جميعنا شاهد التاريخ المصرى وهو يكتب بحروف من نور ليضيف فصلاً جديداً فى كتاب الخلود فى افتتاحية عالمية وتاريخية سوف يتحدث عنها العالم طويلاً وهو يشاهد محتويات المتحف المصرى الكبير الذى يحكى قصة مصر التى حفرت التاريخ القديم لينير للعالم حضارته الحديثة.
أشاد السادة الحضور الذين يمثلون 79 وفداً رسمياً من بينهم 39 رئيس دولة وملوكاً ورؤساء حكومات وأمراء ورؤساء وفود بالإضافة إلى أعداد كبيرة من الوزراء وممثلى هيئات عالمية ومنظمات إقليمية جاءوا ضيوفاً أعزاء على الدولة المصرية وهم ينعمون بالشعور بالأمن والأمان والاستقرار وحسن الوفادة وروعة اللقاء والاستقبال الصادق والترحيب الدافئ من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى والسيدة قرينته.
وبغض النظر عمن حضر ومن لم يحضر وعن روعة الفقرات الفنية والإبهار الذى شعر به جميع من حضر الاحتفالية فإن هناك رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه فى الحفاظ على الوطن وعلى سلامة أراضيه كانت تواصل الليل بالنهار فى وضع الخطط والسيناريوهات اللازمة لتأمين الوفود المشاركة فى تلك الاحتفالية والتى كان هدفها الرئيسى حماية الجميع منذ وصولهم إلى البلاد وحتى مغادرتهم لها بسلامة الله.
وهنا نتساءل …هل نعلم ماذا يعنى أن تقوم الجهات الأمنية المختلفة وفيها الجهات السيادية بتأمين 79 وفداً من الوفود التى شاركت فى هذا الاحتفال؟ هل نعلم مدى الجهد المبذول لوضع الخطط اللازمة لذلك؟ هل نعلم كم الأعداد التى شاركت فى عمليات التأمين وكم سيناريو تم وضعه للتعامل مع أى طارئ يمكن أن يحدث وكيفية التدريب عليه؟ هل تعلم أن هناك حدثاً عالمياً تم فى مدينة شرم الشيخ منذ أقل من شهر حضره الرئيس الأمريكى والعديد من زعماء دول العالم لوضع حد للقتال فى قطاع غزة حيث تم تأمين جميع المشاركين فى هذا الحديث أيضاً بمعرفة الجهات الأمنية والسيادية فى الدولة ؟ هل تذكرت إشادة الرئيس الأمريكى بالأمن المصرى وتمنياته أن يكون الأمن فى العديد من الولايات الأمريكية مثله؟ هل رأيتم الشعب المصرى منذ ثورة 2013 يخرج إلى الشوارع للاحتفال بهذه المناسبة العالمية فرحاً بما وصلت إليه بلاده رغم ما يعانيه من بعض المصاعب الحياتية وهو يعلم أن سكان نصف الكرة الأرضية كان يتابع هذين الحدثين الذين وقعا فى بلاده وكانا مصدراً لعزته وفخره وكرامته.
لم يكن الانتشار الأمنى مجرد تواجد تقليدى بل جاء وفقاً لإستراتيجية محكمة بدأت منذ وصول الوفود إلى مطارى القاهرة و سفنكس حيث تم سرعة استلام حقائبهم ومعداتهم ثم السير فى خطوط محددة سلفاً تنتهى بأماكن إقامتهم او بمحيط المتحف مع انتشار الخدمات الأمنية بكثافة على كافة محاور السير وحتى حول فنادق إقامة الوفود بمظهر حضارى مشرف وهو ما يمثل جزءاً أساسياً من الخطة بما يعزز الانطباع بأن مصر قادرة على إدارة وتنظيم الأحداث العالمية بأعلى مستويات الأمان والاحترافية.
لم تعتمد خطة التأمين على زيادة أعداد القوات فقط بل على جودة العملية التأمينية وعلى سرعة الاستجابة وحسن التعاون مع الجهات والأجهزة الأخرى المشاركة فى الاستقبال والتأمين والإنتقال مع إستخدام أحدث التقنيات لضمان سلاسة حركة الوفود وسلامتهم وهم على قناعة أن ما يقومون به هو عمل وطنى فى المقام الأول لأن الحدث هو بالفعل حدث استثنائى غير مسبوق ولا يتكرر كثيراً …ومن هنا فهو لا يعكس مجرد إجراءات أمنية استثنائية بل هو يبعث «وثيقة سلام « للعالم لأن وجود وافتتاح هذا المتحف المصرى الكبير هو فى جوهرة رسالة سلام وأمان موجهه للعالم أجمع.
استضافت مصر منذ يوم الإثنين الموافق 13 أكتوبر وحتى 31 أكتوبر ما لايقل عن 70 رئيساً وملكاً وولى عهد ورؤساء حكومات سواء فى شرم الشيخ أو القاهرة وهى مسألة ليست سهلة على الإطلاق لأنها تتطلب العديد من العناصر المدربة أمنياً على أعلى مستوى من التعاون والتناغم والدقة لتأمينهم ثم مرافقتهم إلى أماكن تجمعاتهم علاوة على الآلآف من المرافقين والإعلاميين والزائرين وكل هذا كان يستلزم ملحمة تنظيمية لا تقدر عليها إلا دول قليلة فى العالم وهو ما سوف يجعل الجميع يتحدث عن مصر باحترام ويهمس لنفسه بأننا أمام بلد عظيم يماثل فى عظمته الحديثة تاريخه القديم الذى يمثله هذا المتحف الكبير الذى لا يضاهيه أى متحف فى العالم ليس من حيث مساحته فقط بل من حيث ما يقتنيه من آثار تتحدث عن بداية التاريخ وكيف أن مصر جاءت قبل أن يكون لهذا التاريخ وجود أصلاً.
كان قرار يوم السبت إجازة رسمية قراراً صائباً للغاية حيث تحققت انسيابية مرورية غير عادية سهلت مأمورية رجال الأمن بشكل كبير….بل أن المواطنين أنفسهم كانوا حريصين على عدم إحداث أى إعاقة مرورية على الطرق المؤدية للمتحف أو لمحل إقامة الوفود.. كما كانت الطرق مضاءة بأسلوب فريد جمع فيه بين كنوز الماضى وحضارتنا الحالية فى صور على جدران الطرق والكبارى والأنفاق بشكل أدهش الجميع وجعلهم يشعرون أنهم فى متحف مفتوح حتى قبل أن يصلوا إلى المتحف الكبير…وفى المقابل لم يشعر المواطن بأى اختناقات مرورية بل كانت الأمور تسير فى سهولة ويسر وكأن الجميع يتسابق للحاق بمشاهدة تلك المناسبة الخالدة من أيام مصر العظيمة .
لم تغفل عين السيد وزير الداخلية ولا قيادات الوزارة وأيضاً قيادات الأجهزة الأمنية السيادية الأخرى لقناعتهم الكاملة أن ما يقومون به ليس مجرد عمليات تأمين عادية بل هى إحدى محطات الحفاظ على الأمن القومى المصرى تحسباً من أى محاولة من محاولات أهل الشر أو المدفوعين بأجندات خارجية أو الحاقدين أو حتى الصبية غير المسئولين لتكدير صفو هذا الحدث التاريخى فكانت عمليات التأمين والتفتيش والتطوير تسير على قدم وساق طوال خطوط سير الوفود ولكم أن تتخيلوا المسافة بين مطار القاهرة وموقع المتحف التى تمتد لعشرات الأميال وتمر على بعض الطرق العشوائية التى انقلبت إلى أحد المظاهر الحضارية ومع ذلك لم يشعر أبناء تلك المناطق بأى إجراءات استثنائية أو استفزازية وكأن الجميع يشعر بمدى أهمية الحدث وليس أدل على ذلك من هؤلاء الشباب والأهالى الذين خرجوا فى مظاهرات حاشدة يرفعون العلم المصرى ويهتفون لها ويدعون الله أن يديم عليهم نعمه الاستقرار والأمن والأمان.
لقد حقق الأمن المصرى بكافة أجهزته وهيئاته وكذلك جميع الأجهزة التى تعاونت معهم سيمفونية رائعة من التعاون والإنسجام والنجاح تضاف إلى سجلاتهم الناصعة لتحقيق الإستقرار فى كافة ربوع الوطن…وأرسل للخارج رسالة مفادها قدرتها على تجاوز التحديات والاضطرابات والفوضى الإقليمية على حدودها الجغرافية الإستراتيجية المباشرة ورفع شعار البناء والأمان والتنمية دون أن ننظر إلى مواقف الدول التى تحيط بنا عربياً أو إقليمياً.
لقد أرسل الأمن المصرى بل كل من شارك فى بناء هذا الصرح العظيم منذ أن كان فكرة حتى أصبح حقيقة رسالة تفيد أن الدولة المصرية تبنى بالصبر والهدوء دون صخب أو تجاوزات وأن شعبها وأجهزتها وقائدها قادرون على صيانتها بالإرادة والعلو رغم الضجيج …وها هى مصر تطل على العالم لتقول: تعلموا من المصرى القديم وأيضاً تعلموا من المصرى الحديث الذى ساهم فى تعليم معظم الدول العربية وبعض الدول الأفريقية والآسيوية.. بل إنها وحتى الآن تحتضن الملايين منهم معززين مكرمين فى بيوت آمنة وبعضهم فى قصور عامرة دون أن نطالبهم بالعودة إلى بلادهم على الرغم مما يسببه ذلك لنا من أزمات إقتصادية وتجاوزات أمنية .. وعلى الرغم من ذلك نقول لهم إن مصر باقية شامخة راسخة وسوف تظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وتحيا مصر .. وللحديث بقية.









