخ المزيد من الأموال فى مشروعات انتاجية، تتزايد معه معدلات التشغيل، وزيادة فرص العمل وتنشيط الطلب وانتعاش الأسواق.
التغلب على التحديات
قال الدكتور محمد باغة أن الإدارة المرنة عززت الثقة فى الاقتصاد المصرى وطمأنت الأسواق المحلية والدولية إلى ان مسار الاصلاح النقدى يسير فى الاتجاه الصحيح، مشيرا إلى ان البنك المركزى استطاع التغلب على التحديات والصعوبات التى كان يواجهها الاقتصاد المصرى فى ظل الأزمات العالمية المتعاقبة، وواجه الضغوط التضخمية بسياسة نقدية تقييدية حققت استقرار الأسعار والسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة والتى كانت تعانى منه كافة دول العالم، ثم جاءت قرارات خفض الفائدة بالوقت المناسب لتشكل خطوة استراتيجية فى دعم النشاط الاقتصادي، مشيرا إلى ان قرار خفض الفائدة يسهم فى تقليل تكلفة الاقتراض أمام المستثمرين وأصحاب المشروعات الانتاجية، بما يشجع على التوسع فى الاستثمار وزيادة الطاقة الانتاجية، لافتا ان هذا القرار يشجع التمويل الموجه للقطاع الخاص، خاصة الصناعى والزراعي، بما يسهم فى خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستويات الدخل.
أشار دكتور حسن الشقطى استاذ الاقتصاد، عميد كلية التجارة جامعة حلوان، إلى إن استقرار معدلات التضخم مؤخراً كان دافعا لقرار خفض الفائدة، إضافة إلى تحسن اداء الجنيه مقابل الدولار، وزيادة التدفقات الدولارية نتيجة زيادة ايرادات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج، عزز من اتباع سياسة نقدية تيسيريه تسهم فى تنشط الطلب واتنعاش الأسواق.
وتابع أن خفض أسعار الفائدة له أثر مباشر على المستثمرين، من خلال تحفيزهم لزيادة النشاط الاستثماري، موضحا أن خفض تكلفة التمويل وتقديم التسهيلات اللازمة للحصول على القروض اللازمة للمشروعات من شأنه زيادة النشاط الاقتصادي، مضيفا أن خفض تكلفة الاقتراض تدعم المستثمرين فى الحصول على التمويل اللازم لزيادة رأس المال أو زيادة توسعات المشروعات والتوسع فى الأعمال.
وأوضح أن سياسات المركزى على مدار السنوات الماضية استطاعت عبوراً من التحديات والأزمات العالمية، مشيرا إلى نجاحها فى السيطرة على معدلات التضخم، من خلال سياسة تقييدية والتى تعنى رفع أسعار الفائدة لامتصاص السيولة المتداولة وادخارها فى الودائع، ثم جاءت مرحلة التيسير النقدى من خلال خفض أسعار الفائدة على الودائع والإقراض، الأمر الذى من شأنه تنشيط الاقتصاد والتشجيع على الاستثمارات الحقيقية، وزيادة معدلات النمو والتشغيل، مؤكدا أن خفض أسعار الفائدة جاء استجابة لتحسن المؤشرات الاقتصادية من تراجع معدلات التضخم، والتحسن الملحوظ للجنيه، مع زيادة المعروض من النقد الأجنبي.
وأضاف أن أسواق الأسهم تنتعش مع قرارات خفض الفائدة، فهى المستفيد الأبرز من مثل هذه السياسات.
وأكد أن العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، هو الركيزة الأساسية لدعم الاقتصاد المصرى على المدى الطويل، مشيرًا إلى أن استقرار سعر الصرف وتحسن تدفقات النقد الأجنبى من المصريين بالخارج، واتباع سياسة نقدية تحفيزية تمثل مناخاً جاذباً ومشجعاً للمستثمرين.
قال الخبير الاقتصادى الدكتور على الإدريسى ان قرار البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة يُعد خطوة ذات أبعاد اقتصادية متعددة، تعكس من ناحية الثقة فى استقرار المؤشرات الاقتصادية وتراجع الضغوط التضخمية، ومن ناحية أخرى تمثل أداة فعالة لتحفيز النشاط الاقتصادى وتشجيع الاستثمار والإنتاج.
وأوضح أن تراجع الفائدة يسهم فى خفض تكلفة الاقتراض على الأفراد والشركات، ما يدفع نحو التوسع فى المشروعات وزيادة الإنفاق الاستثمارى والاستهلاكي، وهو ما ينعكس بدوره بشكل إيجابى على معدلات النمو وتوفير فرص العمل.
ومع ذلك، أشار الإدريسى إلى أن خفض الفائدة قد يقلل نسبيًا من جاذبية أدوات الدين المحلية أمام المستثمرين الأجانب الباحثين عن عوائد مرتفعة، مما قد يفرض ضغوطًا محدودة على تدفقات النقد الأجنبى ما لم يتزامن القرار مع تحسن مناخ الاستثمار فى الاقتصاد الحقيقي.
وأضاف أن تأثير القرار على الأسعار لا يظهر بشكل فوري، بل يحدث تدريجيًا مع زيادة الإنتاج وتراجع تكاليف التمويل، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى تباطؤ وتيرة التضخم بشكل مستدام.
أكد أن القرار يُعد خطوة إيجابية فى هذه المرحلة، شريطة أن يأتى ضمن إطار سياسة نقدية متوازنة تستهدف تنشيط الاقتصاد الحقيقى مع الحفاظ على استقرار الأسعار وسعر الصرف.
قال الخبير المصرفى هانى أبو الفتوح، إن قرار البنك المركزى المصرى خفض أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس فى الثانى من أكتوبر 2025، ليصبح سعر الإيداع ٪21 والإقراض ٪22 والعملية الرئيسية21.5 ٪يُعد خطوة مدروسة تأتى فى إطار التوازن بين دعم النمو الاقتصادى ومواصلة السيطرة على التضخم.
أوضح أن هذا الخفض، وهو الرابع خلال العام الجاري، يعكس ثقة فى استقرار المؤشرات الاقتصادية بعد تراجع التضخم إلى نحو 12 ٪فى أغسطس 2025 مقارنة بذروته البالغة ٪38 فى عام 2023، فى حين حافظ معدل النمو على وتيرة جيدة بلغت نحو ٪5 خلال الربع الثانى من العام.
وأشار أبو الفتوح إلى أن تراجع الفائدة يساهم فى خفض تكلفة الاقتراض على الشركات والأفراد، مما يحفز النشاط الإنتاجى ويعزز الطلب المحلي، فضلاً عن تخفيف أعباء خدمة الدين العام على الحكومة. كما يمكن أن يشكل القرار دفعة مهمة للشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة إذا تزامن مع مزيد من التيسيرات المصرفية فى منح التمويل.
وفى المقابل، نبه إلى أن خفض الفائدة قد يؤدى إلى تراجع العائد على المدخرات، ما قد يدفع بعض المستثمرين للبحث عن بدائل استثمارية أخري، كما قد يفرض ضغوطًا محدودة على الجنيه المصرى إذا تراجعت جاذبية أدوات الدين المحلية أمام رءوس الأموال الأجنبية، خصوصًا فى ظل تحفظ البنوك المتوقع على التوسع السريع فى الإقراض.
وأكد أن أثر القرار سيظل مرهونًا باستقرار سوق الصرف وتوافر العملات الأجنبية، محذرًا من أن أى تقلبات فى سعر الجنيه قد تعيد بعض الضغوط التضخمية.
شدد على أن خفض الفائدة يمثل خطوة محسوبة نحو دعم التعافى الاقتصادي، بشرط أن يتم فى إطار تنسيق وثيق بين السياسة النقدية والسياسات المالية والإصلاحات الهيكلية.









